[رسالة واردة بتاريخ ؟؟/؟؟/؟؟؟؟
المرسل: مجهول
ليس لدي رد خاص على سؤالك، لأنني لم أر يومًا الوحدة من منظورك الخاص، ربما لأنني أتجنبها دائماً ولا أدع لنفسي مجالاً لأفهمها، وكيف أفهمها وأرى فيها جانباً ايجابياً وأنا وعيت على الخوف منها، لا أرى الوحدة إلا وحش خفي يختبئ في ظلال الليل، ينتظر لحظة ضعف ليقتحم الحصن الذي بنيته من حولي، ليذكرني بأنني وحيد لا أصل لي ولا قرار، هكذا أراها. في الواقع لقد فكرت بعمق في رسالتك وتساءلت إن كانت لدي المقدرة التي تجعلني استخدم وحدتي في الشفاء، هل أستطيع استخدام الوحش الذي يهددني كل يوم لأفهم نفسي واتواصل معها؟ ليست لدي اجابة].
***
فتح خالد الستارة بقوة وهو يشعر بنشاط عظيم يدب في جسده الذي كان ضعيفاً منذ يومين، كان صباحاً مشرقاً لامعاً والشمس تستقبله بأشعتها الذهبية الدافئة. وقف يتأمل السماء الزرقاء الواسعة ويستنشق أول أنفاسه الصافية التي لا يعيقها المرض، وقف على حاله لمدة طويلة. بينما هو مستغرق في التفكير، لمح عبدالله يأتي من بعيد وبيده كيس باللون الأسود، كان الفتى ينظر حوله بريبة، وبعد تفقده المكان واطمئنانه، اتجه وراء إحدى الأشجار وانحنى ولم يستطع خالد رؤية المزيد، بقي الفتى لمدة عشر دقائق وراء الشجرة وفجأة لمح خالد هرة صغيرة تركض والفتى يركض وراءها حتى لحقها بجوار النافورة وانحنى يلاعبها، ابتسم الرجل وهو يتابع المشهد اللطيف، ثم لمح سالي تخرج من المطبخ وتقترب من الطفل بحيرة وهي تناديه، لم يسمع خالد الكلمات القليلة التي تبادلوها، ولكنه لمح القطة تجري بذعر وعبدالله يلحقها حتى أضاعها، عاد الفتى إلى سالي وبفطرته تنبأ خالد بالأسوء فاعتدل في وقفته تلقائياً، وهو لا يصدق ما وقع الآن أمام عينيه. عبدالله دفع سالي في النافورة، فشمر خالد عن أكمامه، وركض خارج الملحق.
رمشت سالي بعينيها وقطرات الماء تتساقط من رأسها وتنزلق على رموشها وقسمات وجهها. لم تستوعب الشابة في تلك اللحظات ما الذي حدث. الأمر لم يستغرق ثانية ووجدت نفسها داخل نافورة الماء مبللة من رأسها حتى أخمص قدميها، والطاووس في منتصف النافورة تتناثر قطرات الماء من ذيله على رأسها، حاول عقلها استيعاب الموقف الذي تعيشه الآن، ولكنها كانت تقف في كل ثانية على حقيقة أن عبدالله دفعها في النافورة. الدفعة كانت قوية جداً ولولا ستر الله لكان ظهرها مكسورًا في تلك الثانية، رفعت كفها ببطء وحاولت مسح وجهها من الماء الذي ينزلق من رأسها، وأخيراً وضحت رؤيتها قليلاً ورأت الفتى يقف أمامها ونظرات الحقد والغضب تتطاير من عينيه، سمعها كان ضعيفاً بسبب الصدمة والماء ولكنه التقط نداءات تأتي من بعيد ولمحت فيها أسمها ينطق، ولم تمر ثوانٍ، وشعرت بأحد ما يسحبها من ذراعها بقوة ويخرجها من النافورة، وأثناء إخراجها آلمها جسدها بقوة وخاصة ظهرها، اتزنت قدميها على الأرض العشبية بمساعدة الشخص الذي سحبها. كانت حواسها مصدومة لتستوعب هوية هذا الشخص، ولكن بعد عدة ثوانٍ سمعت اسمها بوضوح وبصوت ممزوج بقلق:
أنت تقرأ
الـمنزل
ChickLitفي عالم يعجّ بالصراعات والأحلام المحطمة، تقرر سالي، الطبيبة الشابة، أن تتخلى عن كل ما أنجزته في مسيرتها الأكادمية. خطوة جريئة تترك بها المستشفى خلفها، لا بحثًا عن الراحة بل عن شيء أعمق. تتقاطع خطواتها مع منزل كبير يحتضن أرواحًا صغيرة بلا أهل، تحت رع...