الفصل السابع

205 24 2
                                    

جلست السيدة منى ثم جلس خالد، وانتظر أن تتحدث المرأة التي كانت مترددة في البداية، ثم تحدثت بصوت خافت:

"مستر خالد، أعلم أنك مشغول جداً، ولا وقت لديك للحديث، ولكن...".

نظرت المرأة إلى الأسفل والدموع تجتمع في مقلتيها:

"ولكني لم أعد أقوى على الانتظار مدة أطول من تلك".

أكملت بنفاذ صبر:

"صدقني لم تعد لدي الطاقة أو الرغبة لذلك".

نظر خالد الذي كان منتصتاً إليها بهدوء، وضيق عينيه ببرود:

"سيدة منى أنت تدركين أن هذا الأمر حساس جداً؟".

نظرت المرأة بلهفة متجاهلة نظرته التي أثارت الصقيع في جسدها:

"أعلم ذلك! ولكن هذه المشاعر ليست بيدي، لا أستطيع التحكم فيها ولا أكف عن التفكير يوماً بعد يوم، أليس من الأفضل أن يتم حسم هذا الأمر في الوقت الحالي؟".

أضافت وهي تتهرب من نظراته الثاقبة:

"أقصد أن الانتظار وقتاً أطول من ذلك ربما لا يكون في صالحنا".

"لا يكون في صالحك أنت يا ست منى، أليس كذلك؟".

باغتها خالد ورمقها بنظرة جافة وهو يرفع حاجبيه، ثم ارتخت تعابيره وقال:

"على كل من أخطأ أن يتحمل نتيجة أخطائه".

قالت منى باحتجاج:

"مستر خالد أرجوك لا تكن قاسياً علي وتبدأ في لومي، ألا تشفق على امرأة في مثل حالي!".

كانت منى مصدومة من هذا الأسلوب الجاف الذي اتبعه خالد في الحديث معها، كما أن نظرات السيطرة والتمكن الواضحة على تعبيراته المتشددة أرهبتها، مما جعل منى تتمنى لو يكن الأمر بيده. قطع الرجل أملها وقال بوضوح قاسٍ:

"سيدة منى، يبدو أنك تفهمين الأمر بصورة خاطئة، أنا لا الومك على أخطائك أو اختياراتك، فهذا الأمر لا يخصني من الأساس، وأنا لست إلهاً أو حاكماً والعياذ بالله لأتبنى هذا الفكر الغير سوي، أنا فقط أفكر في طريقة التعامل مع تبعيات اختياراتك، ما نحن فيه الآن هو نتيجة لتلك الأختيارات، والموقف الذي تضعيني فيه في صورة الإنسان القاسي هو اتهام ظالم لي، لمجرد أنني لا أرى أن هذا الوقت المناسب لتصحيحه".

نهض خالد من مكتبه وتجول بهدوء في الغرفة وهو يقول:

"أنت لا يهمك سوى ترتيب الأمر ليكون مرضياً ومناسباً لك بغض النظر عن النتائج، وأنا لا يهمني أي شيء سوى صحة الأطفال النفسية، هؤلاء الأولاد نشأوا هنا مع بعضهم البعض، ولا منزل لديهم إلا هذا، هذا الخبر سيزلزل سكون أحدهم وبالتالي تتعقد المسائل بينهم، انتظري قليلاً يا ست منى حتى ينضجوا بشكل كافٍ"

الـمنزلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن