_______________- "عُديّ".. احنا لازم نتطلّق!
كان ينظرُ لها بعدم استيعاب، ويكأنها تقولُ حديثاً من المَرّيخ..
وما لَبثَ أن سألها مُراوِغاً:
- "ريتاچ" أنتِ بتعيّطي ليه؟ قوليلي بصراحة، فيه حاجة حصلت وأنا مش موجود!فأجابته وهي تبكي بحِدّة، تُدرِكُ الآن فقط ما أوقَعت نفسها به:
- "شهاب" خيّرني بين إني أدفعله فلوس، أو أتطلّق منك.. في مُقابل إنك تخرج من السجن!- وأنتِ اختارتي الطَّلاق! بقيتِ بالظبط كالمُستجير من الرمضاء (الحَرّ الشَّديد)، بالنّار!
مقدرتيش تستحملي الجَلد والسّياط اللي هنا، وقولتي عند "شهاب" أرحم؟!صاح بها "عُديّ" بحِدّة وانفعال، خاتِماً حديثه بسُخرية وتهكمٍ واضحَين!
وما لبث أن أدركَ شيئاً، فسألها بغضبٍ تملَّكَ من جوارحه:
- وبعدين مين أصلاً اللي قال إني عايز "شهاب" يتدخّل؟ ليـه اتكلّمتي مع الـ***** ده وأنا مش موجود!ولم يُدرِك أن صوته كان عالياً، إلا عِندما سمع صوت "يُوسُف" الذي استيقظ فَزعاً..
واحتدادُ بُكاء "ريتاچ"، التي وضعت كفّيها على وجهها تُحاوِل كبت شهقاتها التي بدأت في الارتفاع..زَفر "عُديّ" بحِدّة من نفسه.. فهو لم يُرِد أن يفقد سيطرته على ذاته وغضبه..
ولكنها غبيّةٌ، ومُتهوّرة!احتضن "يُوسُف"، وهو يُهدّئه.. ثم همس له أن يترك الغُرفة ليتحدّث قليلاً مع والدته..
تابع "عُديّ" بعينيه خروج الصَبيّ من الغُرفة، حتىٰ رأى الباب يُغلَق..
قامَ من السَّرير، مُقترباً من موضع جلوسِ "ريتاچ" وهو يعرج قليلاً..جلس بجانبها، ثم أخذ نَفساً عميقاً مُحاوِلاً ان يتمالك غضبه قدر المُستطاع.. وقال بضِيق تُعبّرُ عنه ملامحه قبل نبرة صوته:
- احكيلي اللي حصل، وخلّاكِ تعرّضي نفسك وابنك للبَلوة دي!كانت لا تزالُ تَبكي بحِدّة، وهي تشعرُ بالغضب..
بالغضب من ذاتها، أنها تهوّرت!
ومن "عُديّ"، لتعنيفه لها ويكأنها صغيرة!
ومن "شهاب"، لحقارته!رأى "عُديّ"، أن صمتها قد طَالَ بسبب إكمالها للبُكاء..
فزفر بقوّةٍ، ثم مَدّ يده يحتضنُ كَفّيها بحزمٍ حَنون وهو يقول بخفوت:
- اهدي طيّب، أنا بعتذر إني تجاوزت حدودي واتعصّبت عليكِ.لم تُجِبه بشيء، وما زالت تبكي.. فعَلِم هو أنها ما تزالُ غاضبةً منه، وهذا حقّها!
فهي لم تَلجأ إليه، وتحتَمي بِه من أذيّة البَشر.. ليأتي هو ويُعنّفها!
وفي ثوانٍ، خَطر بباله أنّه حين كانت والدته تغضبُ مِنه، ويرغبُ بصُلحها.. يحتضنها ويُمازِحها..
أنت تقرأ
خَطّانِ لا يَلتقيان!
Romanceكان هو كالماء.. هادئاً، ساكِناً.. مُستقرُّ الحياةِ والأفكار! وكانت هي كالهَواء.. لمّا حَركت ذاك الماء برِياحها العاتية.. أصبح أمواجاً عاليةً، ودوّاماتٍ ساحِقة! ولِمَ ذلك التَّعقيد؟! لِمَ لا نَقولُ مُباشرةً أنهما خَطّان! وبعضُ الخُطوطِ يستحيلُ التق...