الفصل الخامس عشر : نُدُوبٌ زَائِفَة.

826 79 65
                                    

حين عاد سام إلى القصر، كان الهدوء يغمره كأنه جزء من بنيانه، لم تكن هناك أي حركة تُذكر مما جعله يظن أن الجميع مشغولون بأمورهم المعتادة و توجه مباشرة إلى غرفة فيليكس إذ اعتقد أنه سيجده هناك كما هو معتاد، جالسًا بصمته المعتاد الذي يثير حيرة سام في كثير من الأحيان.

فتح الباب ببطء لتستقبله الغرفة الخالية فحدّق للحظة في السرير المرتب بعناية وفي الكتب المرتبة بدقة على الطاولة لكن لا أثر لفيليكس فترك الغرفة وأخذ ينادي اسمه بصوت منخفض لكنه واضح.

فيليكس؟

صدى صوته تلاشى سريعًا في أروقة القصر ولم يأتِ أي رد فبدأ بالبحث عنه في الأماكن التي اعتاد أن يجده فيها، مكتبة القصر، قاعة الموسيقى، وحتى المطبخ لكن جميعها كانت خالية و أثناء بحثه صادف كبير الخدم في أحد الممرات.

وقف الرجل المسن بحرج رأسه منحنٍ وكأنما يحاول تجنب مواجهة سام لكن سام لم يكن من النوع الذي يُغفل التفاصيل لذا وقف أمامه وعيناه الباردتان تراقبان بحذر قبل أن يقول بحدة منخفضة لكنها مشحونة بالغضب المكبوت.

ألم أخبرك أن تحزم أمتعتك وتغادر؟ إن تأخرت أكثر قليلًا قد ينفد صبري وأدفنك تحت الأرض التي سقيتها بالدماء.

ارتجف كبير الخدم واللون غادر وجهه كأنما صُدمت روحه بعبارة سام ومع ذلك تمكن بصعوبة من الإجابة عندما سأله الأخير عن مكان فيليكس.

سيدي... كان في الحديقة طوال اليوم.

لم يُضف سام أي تعليق و ألقى نظرة باردة على الرجل قبل أن يتركه واقفًا في مكانه ويتجه نحو الحديقة بخطواته الواثقة والثابتة، لكنها تحمل في طياتها توترًا غير مرئي.

حين وصل إلى الحديقة كانت خالية تمامًا دون أثر لأي حركة فقط صمت الأشجار وهمس الرياح بين أوراقها، مشى سام بين الممرات المظللة و تفحص المقاعد، الأركان، وحتى الزوايا التي عادةً ما يفضلها فيليكس لكن لم يكن هناك أحد.

وقف وسط الحديقة يدور بعينيه الباردتين على كل زاوية كأنه يبحث عن شيء مفقود لكن داخله كان هناك شعور غريب يعتمل، غضب؟ ربما، لكنه كان أشبه بخوف خفي لا يعترف به.

شد قبضتيه ببطء وهو يحاول استجماع أفكاره فقد كانت فكرة اختفاء فيليكس غير قابلة للتصديق بل مستفزة وكأن جزءًا من خطته قد انحرف عن مساره.

لكنه كما هو دائمًا أخفى ذلك تحت قناع البرود المعتاد وبدأ يفكر بعمق في الخطوة التالية.

كان سام يمشي نحو باب القصر بخطوات حادة وثقيلة وكأن الظلام الذي يحيط به يمتد من داخله، ملامحه كانت جامدة لكن الهالة التي تحيط به كانت كفيلة بأن تجعل الهواء في المكان ثقيلًا على الأنفاس، حين وصل إلى الخارج وقف أمام سيارته ناظرًا إلى رجاله المتراصين أمام الباب أعينهم تتجنب النظر مباشرة إليه فصرخ بصوت كالصاعقة، حاد وناري يكفي لجعل الأرض تحت أقدامهم ترتجف.

SON OF A BITCHWhere stories live. Discover now