في فجر كل يوم، كان سام هوانغ يستفيق من نومه كما لو أن جسده لا يتفاعل مع الزمن، فقط ينبض بالحياة بدافع الحاجة لا أكثر.
كانت الغرفة التي يستيقظ فيها مظلمة، معتمة بضوء خافت يتسلل من خلال الستائر الثقيلة وكأن كل شيء من حوله يرفض أن يضيء، وكأنما كان يفضل العيش في الظلال.
ينهض ببطء، جسده متناسقًا ومتينًا لكنه لم يشعر بأي نوع من الراحة أو الاندفاع، كانت الحركات التي يقوم بها آلية، لا حاجة للتفكير في أي شيء فقد كان كل شيء يأتي إليه تلقائيًا.
لا ملل كان يساوره، ولكن لا شيء كان يثيره أيضًا، كانت حياته مجرد سلسلة من الأفعال المتواصلة.
ملابسه التي يرتديها بنفس الطريقة كل يوم، الطعام الذي يتناوله لأنه يجب عليه ذلك، والتدريب الذي يؤديه فقط ليظل كما هو.
كان يعرف جيدًا كيف يتحكم في جسده، كيف يجعله يبدو مثاليًا في كل لحظة، لكن هذا كله لم يكن يعني شيئًا له.كان فارغًا من الداخل، لا شفقة و لا رحمة ولا حتى رغبة في التغيير، كانت الحياة بالنسبة له مجرد مسار يجب أن يمضي فيه كما تمليه قواعده الخاصة.
لم يكن يملك أي مشاعر تجاه ما يحدث من حوله فكان الأشخاص الذين يلتقيهم مجرد أدوات في لعبة كان هو اللاعب الوحيد فيها، لا أحد كان مهمًا له بما فيه الكفاية ليشعر تجاهه بشيء.
كان يحيط نفسه بأشخاص يثق بهم لكن تلك الثقة لم تكن لتتجاوز حاجز المصلحة،كان يتعامل معهم بحذر ولكنه كان يدرك تمامًا أنهم جميعًا مجرد فصول في قصة طويلة، قصة لا تعني له سوى اللحظات التالية.
وفي اليوم الذي يلي الآخر كان روتينه لا يتغير، استقل سيارته ليذهب إلى مكتبه حيث تنتظره ملفات وتقارير يجب مراجعتها لا تساؤلات عن ما هو مهم أو غير مهم، كل شيء له مكانه وزمانه في هذا النظام الذي خلقه لنفسه.
كانت يديه تتحركان بسرعة فوق الأوراق كما لو أن الوقت لا يعني له شيئًا، لكنه كان يعلم أن كل كلمة وكل رقم فيهما يعني جزءًا من الصورة الأكبر التي كان يراها بوضوح. لا إزعاج في ذلك، ولا أمل.
لا شيء كان يزعجه ولا شيء كان يثقل قلبه، لا مشاعر إنسانية حقيقية كانت تشاركه حياته، فقط هيمنة العقل على كل شيء وتنظيم الأمور كما يجب أن تكون.
كان بعيدًا عن أي شعور عاطفي كأنما تم نزع ذلك منه منذ زمن، لم تكن الوحدة تزعجه بل كانت جزءًا من كينونته كما لو أنه خُلق ليكون وحيدًا، ولكن هذا لم يكن يثير فيه أي قلق أو حزن فقد كان يعيش داخل جدران نفسه بلا صراع مع الداخل أو الخارج.
أنت تقرأ
SON OF A BITCH
Hayran Kurguفيليكس مواطن إيطاليّ و موظّف مثالي يسمع حديثا لا يتوجّب عليه سماعه و ينتهي به الأمر بقبضة زعيم المافيا الكوري البرازيلي هوانغ سام. " كان مجرد طفل لا يفهم العالم كما يفهمه الآخرون، عالم مشبع بالمشاعر التي كانت بالنسبة له ألغازًا لا يستطيع فك شيفرتها...