فيليكس استيقظ مع أولى خيوط الفجر التي تسللت عبر ستائر غرفته الثقيلة شاقّة طريقها بصمت بين ظلال الليل التي بدأت تنقشع.
جلس على سريره للحظات حيث مسح وجهه بيديه وأخذ شهيقًا عميقًا كأنما يحاول استيعاب يوم جديد. نهض أخيرًا وفتح النافذة الكبيرة المطلة على الحديقة. هواء الصباح البارد تسرّب إلى الغرفة مليئًا برائحة الطبيعة المبتلة بندى الليل، ارتدى عباءته الصوفية بخفة وغادر غرفته متجولًا في أروقة القصر.
كان القصر هادئًا، يغمره الصمت الذي لا يعكره سوى وقع خطواته على الرخام البارد، الجدران المكسوة باللوحات والتحف القديمة بدت مألوفة ومهيبة في آن واحد، كل زاوية تحمل ذكريات طواها الزمن ومع ذلك ظل فيليكس يسير وكأنه يبحث عن شيء مجهول، ربما إجابة، ربما شعور لم يدركه بعد.
بينما كان يتجول بلا هدف واضح وجد نفسه فجأة في البلكونة الواسعة التي تطل على الحديقة الخلفية للقصر، هناك وسط الصمت والهواء البارد كان سام يقف مستندًا إلى حافة البلكونة، سيجارة بين أصابعه ودخان يتصاعد ببطء نحو السماء الرمادية.
كان مشهد سام هادئًا للغاية حتى أنه بدا وكأنه جزء من الصباح ذاته.
التدخين مضر، لاسيما في هذا الوقت المبكر.
قال فيليكس بصوت خافت لكنه مسموع لكن سام لم يرد و اكتفى بنفث الدخان بهدوء وكأن الكلمات لم تصل إليه، عينا فيليكس تركتا سام لتتجولا عبر البلكونة نحو الحديقة.
هناك، كانت الفراشات تطير بخفة حول الورود الحمراء المتفتحة و المشهد كان ساحرًا بطريقة غير متوقعة، مزيجًا من الحياة الهشة والجمال الذي يبدو وكأنه يتحدى برودة الصباح.
صوت سام كسر الصمت أخيرًا لكنه لم يكن دافئًا، كان باردًا كالصقيع الذي يغطي أرض الشتاء.
ألا تذكرك تلك الفراشات بأي شيء؟
فيليكس الذي لم يتوقع هذا السؤال التفت إليه ببطء و حدق في سام للحظة ثم أعاد نظره إلى الفراشات.
هل من المفترض أن تذكرني بشيء؟
لم يرد سام. اكتفى بسحب نفس أخير من سيجارته قبل أن يطفئها بحركة بطيئة ومدروسة ثم دون أن يقول كلمة أخرى استدار وغادر البلكونة بخطوات هادئة وثابتة.
فيليكس بقي في مكانه ينظر إلى الفراشات التي بدت فجأة وكأنها تحمل لغزًا لم يستطع فك شفرته. لماذا سأل سام ذلك السؤال؟ ما الذي تعنيه تلك الفراشات بالنسبة له؟
لم يطل وقوفه كثيرًا فقد دفعه فضوله إلى اللحاق بسام و خطواته كانت حذرة لكنه لم يرفع عينيه عن ظهر الرجل الذي بدا وكأنه يحمل شيئًا أثقل من صباح عادي، كان سام يمشي بخطى مستقيمة وواثقة كأنه يعرف وجهته بالضبط بينما كان عقل فيليكس مشغولًا بتساؤلات لا حصر لها.
أنت تقرأ
SON OF A BITCH
Fanfictionفيليكس مواطن إيطاليّ و موظّف مثالي يسمع حديثا لا يتوجّب عليه سماعه و ينتهي به الأمر بقبضة زعيم المافيا الكوري البرازيلي هوانغ سام. " كان مجرد طفل لا يفهم العالم كما يفهمه الآخرون، عالم مشبع بالمشاعر التي كانت بالنسبة له ألغازًا لا يستطيع فك شيفرتها...