الفصل الواحد و العشرون: وَعدُ الخَائِن

773 65 60
                                    

وسط المطبخ الدافئ كان فيليكس يقف بخفة بين الخدم يرتدي مئزرًا أبيض يعكس ملامح وجهه اللطيفة، كانت رائحة الزبدة والفانيليا تعبق في المكان بينما كان يضع صينية الكوكيز بعناية في الفرن متجاهلًا الملل الذي تملّكه.

غياب سام عن المنزل جعله يشعر بفراغ لم يستطع السكر ولا الطحين أن يملآه، تنهد بصمت و مسح يديه بمنشفة قطنية ثم قرر أن يتجه إلى الحديقة الخلفية باحثًا عن نسمة هواء تنعش قلبه المثقل بالشوق.

بينما كان يخطو نحو الباب الزجاجي كانت الشمس على وشك الغروب  والهواء بارد بما يكفي ليلسع وجنتيه فمد يده ليفتح الباب ولكن فجأة ودون سابق إنذار انكسرت النوافذ بضجيج مدوٍّ و الزجاج تناثر كعاصفة غاضبة اجتاحت المكان.

شعرت الحديقة وكأنها ابتلعت أنفاسها للحظة ثم انفجرت في فوضى صاخبة.

التفت فيليكس بسرعة والعالم حوله بدا وكأنه يتحرك ببطء حيث أن قطع الزجاج الصغيرة اخترقت الهواء كسهام مسمومة بعضها خدش وجهه الرقيق تاركًا خطوطًا صغيرة من الدماء وأخرى جرحت يديه الهشتين اللتين ارتفعتا تلقائيًا لتغطيان رأسه.

الألم كان طفيفًا لكنه أشعل داخله شعورًا بالخطر لا يحتمل.

ارتجف جسده لكنه قاوم الخوف الذي كان يتسلل إلى أعماقه و أدرك أن عليه التحرك، أن يهرب قبل أن تتضح هوية هذا التهديد الغامض.

ركض بكل قوته نحو الرواق، حذاؤه المنزلي ينزلق قليلاً على الأرضية الخشبية الملساء و تنفّس بسرعة الهواء يملأ رئتيه وكأنه يحترق حتى وجد نفسه أمام باب غرفة بدت مألوفة وكأنها تحمل ذكرى قديمة دفينة.

دفع الباب ودخل بخطوات مترددة يجر أنفاسه الثقيلة خلفه، الغرفة كانت شبه مظلمة وأثاثها يعكس أناقة هادئة من الماضي وبعد أن ألقى نظرة سريعة على المكان اندفع نحو أريكة ضخمة في الزاوية و انحنى خلفها يجاهد ليُخفي جسده المرتعش عن الأنظار بينما كان قلبه ينبض بعنف كأنه يريد الهرب من صدره.

الصمت الثقيل الذي خيم على الغرفة كان أكثر رعبًا من صوت الرصاص الذي ملأ المنزل قبل دقائق و فيليكس الذي كان يجلس خلف الأريكة ضم نفسه بقوة محاولًا أن يشعر بالأمان وسط خوفه المتزايد.

جسده الصغير كان يرتجف بشدة والدموع انهمرت من عينيه دون توقف، لم يكن يعلم ما الذي يحدث خلف الباب لكنه كان يسمع أزيز الرصاص المستمر وكأنه يقترب أكثر مع كل لحظة.

ثم، صوت رصاصة اخترق باب الغرفة جعلت جسد فيليكس يرتعد بقوة وكتم أنفاسه عندما بدأ الباب يُفتح ببطء صريره يكسر الصمت، كانت خطوات ثقيلة تتقدم نحو الداخل و كل خطوة كانت تزيد من توتره.

SON OF A BITCHWhere stories live. Discover now