1 «الحبيبة الوحيدة»

21.9K 1K 92
                                    

حينما أدركت أنني مريض ، وحين شرح لي الطبيب ماهية مرضي ، وفي اللحظة التي أدركت بها أنني لن أتعافى أبداً ، كان من السهل معرفة أني سأموت قريباً ، أنني لن أعيش لأحقق الأحلام الكبيرة التي لدي ، أنني لن أكون قادراً أن أفعل اﻷشياء البسيطة التي تمنيت فعلها
لن يكون لدي الوقت الكافي للتفكير بالحياة ، لكني كنت أرفض التفكير بالموت ، أدركت أن أفكاري متخبطة أكثر من اللازم ، فهمت أني الآن على الحافة التي تفصل بين الحياة والموت ، وعلى ذلك الخيط الرفيع الذي تترنح عليه الأرواح التائهة .

كنت واثقا أن موتي سيكون قريباً ، قريباً للحد الذي أظن أن الوقت لا يكفيني لأخبرها عن حجم حبي لها ، أو ﻷفعل معها أشياء لطالما أردت فعلها ، كأن أمشي معها بجانب البحر ، أو أدعوها لفنجان من الشاي المثلج الذي تحبه بينما نخيم في مكان بعيد
أن أسهر معها على قمة جبلٍ عالٍ ريثما نعد النجوم معا ، تسألني عن أسمائها ، وأخبرها بسعادة لأن أحداً ما مهتم بالأشياء التي أهتم بها ، كنت أؤمن أنها يوما ما ستحب النجوم كما أفعل ، كنت أؤمن بمقولة ويليام ووردزوورث "ما أحببناه سيحبه آخرون وسنعلمهم كيف يفعلون ذلك ."

وأؤمن الآن أني ربما لن يكون لدي الوقت الكافي لأعلمها ، أو أجعلها تقع في غرام السماء كما أفعل .

أذكر يوماً قالت لي أنها تشعر بالغيرة من النجوم ، قالت أنه في هذا العالم ربما لن أحب أكثر منها إلا النجوم ، أقنعتها أن النجوم صديقة ، وأنها الحبيبة الوحيدة التي أفكر بها ، لم أحب غيرها أبداً ، ولن أحب غيرها أبداً !

بعد أن فهمت حالتي كان علي اتخاذ الكثير من القرارات ، كان أولها أن أستغل وقتي المتبقي لأخبرها كم أحبها ، وآخرها أن أجعلها تعيش كل لحظة بسعادة ، قررت أني وحتى لحظة موتي ، لن أتركها أبداً ..

سقف أحلامي العالي قد هدم على رأسي ، وأمنياتي المهمة لم تعد كذلك ، وأمانيَّ الكبيرة صرت أستصغرها للغاية ، تغيرت كثيراً ، أدرك أني دخلت ذلك اليوم لعيادة الطبيب ، وخرجت بعد ساعتين كشخصٍ مختلفٍ تماماً ، بقدر ما كنت أحب الحياة ، صرت أنتظر الموت .

كنت أعلم أنه سيأتيني يوماً ما ، يوماً ليس ببعيد ، سيضمني ببرودته ، سيخنقني بألمه ، سيسلب آخر أنفاسي ، كنت أعلم أنه سيجعلني جثة قريباً

نعم إنه أنا ، بطل هذه الرواية "ناثان ستارز"

To be continued

R.M

Gardenia | غاردينياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن