{ 21 } أَسْبابُكَ الْلَعينَة

13.1K 899 1K
                                    

" غالِباً ما يَحْمِلُنا الخّيال إلى عَوالِم وَهْمِيَة، ولَكِن من غَير الخّيال لا يُمكِنُنا أن نَذْهب إلى أي مَكان".

- كارل ساجان -

***********

شعرتُ بالحزن لكلامي هذا ولكنه الأفضل من أجله، حينما أردتُ أن ألتفت وأنظر إليه، لقد كانت صورته ترتعش وترتجف، لقد كان يبدو وأنه سوف يتلاشى، كانت صورته تتموّج، قبض قلبي خوفاً وفتحتُ عينايّ على مصراعيهما، لم أتوقع بأن أمنيتي سوف تتحقق بهذه السرعة، حاولتُ أن أدفع بيدي نحو صورته المرتعشة ودموعي تُهدد بالنزول، أتوقع بأنه بدأ يتلاشى، بسرعة رفعتُ ذراعي لأتشبت بكتفه ولكننه كان صلباً، أي أنه لم يتلاشى أو يختفي، عدلتُ نظري جيداً نحوه، لأرتاح، فلقد كانت صورته تتموّج بسبب ألسنة اللهب القريبة منه، فالحرارة المنبعثة من النار قد جعلته يبدو وكأنه يتلاشى وجسده المرتجف من شدة البرد جعلنا أعتقد بأني سوف أخسره بهذه السرعة.

لقد كان يُغلف جسده بذراعيه، لم يكن يرتدي أي معطف وهو يرتجف، وينظر إليّ بعيون تلتصق بها الدموع اللزجة، كانت عيونه تخترقني وكأنها تسألني، أزلتُ ذراعي بسرعة عن كتفه بعدما تأكدتُ بأن الأمر كانت خدعة بصرية قد إنطلت على عقلي المشوش، في الوقت ذاته تسائلتُ ماذا إن كان حقاً تلاشى؟ ما الذي كنت سأفعله حينها؟.

خرجتُ من شرودي بسبب عيونه التي تصرخ بكلمة لماذا؟ وكأنه يحاول البحث بين عيوني عن السبب الذي جعلني أتمنى هذه الأمنية، لم يقل شيئ وإنما كان يُحدق بإستمرار وهذا كان يُعذبني أكثر.

إقتربتُ منه وحاولتُ تبرير نفسي بشكل مثير للشفقة " جونغكوك... أنت تعلم بأني أقول ذلك، لأني أهتم لأمركَ.....".

قاطعتني كلماته الحادة التي كانت مثل السكين " هيونغ، لا تتكلم ، لا تتحدث بشيئ".

لم أستمع لكلماته اليائسة وأكملتُ " لا تظن بأني قُلت هكذا.....".

قاطعني مجدداً بنبرة أقوى وهو ينظر نحوي بعيونه المُحمرّة " لا تتحدث، أنا أعلم تماماً ما الذي تريد قَوْلَهُ، لذلك توقف عن تبرير نفسكَ، أعلم تماماً ما الذي تفكر به، لا أحتاج إلى أسبابِكَ اللعينة، لا تُخبرني بها لأنها تزيد من ألمي".

لم أستطع أن أتكلم أكثر عند سماع كلماته المُحبطَة، إستقام من مكانه وتركني لوحدي ألوم نفسي وأفكاري وحتى أسبابي التي يعتقدها سخيفة، ولكن ماذا؟ هل ينتظر مني أن أقول له بأني أتمنى أن يتجمد الزمن ويتوقف، كي نبقى سوياً للأبد؟ ذلك سوف يُعلقه بأحلام كالسراب.

بعد دقائق، عُدتُ الى خيمتي التي قد نصبتها بجانب خيمته قبل المساء، دخلتُ الى خيمتي وأنا أحاول سّد أُذناي اللتان تلتقطان صوت شهقاته ودموعه.
____________________

أنا أتَلاشى | I am fadingحيث تعيش القصص. اكتشف الآن