الثلاثاء 21 فبراير 1905..
خيم الليل علَى أحد الأحراش في غرب إفريقيا وعكست الَأوراق
العريضة للشجيرات الصغيرة ضوء القمر مما خلط لون الليل الباهت
ً بلون الاشجار الاخضر الأمع، كان الجو باردا ولكن كثافة الاشجار
هدأت من هياج الرياح و يمكن أن تشتم رائحة العشب مع
النسمات الباردة، وبدأت بعض الطيور المجهوله تنعق من آن لأخر
ً وترد على بعضها البعض الكلام،
وكأنها تخبر بعضها البعض شيئ
وسط الاحراش غير الاامنة وعلى غير العادة كان هناك كوخ كبير من
الاخشاب والخوص وكان على ما يبدو هناك شيء ما يجري بالداخل هو ما
فرض هيبته على المكان فكانت الاحراش تخلو من أى صوت إلا صوت
نعيق الطيور المنتضم، في داخل الكوخ كان هناك رجل انجليزى في
الثلاثين من عمره يرتدى ملابس أرستقراطية كاملة ومعطفا من الصوف
الانجليزي الفاخر وقبعة صغيره، يمتلك شارب كث يكاد يخفي فمه ولحيه خفيفة ولكنها ذات شعيرات طويلة مما أعطاه مظهرا اكبر من
عمره الحقيقي، وعلى النقيض كان معه رجل زنجي لا تستره ملابس سوى
ً من أساور غريبة وكثيفة على
منطقة الحوض لديه وباقى الجسد كان عاري
لم تكن تتدلى فقط من حول أطرافه ولكن كان بعضها يخترق جلده من
أول أذنيه وشفتيه الى سرته، وكان جسده يشبه تمثالاً من الجرانيت الامع
مفتول العضلات ولكن بنحافة، على جوانب الكوخ يمكن أن تلمح
ً أربعة أطياف من الدخان الخفيف وكأن تحتها موقدا خفيا وتكاد تشكل
ً من لحظه إلى أخرى أجسادا تشبه البشر
في التكوين بخلاف الرأس الذى
يتمدد منه ما يشبه قرون الوعل الملتفه أو يمكن أن نسميها شياطين.
كان الرجل الزنجى أمامه إناء كبير من النحاس يغلي وتحته الحطب
المستعر، وكان به منقوع زيتى اللون تتناثر منه الفقاعات اللزجة،
وعلى طاولة خشبية بالية في أحد الجوانب عدة صحون بها أشياء مختلفه
و إن كان لنا تميز بعضها فيمكن لمح آثار بعض العظام المسحوقة
ً وبعض من الكائنات الصغيره النافقة المعالجه أيضا بالسحق غير أن
بقايا الاجنحة الجلدية يمكن أن تشير إلى وطاويط، أخذ الرجل الزنجى
يضيف المساحيق إلى الاناء المغلي ويقلبه بفرع شجر مكسور باهت،
ٍ بعض الكلمات الافريقية التى يمكن تخيل ترجمتها
أخذ يتلو بصوت عال:
- »إلى المارد الشيطان أمير سحرة الجان وحامل كتاب (ماروت) أستدعيك
باسمك (يغوث) في زمان اللظى الشمسي، حيث تأذن لك الشمس بما تحتاج وأمنحك التجسد الذى تبغيه لتهيمن على عالم البشر، ولتكن عبدا لي وفي
خدمتى وبك تدين الناس لعتبتى، وبك تعلو على الرقاب رقبتى، ولتأخذ
مما جمعت لك من الدماء مبتغاك وأعطني المجد إلى يوم الفناء الكبير«.وهنا توجه الرجل إلى أحد الحبال المربوطة في أعلى جانب الكوخ
وفكها لتحرك من الاعلى إناء آخر أصغر حجماً لتبدأ الدماء الطازجة
تنسكب في بطء على الاناء النحاسي الرابض على الحطب المشتعل والذى
بدأ يخرج منه خيط من الدخان وكأن سكب الدماء على خيط الدخان
ًاو كأنه خفي
كما لو كان يسقط على شيء صلب ويعطى شكلاً بشري
ويظهره التجسد الذى يقاوم الدماء المنسكبة.
شاركت في التوهج
الاطياف الاربعة التى على جوانب الغرفة حتى كادت تميل من اللون
الابيض إلى لون الاشتعال النارى، تراجع الرجل الانجليزى إلى الخلف
وجلس على أحد المقاعد الخشبية وانكمش وقد اختفى وقاره وهو يراقب
ذلك التجسد الرهيب.
ً بدأ الشكل الذى خرج من القدر يتشكل بشرا من الدماء المسكوبة
بداية من قلب ينبض تلتف حوله الاوردة والشرايين وهيكلاً من العظام
الرمادية يحمل كتلاً تنمو من النسيج العضلي ببطء، ثم بدأت الطبقة
الجلدية تغطى هذا التكوين وبدأ الوجه القبيح في رسم معالمه، كان
وجها يميل إلى الحمرة كثيف الثنيات عند الحاجبين كثيف الشعر، وله
أنف مدبب مغروس في وجه يميل إلى الطول كمثلث مقلوب ينتهى
بالذقن التى تتزين ببعض الشعيرات الرمادية.ابتسم الرجل الزنجى فظهرت أسنانه الصفراء التى نخر فيها السوس
وصنع مخادعه السوداء فيها، ثم انشطر الاناء النحاسي فانسكب محتواه على
أرضية الكوخ الطينية فأطفأ الاشتعال عن الحطب وتشربت الارض
السائل المنسكب، وعندها كان يقف على الحطب ذلك الرجل الذى
تشكل من الدماء والدخان والذى يمكن تقدير عمره لو اعتربناه بشري
بالخمسين
كان ينظر إلى ما حوله في شموخ وتكبر، ثم أخذ ينظر إلى يديه
ويقلبهما أمام ناظريه ثم تحسس وجهه وأمسك خصلات شعره الطويلة
ً نوعا ما والفاحمة الامعة وقربها من أنفه المدبب يتشمم رائحة الحياة فيها.
أحضر الزنجى عباءة بغطاء للرأس كانت معلقة على أحد الجوانب
وألقاها على جسد الكائن العارى فتلحفها الكائن الذى اتخذ شكل البشر
ليغطى جسده الابيض الذى تشبع بالحمرة. انتفش الزنجى في وقفته قائلاً
وهو يشير إلى قدميه:
- »الان لتسجد عند أقدام سيدك الجديد وتدين الي بالولاء والطاعة«.
مد الكائن المدعو
(يغوث)
يده التى بدا لها أظافر حادة نحو عنق الرجل
ً الزنجى فلامست رقبته محدثة بها جرحا أخذت الدماء الغزيرة تتدفق
منه،
تراجع الرجل الزنجى للخلف وهو يمسك عنقه ليكبح تدفق الدماء
منها وهو مبهوت من الصدمة والالم
قال (يغوث):
ً - »يغوث سيدا ولا سيد له، إلا طاووس الشياطين سيدنا جميعا«.
ثم اشار إليه فهبت الاطياف الاربعة نحو جسده الذى ترنح على الارض ينازع لحظاته الاخيرة وبدت الاطياف المنتصبة تنحني كشكل ذئاب من
الضباب وأخذت تلعق الدم النازف والرجل يتمتم بكلمات بدت كاللعنة
التى يلقيها على المدعو
يغوث والذى اقشعرت قسمات وجهه كما لو
كان للكلمات تاثير عليه لم يدركه في حينها،
ً ثم التفت إلى الرجل الانجليزى الذى كان ما يزال منكمشا في كرسيه
ً وقد غطى وجهه بيديه استعدادا للموت وقال له:
- »ومن الفاني؟«.
انتفض الرجل وسجد أمامه يقبل قدميه ويقول:
- »أنا خادمك وبين يديك، أنا الداعى إلى عبادتك الضعيف كرويل
وجئت إلى هنا كي أشهد تجسدك وأعلن ولائي الكامل لك ولـطاووس
الشياطين«.
أشار له أن ينهض فنهض في ترقب وعنقه ينبض من الرعب فهز يغوث
رأسه بما يشبه القبول قائلاً: »سرنى مدى نفعك«.
أشار للجميع بالخروج من الكوخ فتبخرت الاطياف الاربعة بلا أثر
مخلفة جثة الزنجى ملقاة على الارض ترتعد في نزعها الاخير والدماء تغرق
ما حوله، وعندما خرج هو و كراويل من الكوخ التفت أليه وأشار
بيديه حيث أشتعلت ألسنة اللهب من حول الكوخ لتلتهمه بما فيه دون
أن تطال ما حوله من العشب ثم ابتعد يغوث وكان خلفه كرويل
ً الذى استرق النظر إلى الكوخ المشتعل وابتلع ريقه وخفض رأسه سائرا
خلف سيده الجديد..

أنت تقرأ
يغوث ..احمد بكر
رعبكتاب محرم يحتاجه عبدة الشيطان لتسليم الشيطان الاعظم السلطه على الارض وابرياء تسوقهم الاقدار لبراثن الشر فكيف الخلاص والمفر وهل يتولى الشيطان الهيمنه على البشريه يوما ؟؟