الفصل السادس : رُؤيَةٌ مَكسُورَة

278 52 48
                                    

في صباح اليوم التالي استفاق فيليكس باكرًا لكن هذه المرة كان هناك شيء مختلف في روحه، لم يشعر بالتوتر أو الارتباك المعتاد بل شعر وكأن عقله خفّ بعد ليلة من التفريغ.

استغرق لحظة لينظر من نافذته حيث كانت أشعة الشمس تشرق ببطء تُضيء الأرض وتنعكس على قطرات الندى التي ترقد على أوراق الأشجار، الهواء كان عليلًا وكانت أصوات الطيور تملأ الفضاء من حوله.

قرر أن يقضي بعض الوقت في الحديقة بعيدًا عن كل شيء يربطه بالواقع الصاخب فارتدى ملابسه بهدوء وتوجه إلى الخارج يخطو في الطريق الضيق المؤدي إلى الحديقة العامة، كانت خطواته بطيئة وكأن كل خطوة تأخذ منه جزءًا من العناء الذي تراكم في عقله طوال الأيام الماضية.

عندما وصل استلقى على العشب الأخضر الناعم مستمتعًا بهدوء المكان، كانت السماء صافية والشمس بدأت ترسل أشعتها الذهبية عبر الأشجار.

في البداية، حاول أن يصفّي ذهنه من كل شيء لكنه شعر بأن الفراشات التي تحلق حوله تثير شيئًا غامضًا في ذاكرته، كانت تحوم فوقه و تعبر من بين الزهور في تنقلات خفيفة تلمس الهواء بأجنحتها الهشة وكأنها لا تلمس الأرض إلا بشكل خفيف.

كل شيء حوله بدا هادئًا بشكل غير طبيعي حتى أصوات الرياح التي كانت تداعب الأشجار كانت تبدو وكأنها تروي له قصة من الماضي، بدأ فيليكس يغلق عينيه و يترك نفسه يذوب في هذا السكون الذي يشعر فيه وكأن الزمن توقف.

في تلك اللحظة لم يعد هناك شيء سوى رائحة الزهور وأصوات الطبيعة التي تعانق قلبه، كان كمن يهرب من نفسه و يبحث عن ملاذ في هذا الصمت عله يجد في هذا العالم الصغير الراحة التي افتقدها.

بينما كان مستغرقًا في هذه اللحظة الهادئة، شعر بشيء ما يعكر صفوه، عينيه التقطت حركة في الزاوية البعيدة للحديقة حيث كان سام يراقبه من بعيد من على البلكونة واقفًا دون حراك عينيه ثابتتين عليه.

كانت ملامحه باردة وعيناه لا تُظهر أي تعبيرات وكأن قلبه لا يحركه ما يحدث، في تلك اللحظة لم يعرف فيليكس ما الذي يشعر به حيال ذلك، هل كان سام يراقبه من باب الحذر؟ أم أن هناك شيئًا آخر يختبئ وراء هذه النظرة؟

بينما كان فيليكس مستمرًا في استلقائه على العشب عادت إليه أفكار اليوم الماضي ولكن هذه المرة بطريقة أكثر وضوحًا، كانت الأسئلة التي بدأ يربطها في ذهنه تزداد وضوحًا.

فكر في الرجل الذي ناداه بـ "ليلي الصغير"، وفكر في الكلمات الغامضة التي قالها سام في الطائرة، الآن بدأ يربط هذه اللحظات ببعضها البعض وكأن حافة الحقيقة تقترب منه خطوة بعد خطوة لكنه قرر أن لا يفسد اللحظة أكثر من ذلك، وبدلاً من التفكير في كل ما يحدث حوله قرر أن يترك نفسه للراحة على أمل أن تجلب له الأيام القادمة الإجابات التي يبحث عنها.

SON OF A BITCHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن