قشور الطبيعة .
اكتشفت أن العصا ليست مجرد أداة، بل هي جزء من هويتي الجديدة. استخدمتها مع أبي في حديقة المنزل، وكانت تجربتي الأولى في استكشاف الأماكن .
أمسكت عصا الرؤية، وبدأ أبي يعلمني كيفية المشي وتحسس الأشياء بها في حديقة المنزل. شعرت بسطور الطبيعة تتشكل حولي، رغم أنني لا أستطيع رؤيتها. كانت أوراق الأشجار تتلاعب بفعل النسيم، وأحسست بلمسة النسيم الخفيف يحمل لي أصداء العالم.
مشيت ببطء، ماسكة بالعصا التي تبدو كأنها صديقتي الوفية، تفتح لي أبوابًا لم أكن أعلم بوجودها. بدأت أتلمس الأرض، وكل جذع أو حجر كان يحمل معه قصة.
يالها من تجربة غريبة! تبسط حواسي الأخرى، تفتح لي عنوة أبوابًا كنت أعتبرها مغلقة. ذاك الشعور بالانغماس في عالم مختلف يجعلني أدرك مدى قوة ما أفتقده. كنت أستطيع تمييز أصوات الطيور التي تغرد بشغف، وآهات الرياح التي تتسرب بين الأغصان. كل صوت يسرد حكاية مختبئة في ثنايا الطبيعة. كلما توغلت في حديقة المنزل، زادت رغبتي في تعلم تفاصيل جديدة عن العالم من حولي.
تسائلت في نفسي: كيف يمكن للناس أن يعتبروا كفائتي عائقًا؟ وهل بإمكانهم حقًا أن يروا ما لا أراه ؟ شعرت بالعزلة، لكن مع كل خطوة على العشب، كنت أستطيع الشعور بالحرية تتسلل إلى روحي. العوالم الأخرى، التي لم ألحظها من قبل، بدأت تنبض بالحياة في خيالي.
تلمّست قشور الأشجار الخشنة، وأحسست بملمسها القاسي يروي لي قصة عمرها. تساءلت: كم من العواصف تحملت؟ كم من ربيع تزينت به؟ في كل جذع، في كل عرق، كانت هناك حكايات مهملة عن الصمود والتكيف، شعرت بتعاطف الطبيعة معي .
ذهبنا إلى جانب الحديقة حيث توجد بركة صغيرة. سمعت صوت مياه تتراقص، كأنها تدعوني لتقريب يدي إليها. لمست حافة البركة، شعور منعش حين لامس الماء البارد أصابعي.

أنت تقرأ
COLOURLESS
Historia Corta• مكتملة • هل فكرت يومًا ما الذي يعنيه أن تتجرأ على الغوص في الأعماق بلا بصر؟ تخيل كيف يكون التنفس في فضاءٍ خالٍ من الألوان. قصة جسدي الذي يتجول في عوالم لا يراها، بل يشعر بها. بأعينٍ مغمضة، لكن بروحٍ تتوهج بحكايات لا تحصى. من أعماق غير مرئية، أ...