٠٠٤

3.7K 485 94
                                    

الفصل الرّابع

"أتعتقد أنّ الثلج سيهطل؟"
"أجل، ككلّ سنةٍ مضت." أجاب، وفي إيجاز ردّه تعبُ أرقِ اللّيل.
حينما لم تصدِر سمّاعةُ الهاتف صوتًا، اِستقام من محلّه الدّافئ على السّرير وسار نحو الباب موصدًا إيّاه بالمفتاح الذي وجده مرميًا تحت سرير والديه.

لم يكن من طبعه ولوج غرفِ الغير، حتّى وإن كانت غرف المنزل الذي يقطنه منذ نعومة أظافره، لكن يأس الأرق دفعه للبحث في كلّ ما لمحه بصره من مكانٍ يناسب حجم المفتاح.
كان الأمر أشبه بدوامةٍ تأبى الإنتهاء، حلقةٌ لا بداية لها ولا نهاية.. كانت خائفةً من فقدانه، فأخفت قطعة الحديد، كان خائفًا منهما، فوجدها.

لكنّه قد أغلق الباب الآن، وسيأمل في ليلةٍ هنيئةٍ.

"ماذا إن كانت هذه السّنة مختلفةً ولن نرى الثّلج فيها؟" توارى لسمعه هدوء صوتها، لعلّها كانت تحدّق بالسّماء وشردت متناسيةً أنّ شخصًا ما ينتظرها على الطّرف الآخر من السّماعة.. حدث هذا في العديد من المرّات على مرأى من تايهيونغ، لذا لم يمانع صمتها الطويل المفاجئ، طالما أنها ستعود إليه في النّهاية.

"أعتقد أنّنا سنفتقد بياضه، هذا كلّ ما سيحدث."
"هذا فحسب؟"
"أجل."
في أوقاتٍ مماثلة، كان تايهيونغ يتمنّى لو أنّه من الغالبيّة المهتمّة بالهوايات المختلفة، أيًا كانت ومهما كان مدى تفاهتها وسطحيّة وقعها عليه.. لعلّه لو اِشترك في نادي المطالعة لكان، في الوقت الحاضر، يحملُ كتابًا يروي قصّة الحبّ الأبديّة لروميو وجولييت، منتظرًا موعد طرق النّوم لبابه..
لعلّه إن اِستسلم لمحاولات جايهي بتسجيله في فريق كرة اليد لكان الآن مرهقًا طريح فراش النّوم، ولعلّه إن لم يُرزق بوالدٍ وافاهُ طيف السُّكر في ما سبق من سنواتٍ لكان على وفاقٍ عظيمٍ معه، النّوم.

لكنّ حاله سيظلّ حاله، إلى أن تترسّب أمنياته ورغباته في قعر الجرّة، وينساها.

"أخشى أنّك مخطئٌ، تاي."
إلى مضجعه السّالف عاد، متلحّفًا بدفء البطّانيّة، لكنّ داخله حافظ على بروده.
"لن نحظى برجل ثلجٍ هذه السّنة، ولن نستمتع ببنائه. لن نقيم حربًا ثلجيّةً ضدّ يونغي ولن نرى اِبتسامته تحت وشاحه الرّماديّ الثقيل.. لن نتذوّق فطيرة يقطين الثّلج الخاصّة بوالدتك، ولن نستطيع التزلّج. ناهيك عن العواقب النّفسيّة، لن أشعر بالشّتاء قطّ مالم تُثلج!"

"أتعلمين ما الذي يرعبني، جايهي؟"
"ماذا؟"
"أنّكِ تبدين جديّة للغاية أثناء قولكِ هذا."

أخذ طرف البطّانية وراح يجذبها نحو جسده، وقطرات المطر الطّارقة على زجاج نافذته قد جعلته يهزّ رأسه فورما فكّر في اِحتماليّة هطول الثّلج حقًا.
فقد كان برد المطر كافيًا.

كان المتحدّث الوحيد في محادثتهما، مجددًا، هو الصّمت.
نفسها الهادئ أنبأه باِحتمال كونها مبتسمةً، أو تحضيرها لردٍ مُنتقمٍ يشفي غليلها.. لكن في كلا الحالتين، كان اِصبع تايهيونغ جاهزًا لإنهاء المحادثة بالفعل.
"جاي، أنا تعبٌ. أعتقد أنني سأخلد للنّوم."
"حسنًا نيك."
"لا تدعي ثعالب السّرير تعضّكِ ليلاً."

نهاية الفصل الرّابع

شكرًا على الدّعم والتعليقات اللّطيفة يا رفاق، أنتم الأفضل 💛

جايتوبيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن