قالت الأميرة بتلقائية :
- إنه أفضل جنودنا في القصر الجديد، ويدعى جاميان .. هل عرفتيه؟ أظنه الشخص الذي كان مكلفا بمراقبتك وإحضارك..
صمت قليلا وقلت مستغربة :
- أتقصدين الجندي الأبيض ؟؟
ضحكت الأميرة وقالت :
- إن روسو رئيس جنودنا يفرض عليه ارتداء القناع لأن الفتيات عادة يغرمن به.. إنه ملفت للنظر ويجيد الحديث وهو شرس و قوي! لكن الرجال الآخرون يغارون منه ...
عادت الأميرة للضحك وضحكت الفتيات أيضا بحرارة ..
تسائلت:
- هل هو الذي اختارني؟ أم إن شخصا فعل ذلك وكلفه بمراقبتي؟
قالت الأميرة باسمة:
- هو من اختارك.. لقد أعطيناه مواصفات جميلة وأظن أن ذوقه كان رفيعا جدا..
ثم نظرت للفتيات وقالت بمرح
- أليس كذلك يا فتيات؟؟..
تكلمت الفتيات مع بعضهن بمرح ..
أما أنا فاستغربت قليلا وودت لو نظرت إليه لفترة أطول لا أدري لماذا راودني ذلك الشعور ولأول مرة في حياتي ... أنني مهتمة بشخص ما وأود مقابلته ثانية.. لقد اتهمته بالجنون لفتره طويلة ..
أنتهت الفتيات من تزييني ولبست ثوبا رائعا منسدلاًً .. قالت إحداهن أنني في غاية الجمال وكنت سعيدة بذلك ..
في الحقيقة لم أكن أتخيل تجربة رائعة كتلك .. لقد كانت حياتي مملة وغريبة وروتينية ليس عندي سوى صديقتاي ميرندا و إيميلي .. والجامعة ..
هكذا أصبحت تسير حياتي منذ موت والداي في تحطم طائرتهما الخاصة منذ خمس سنوات أجتهد في دراستي من أجل الدرجات العالية وأعيش في منزل واسع مخيف مع خادمتين وسائق وطباخة يصاحبني الملل والحزن .. وأحمل ثروة ضخمة ورثتها عن والدي يتحكم بها أعمامي بحكم أنهم يعرفون مصلحتي ولأني مازلت صغيرة وهم في الحقيقة ينهبون مال أبي الذي هو ملكي ..
بدأت بالفعل أستعد لمقابلة ملك بانشيبرا المنعزل..
كانت مهمتي سهلة جدا وهو أن أجعله يبتسم.. ولم أر مشكلة في ذلك .. قالت الأميرة لوليانا :
- لقد قمنا بدعوة الأمراء والسادة لحفلة الليلة .. أرجو أن تستطيعي إقناعة بالحضور، فسيكون ذلك إنجازا كبيرا لك ..
صحبتني الأميرة في دهاليز القصر الكبير ..
ثم طرقت على باب ضخم وفتح أحد الحرس وفورا سمح لها بالدخول .. ثم شاهدنا صورة كبيرة لرجل عجوز له لحية بيضاء طويلة وقالت الأميرة بحزن :
- إنه والدي الملك الراحل العظيم..
تطلعت إلى الصورة مرة ثانية ثم سرت خلفها حتى وصلنا إلى باب كبير منقوش بالذهب..
دخلت الأميرة ودخلت خلفها ورأيت شابا يعطينا ظهره ويتطلع من الشرفة الواسعة وحوله زهور جميلة..
نظرت إلي الأميرة نظرة ذات مغزى فعلمت أنه الملك الشاب ثم تنحنحت وقالت ..:
- كيف حالك الآن يا شقيقي سمو الملك ؟
رد عليها الملك ولم يلتفت إليها..
- بخير..
قالت شيئا آخر كانت تبدو مترددة وهادئة في نفس الوقت..
- سموك! لقد حضرت لك مفاجأة بسيطة .. فتاة من كوكب الأرض ،، في الحقيقة لقد وصلت منذ ساعات فقط..
عندها التفت الملك الشاب بهدوء ونظر إلي بشك فقالت الأميرة:
- إنها لندا يا سيدي وقد جائت من أجلك خصيصا، وتكبدت مخاطر الرحلة إلى هنا..
نظرت إليه .. كان شابا وسيما أيضا.. لكنه يبدو حزينا ومرهقا.. كان شعره بنيا وعيناه كانت عسلية فاتحة جدا.. ويشبه اخته إلى حد كبير
وقف واقترب مني ثم قال باندهاش وهو ينظر إلى عيني الخضراوين :
- حقا؟
قلت بتوتر:
- بالتأكيد يا سيدي..
عاد ينظر إلى أخته ثم قال بهدوء:
- لم لا نجلس؟
فرحت الأميرة لوليانا وقالت والفرحة تبدو على صوتها :
- نعم .. هيا لنجلس..
أمسك الملك بيدي وأجلسني على أريكة وثيرة وجلس إلى جانبي وجلست شقيقته على الأريكة المقابلة لنا ثم بدأ الحديث قائلا:
- عرفت أنك من الأرض.. لكنني لم أعرف لماذا جئت من أجلي؟
نظرتُ إلى الأميرة بارتباك فلم أعرف ماذا أقول ولكنني ابتسمت وأجبت:
- تريدني أن أرحل؟
اندهش الملك وقال بسرعة :
- لا.. أنا لم أقصد بذلك السؤال..
صمت قليلا فقلت :
- لقد جئت من أجل زيارتك، فأنا أحببت بانشيبرا مؤخرا رغم أني لم أبق فيها إلا بعض الوقت..
كنت أحاول أن أكون سياسية قدر الامكان....وشعرت أني منافقة ..
ابتسم الملك قائلا:
- هذا لطف منك ..
اعتبرت تلك الابتسامة نجاحا لصالحي وقالت شقيقته:
- لقد أقمنا حفلة على شرف الآنسة لندا الليلة..
صمتت، فقلت أنا مبتسمة :
- سوف تحضر.. أليس كذلك؟
- بالتأكيد..
قالها الملك الشاب بعد القليل من التفكير وبقينا معه لبعض الوقت حدثني فيها الملك عن مناظر بانشيبرا وتراثها.. عرفت عن تلك الأعمدة التي شاهدتها أنها من آثار بانشيبرا وأن طول العمود الواحد يبلغ مئات الأمتار ولكنه يبعد عنا مئات الأميال فنراه صغيرا ..
أمضينا وقتا رائعا ثم خرجنا .. قالت الأميرة لوليانا بسعادة غامرة :
- أشكرك يا آنسة لندا.. لقد فعلت الكثير.. أتمنى أن تواصلي هكذا حتى يوم تتويج الملك .. متأكدة من قدراتك في أنك ستجعليه يفعل ذلك..
قلت وأنا أسير إلى جوارها :
- يبدو أن الأمر سيطول..
- ليس كثيرا.. وسوف نعطيك ما تريدين..
- أنا لا أريد شيئا..
توقفت لوليانا عن السير وقالت بدهشة:
- لماذا تفعلين ذلك وأنت لن تحصلي على مقابل؟
قلت بلامبالاة:
- أفعل ذلك من أجل الشخص الذي طلب مني فعله، فقد كان طيبا معي..
- أهذا كل شيء.. فقط من أجل شخص واحد؟
- نعم..
- هل هو روسو؟
- لا
- من؟
- الشخص الذي طلب مني فعل الأمر..
- أهو أحد الجنود..
نظرت إليها وقلت مبتسمة :
- الجندي الأبيض...
- جاميان ؟ ذلك الــ ؟؟
سألت ذلك باندهاش كأنما تخاطب نفسها .. ثم تابعنا السير..
أنت تقرأ
الجندي الابيض للكاتب "ايرومي "
Aventureلم أفهم ماذا يريد ذلك الشاب وقلت بضيق: - أنت لم تقل كلمة مفيدة حتى الآن.. - ما رأيك إذا أن نصبح أصدقاء أولاً؟ شعرت برغبة قوية في طعنه بسكين وقلت بغيظ: - ماذا تعني بأصدقاء؟ أسمع يا هذا.. أولاً: أنا لا أتصادق مع أشخاص مثلك .. أعني : يحملون الأسلحة.. ث...