8

94 8 18
                                    

خرجت الممرضة مسرعه تنادى على الطبيب الذى أنطلق يجري الى الحجرة مسرعا وخلفه عماد
في حجرة والدته حيث كان جهاز رسم القلب يعطى صفارة ثابتة وخط الحياة أصبح مستقيماً، حاول الطبيب ان يصعقها بمنشط القلب عدة مرات ثم نحى الجهاز جانبا وغطى وجهها بالملائه

انطلق عماد يجثو على ركبته امام جسد والدته وأخذ يبكي بحرقة.

في أحد الشوارع الجانبيه للمدرسة كان وليد يمشي بصحبة الين وفي يده اللفافة السوداء التى تحوي الكتاب وكان يقول لها:

-ارجوكِ أن تخرجي من حالة الحزن هذه، الحياة يجب أن تستمر، والدك ما كان ليرضى لو شاهدكِ هكذا، إنه في منزلة طيبة الأن ولا خوف عليه إن شاء الله.

بدأت عيونها ترقرق مرة أخرى وقالت:
- وكيف للحياة أن تستمر، نحن في ورطة كبيره على كافة الأصعدة ومهددون بالتشرد.

قال وليد متعجب
- أى تهديد تقصدين؟ الحرب بعيدة عنا ومصر في حالة سلام مع إسرائيل.

طاطأت رأسها في أسى فانسدل شعرها على وجهها ثم رفعته في حركة رقيقة وقالت:

- أنا وأخى وأمى نحمل تصاريح لاجئين فلسطينين وهى تصاريح منتهية، كانت سياسات الرئيس عبد الناصر تساعد في إدماجنا يف في مصر، ً ولكن تجنيسنا لم يكن يوما من الخيارات المطروحة بدعوى الحفاظ على الهوية الفلسطينية واستعادة الحقوق الأساسية فكانت تؤجل جهود
التوطين لدعوى الأمم المتحدة لتنفيذ القرارات المتعلقة بعودة ألاجئين إلى ديارهم وتعويضهم، وكنا نعامل من وقتها كالمصريين ولعبت مصر دورا مهما في ميلاد منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن بعد توقيع اتفاق
كامب ديفيد للسلام بين مصر و إسرائيل واغتيال وزير الثقافة المصري يوسف السباعي على يد منظمة أبو
نضال المتمردة، عانينا تراجعاً في كافة الحقوق التي تمتعنا بها من قبل، حتى إنه في جنازة السباعي، أعلن رئيس الوزارء المصري مصطفى ْ رياض بأن ّلا فلسطين بعد اليوم وما لبثت أن بدلت مصر قوانينها وأنظمتها وأمسينا كالأجانب، ولكي يضمن المسافرون أو المقيمون في
ً الخارج الحاملون لوثيقة السفر المصرية الدخول مرة أخرى إلى مصر، كان يتعين عليهم إما العودة إلى مصر كل ستة أشهر أو تزويد السلطات المصريه مقدما بما يَُثبت عملهم أو التحاقهم بمؤسسة تعليمية. وفي تلك
الحالات، كان يتسنى الحصول على تأشيره مدتها عام واحد باستثناء من كان متزوجا من مواطن مصري ،أو ملتحق بمدرسة أو جامعة ودافع لرسومها، أو متعاقدا مع القطاع الخاص، أو من كانت لديه مصلحة ٌ تجارية أو استثمارات داخل البلد وهذا لا ينطبق على أخى الصغير وأمى الان، حتى إن آخر دفعة من المال أرسلها لنا أبي رحمه الله لن تصمد كثيرا.

شعر وليد باليأس من القضايا التى تفوق قدراته واستيعابه وقال
بابتسامة تلميحية:

ً - لو كان جائزا في هذه السن لشاركتك جنسيتى المصرية.

يغوث ..احمد بكرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن