أبيض .

126 31 2
                                        

ظلال الحب.

صبيحة يوم العرض،  دق الباب برقة،  فتحت الباب ببطء، فوجئت بوجود ساعي البريد، أخبرني بأن طردًا ينتظرني، طرد يحمل في طياته شيئًا لم أختبره من قبل.

شعرت بشيء من الارتباك، فقد كانت تلك اللحظة تحمل عمقًا أكثر مما أتوقع. لا يمكنني وصف شعوري، كان اختلاط الأمنيات والقلق والشغف. لأول مرة، يكون شيئ لي، يُرسل مخصوصًا لي.

إنها المرة الأولى التي تصلني فيها هدية، حديثة العهد بالألوان، بعيدة عن عتمة العالم الذي أعيش فيه. انتابني شعور غريب؛ هل كان هذا الطرد مجرد هدية، أم تذكارًا للماضي؟ أسئلة تجولت في ذهني؛ هل كان هناك من يراقبني من بعيد، يتأمل حياتي ويخشاني وحدتي؟ أو لعله تعبير عن اهتمامٍ خفي، يغلفه الحب والحنان.

كل لمسة، تثير شوقي لمعرفة من يقف خلف هذا الطرد. في خُطىً سريعة، تسللت إلى غرفتي . أسابق لهيب الفضول .، تسلل إلى أنفي رائحة زهور، رائحة حية. مضيت ببطء نحو الطرد، مشاعر متداخلة تأخذني في دوامة من الفضول.

تلمست السطح البارد للعلبة، شعرت بخطوط الرزم الناعمة،  بدأت بفتحها بحذر، وقلبي يخفق بتوتر. أول ما لمسته كان باقة من الورود مختبئة بين طيات الطرد ، أعجبني شكلها وهي مدفونة بين الفخامة والعبق. لمست بتلاتها برفق .لم أستطع رؤيتها، لكنني تخيلت الوانها؛ قد تكون حمراء، زهرية أو حتى بيضاء. ذات عطر فاتن . 

ثم كانت المفاجأة التالية، فستان. شعرت بقماش ناعم وحريري، تداعب أناملي بمسامه الدقيقة، وكأنني أستشعر أطياف الألوان المنسوجة فيه. شعرت  بشيء من الرقي والنقاء و الأنوثة، كما لو كان يحمل معي حلمًا لم يُحقق بعد. تأملت الفستان بينما كنت أغمر نفسي في تخيلات جماله؛ خفة القماش، التصميم المتناغم، وراحة اللمس التي تعكس جزءًا مني ظننت أنه تاه . فتعالت في نفسي أحاسيس مختلطة، من الشغف والرغبة في ارتدائه،

عقب ذلك أحسست بشيئ في ثناياه ،  كان هناك ورقةٌ غريبة، تحسستها فأدركت أنها رسالة مكتوبة بلغة برايل. عندما بدأت أستشعر النقط الصغيرة تحت أصابعي، أتلمس كل حرف .

"تألقي باللون الأبيض، فأنت نجمة الليلة - إيفانور". 

أستحضرت طيف كاتب الرسالة . تخيلت السيد إيفانور واقفا أمامي ، يقرأ ما كتب لي .خطر لي أن هذه الدعوة هي بداية رحلة جديدة.

انهمرت دموعي ، ليست حزنًا، بل شكرًا للكون الذي أهداني هذه اللحظة . كنت أحلم، أبتسم وأتمنى . لم أحس بالوقت يمضي، إحساس الانفصال عن العالم الخارجي يتسلل إلى أعماقي .

فجأة، ارتجَّ باب المنزل بدقات خفيفة تنبهني من غفوة تأملاتي العميقة. فتحت الباب بحذر، وسمعت صوتًا رجوليا مألوفًا يدغدغ مسمعي :

"مرحبًا، أردت أن أحظى بشرف مرافقة نجمة الليلة إلى حفلتها." 

ابتسامة غير مرئية تتسلل إلى شفتي.

COLOURLESS حيث تعيش القصص. اكتشف الآن