٠١٠

2.2K 341 90
                                    



الفصل العاشر

"متى اِرتفع سعر عصير البرتقال؟"

على عكس توقّعاتِ جايهي، وعلى عكسِ ما نُشِر عن أحوال الجوّ ليومِ الأربعاء، فقد كانت الحرارةُ مرتفعةً، على الأقلّ بالنّسبة إليها، ولكنزتها ووشاحها الصّوفيّين.

كانت منشغلةً بالتّحديق بالبائع المألوف، والذي لم يبدُ سوى في مقتبل عشرينيّاته، هزيل الجسد ناعس الملامح.
أخذ بدوره يبادلها التحدّيق، عاقفًا حاجبيه قاضمًا شفته، وقد بدا عليه الإرتباك.

كانت جايهي لتشعر بالإرتباكِ هي الأخرى إن تمعّنت في نبرتها، فهي لم تكن، في أيّ حالٍ من الأحوال، فتاةً جريئةً بإمكانها رفع صوتها فوق المستوى الطّبيعي، اللّائق.

لكنّ عبوّة العصيرِ، بين ليلةٍ وضحاها، قد اِرتفع سعرها بما يقارب الضّعف، ولم يساعدها تعرّقها على التحكّم بأيّ ردّةِ فعلٍ قد تبدر منها.

"إنّه ليس النّوع الذي قد اِعتدتِ اِقتناءه، فهذا النّوع أفضل."
"وأين هو عصيري؟"
"لقد نفِذ البارحة."

فارق نفَسٌ مرتجفٌ صدرها، ولم تدرِ تحديدًا، أكان السّبب هو اِستياؤها، أم اليد التي تجاوزتها وقامت بترك بضع أوراق نقديةً على السّطح الزجاجي.

"يا لكِ من بخيلة."
لم يتغيّر صوت تايهيونغ كثيرًا، لم يبدُ أن تقلّبات الجوّ قد خلّفت أثرًا جسيمًا عليه.

كان من الغريب الإلتفات نحوه، ومقابلةِ الوجه الذي قد حاولت تجنبّه لأربعةِ أيّامٍ متتاليةٍ.
وقد كان من الأغرب التفكير بما قد عاد عليها من تجنّبها إيّاه.. فلَم تشعر بالرّاحة التي أمِلتها، ولم يبدُ عليه ذلك، هو الآخر.

ومن حُسن حظّها أنّ المتجر لم يحوِ سوى زبائن قلّةٍ، لم يبالوا بتسمّرها في مكانها طويلاً.

"أوه.. تاي."
ولم تكن إجابةُ تايهيونغ سوى تأشيرةٍ صغيرةٍ من حاجبيه، وهمسٍ لا يكاد يُسمع: "عصيركِ."

***

"أين هو عصيري؟ حقًا؟"

اِفترّت شفتا جايهي عن اِبتسامةٍ واسعةٍ، مخفيةً وجهها بين يديها في إحراجٍ: "لقد كنتُ ضمئةً للغاية!"

"إذن، ستّةُ أيّامٍ." همهم راكلاً الطّين الذي قد شرع في التحوّل إلى ترابٍ، قبل أن يجلس على أحد المقاعد، منتظرًا تتبّع جايهي له.
"ستّة؟ صحيح، مع يوميّ الجمعة والسّبت.." تلاشى همسها بين صخبِ الأطفالِ وحكايا العجائر، بين مقاعد وأراجيح الحديقة.

"كيف كانت؟"
"لا بأس بها، لا أزال أعاني من تصديق ما تتفوّه به نشرات الأحوال الجوّية.. لقد أنبأت بهطول المطر اليوم، يا لكذبهم."
"لقد أخبرتكِ مرارًا بوجوب تفكيركِ بخطةِ باءٍ للإحتياط." بإبتسامةٍ قال، مهزهزًا يده الحاملة لسترته، بينما قد اِحتضن قميصٌ قطنيٌّ خفيفٌ نصف جسده العلويّ.

"من المؤسف أنّ نصف خزانتي عبارةٌ عن كنزاتٍ، لعلّ السّترات خيارٌ أفضل في نهايةِ المطاف."
"بدون أدنى شكٍّ."
كان دوره للتنهّد ومشابكة أصابعه، قبل أن يترك الفراغ ليلتهم ما بينهما.

اِشتاقت إليه، لكنّها، ككثيرٍ من المرّات، فضّلت التعبير عن اِشتياقها بما يناقضه، قائلةً: "لقد اِزددتَ قُبحًا.. يا للهول."

لعلّها قد اِستمتعت بضحكته أكثر ممّا قد خطّطت له، لعلّها قد لاحظت الكدمة التي لم تظهر سوى حينما لاعبت الرّياح خصلات شعره، كاشفةً عن جزءٍ من جبهته، ولعلّها، لعلّها بخلافِ السّنوات الثلاثِ الماضيةِ، قد ذكرتها في سياق كلامها، عوض دفنها في صدرها.

"كدمةٌ جديدة؟"

أعقف حاجبيه، وأمست اِبتسامته خطًا، يكاد يكون عبوسًا، لكنّ ذلك لم يمنعه من الإيماء.
لم يكن بإمكانه الإنكار، في مطلق الأحوال.

"ألن ينتهي الأمر؟"
"قريبًا."

ولولا الكرة التي قد حطّت بينهما بغتةً، والطّفل الذي قدِم لاهثًا لحملها، لربّما كانت جايهي لِتسأله، وتتأكّد من صحّةِ قوله، وتضمن عدم كونه مجرّد طمأنةٍ متلاشيةٍ.
لكنّ الصّمت قد اِبتلع لسانها.

نهاية الفصل العاشر

جايتوبيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن