الفصل السابع : مِفتَاحٌ مَدفُون

307 52 119
                                    

في أعماق الليل بينما كان القمر يختبئ خلف السحب الكثيفة، كان فيليكس غارقًا في نومه محاصرًا في كابوس غريب وكأنه نافذة نحو ماضٍ مجهول.

طفل صغير يركض بلا توقف وسط عشب طويل للغاية يمتد إلى ما لا نهاية، الغابة من حوله مظلمة إلا أن أضواء غريبة باردة وقاسية كانت تمزق العتمة.

أصوات مجهولة تتردد في كل مكان قادمة من الظلال "لا تدعوه يهرب!"، "أمسكوه!"، كانت الأوامر واضحة كأنها تطارده من كل اتجاه.

في وسط الفوضى يد صغيرة ودافئة كانت متمسكة بيده بقوة، طفل آخر أكبر بقليل يركض بجانبه، لم يتبادلا كلمات لكن الرابط بينهما كان قوياً و مهربهما كان مشتركًا وكأنهما يقاتلان نفس العدو الذي لم يظهر وجهه.

وصلا إلى جرف شاهق يطل على نهر مضطرب و توقفت أقدامهما للحظة بينما كانت الأضواء والصيحات تقترب أكثر، التفت الطفل الآخر إلى فيليكس وعيناه مليئتان بالتصميم والإرادة، و قبل أن يتمكن فيليكس من فهم ما يجري دفعه الطفل بقوة نحو الحافة.

شعر فيليكس بجسده يسقط ببطء في الهواء، الرياح تعصف بوجهه وعيناه تراقبان الطفل وهو يبتعد، يركض عائدًا نحو المجهول إلى أن اختفت الأضواء والصيحات في صمت مدوٍ لحظة ارتطامه بالنهر.

استيقظ فيليكس فجأة، أنفاسه متسارعة ويداه تبحثان في الهواء عن شيء لتتمسك به، الغرفة مظلمة وهادئة لكن صدى الأصوات والمشاهد ظل يرن في عقله.

كان يعلم أن هذا الكابوس ليس مجرد حلم بل ظل لذكرى بعيدة مدفونة في أعماق روحه.

استيقظ فيليكس على وقع الكابوس الذي لم يزل يسيطر على ذهنه، خطواته متثاقلة وهو يتجه نحو غرفة الطعام.

وجد سام جالسًا هناك كعادته، كوب القهوة بين يديه ووجهه البارد يطل على اللاشيء كما لو أن العالم مجرد صورة باهتة لا تستحق انتباهه.

وقف فيليكس للحظة يراقب الهدوء المزعج قبل أن يندفع بالكلام نبرته تحمل غضبًا مكتومًا وألمًا لم يستطع إخفاءه.

من قتل والدتي؟ ولماذا تم إرسالي إلى ميتم في مدينة أخرى بينما هناك العديد في باريس؟ هذا غير منطقي، أليس كذلك؟

لم يُجب سام و لم يبدُ حتى أنه تأثر بما قيل لكنه رفع عينيه ببطء نحو فيليكس و ظل ينظر إليه بصمت، عيناه تتحركان بخفة كأنهما تدرس تفاصيله بعناية تتنقلان بين نقاط غير مرئية وكأنه يصارع ذاته للتراجع.

طال الصمت حتى بدا وكأنه ثقل إضافي في الغرفة قبل أن يُشيح سام بعينيه أخيرًا وكأنّه انتزع نفسه بالقوة من تأمله و قال بنبرة هادئة خالية من أي انفعال.

SON OF A BITCHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن