Gardenia | غاردينيا

39 «سندي الوحيد في الحياة»

"مساء الخير أمي .." 

قلت وأنا أجلس مقابلاً لها على طاولة الغداء منتظراً والدي ليأتي ، لحظات فقط وجلس في مكانه وهو يقول لأمي "كيف حال الصغير ؟" 

"كملاكٍ جميل .." 

قالت بابتسامة واسعة مما جعلني أبتسم بهدوء من دوري ، للمرة الأولى أنا لم أكن ساخراً ، ذلك الصغير كان ملاكاً ، نظرة واحدة لعينيه الزرقاوتين غيرت الكثير من أفكاري ..

نظر لي أبي وقال "وأنت ؟"

"بخير .. شكراً لك .." 

قلت برسمية ، أنا لست معتاداً على أبي حقاً ، ولست معتاداً أن يسألني إن كنت بخير ، رنين هاتفي قطع نظرة والدي المستغربة لي للتحول لانزعاج واضح ، تنهد وقال "بحق الله ناثان أقفل هاتفك عند الطعام .." 

"آسف .." 

نظرت للاسم لأجد مدير المرصد ، تنهدت بتعب وقلت لأبي "إنه مديري في العمل ، لذا أنا سأرد .." 

هممت بالنهوض فقالت أمي "ألا يمكنك أن تتحدث أمامنا ؟" 

جلست من جديد وأنا أرد على هاتفي وأقول "كيف حالك سيدي ؟" 

"أين أنت ناثان ؟" 

"في المنزل .." 

قلت باستغراب ليتنهد ويقول "ألم نتفق أن تأتي قبل الوقت حين يكون هناك نشاط ؟" 

"أجل .. حين يكون هناك نشاط ..!" 

قلت باستغراب فضحك وقال "أنت كنت غير موجود البارحة ، لقد اتفقنا مع دار أيتام ، وهم قادمون اليوم .." 

"أنا آسف حقاً سيدي .." 

"حاول ألا تتأخر .." 

"أمرك سيدي .." 

قلت وأنا أغلق الخط ليسألني والدي "نشاط ماذا ؟" 

"أنا وصديقي نستلم ساحة النشاطات في المرصد ." 

"مرصدٌ فلكي .." 

قالت أمي وهي تأكل ثم سألت "وماذا تفعلون فيه ؟" 

"هناك الكثير لنفعله حقاً ، كنت متغيباً البارحة لذا لم أكن أعلم بالأمر .." 

"هل يمكنني المجيء ؟" 

قال أبي لأنظر له باستغراب ، لم يكن ما يطلبه متوقعاً ، ولم أكن مستعداً لأسمع أي تعليق منه حول مكان عملي المتواضع ، ليس لأنه فقيرٌ أو شيء ما ، ولكنه يهتم بالعلم بشكلٍ أساسي .. وأبي يهتم بالمظهر بشكلٍ أساسي أيضاً !

حركت رأسي نفياً وقلت "اليوم لا .. لأن الدعوة مختصة بدار أيتام أو مدرسة ، حين تكون الدعوة عامة فأهلاً وسهلاً بك .." 

أومأ وقال "تناول طعامك .." 

تابعت تناول طعامي ، وأنا أعد على المرات التي جلست بها لوحدي على هذه الطاولة وكانت غير معدودة لكثرتها ، أنهيت طعامي وبدلت ملابسي وقلت لأبي قبل أن أذهب "هل تحتاج شيئاً ؟"