المساعدة الحسناء

346 21 5
                                    

أخذ ركاب شركة مصر للطيران يصعدون للطائرة المتجهة لباريس ،علي حين أخذ (سيف) يجول ببصره بحثا عن فتاة طويلة ونحيلة..لم يكن بين ركاب الطائرة من تنطبق عليها هذة الأوصاف..سرعان ما أخذ مكانه في الطائرة،و انطلق صوت المضيفة عبر الميكرفون الداخلي تقول : تعلن شركة مصر للطيران عن قيام الرحلة رقم أربعمائة و خمسة المتوجهة إلي باريس.. نرجو من السادة الركاب ربط الأحزمة و الامتناع عن التدخين.

انطلق النداء مرة اخرى باللغة الإنجليزية، عاون (سيف) الفتاة التي بجانبه علي ربط حزام مقعدها، ثم استرخي في مقعده، و أقلعت الطائرة.

بعد دقائق، مد يده ليفك حزام مقعدها، لكنه تسمر فجأة، عندما سمع صوتا أشبه بالهمس يقول بصوت موسيقي : إذن فأنت سيف محمد.. تماما كما تصورتك.

التفت (سيف) بحركة حادة إلي الفتاة التي تجاوره، و ضاقت حدقتاه و هو يتفحصها بدقة.

كانت بيضاء البشرة جميلة، لها شعر بني اللون مسترسل بنعومة، عينيها عسلية اللون، طولها مائة و خمسة و ستين تقريبا، فمها يشبه الكريزة مشقوقة في منتصفها، تبتسم في رقة و هي تتفحصه.

قطب (سيف) حاجبيه.. كانت مواصفات الفتاة تختلف تماما عما توقع، تمتم و هو يضغط على أسنانه : إذن فهو أنت.

قالت بصوتها الهامس : الملازم أول ( رنا رفعت) في خدمتك يا سيادة الرائد.

شملهما الصمت فترة، محاولا (سيف) إقناع نفسه بأنها فتاة مخابرات، لأن شكلها لا يمت بصلة لشكل ضابطة،و إقناع نفسه بالتعامل معها كزميلة عمل.

لما طال الصمت بينهما، قالت (رنا) : أعتقد أنه ينبغي على أن أخبرك أنني سأقيم  في الفندق معك علي أساس طالبة جامعية بأسم (آيه أحمد).

قال (سيف) بلهجة جافة دون أن يلتفت : لكن هذا يعرضك للخطر.

قالت(رنا): نعم..لكنه الواجب.

أدار (سيف) وجهه إليها و قال ببرود : هل تحاولين التظاهر بالشجاعة أيتها الفتاة؟ إننا نعمل في المخابرات، نواجه رجالا أشداء يعملون في المجال نفسه، وإن كانت مهمتك الأولي فينبغي علي أن أحذرك ،هذا المجال لا ينفع للنساء.

قالت(رنا) بلهجة تحد : لماذا ؟ نحن لا نقل ذكاء عنكم أيها الرجال، ثم أنني أجيد استخدام كل أنواع الأسلحة و رياضات الدفاع عن النفس.. فماذا ينقصني؟

قال(سيف): يلزمكن القسوة.. في عملنا هذا يضطر المرء أحيانا لاختيار إجراءات في صالح الوطن.

أدارت وجهها للنافذة و قالت : لا أعتقد القسوة صفة تستحق الفخر.

قال في هدوء : أوافقك في ذلك، لكنها ضرورة للأسف.

ظلا صامتين لفترة، ثم قالت(رنا): تحت أي اسم ستنزل؟

قال بجفاف: أحمد صابر.

عاد الصمت يلفهما حتي سمعا صوت المضيفة عبر الميكرفون الداخلي تقول: تعلن شركة مصر للطيران عن وصول الرحلة رقم أربعمائة و خمسة المتوجهة إلي باريس.. نرجو من السادة الركاب ربط الأحزمة و الامتناع عن التدخين.

قبل أن يهبطا من الطائرة في مطار أورلي،همس(سيف): من المفروض أننا لا نعرف بعضنا البعض، لن نصل سويا إلي الفندق.

أومأت برأسها بإيجاب، دون أن تلتفت له.

بعد نصف ساعة،كان(سيف) يعبر مدخل الفندق، أسرع رجل يلتقط حقيبته حيث مكتب الاستقبال.

قال(سيف) بفرنسية سليمة :  اسمي( أحمد صابر) هناك جناح محجوز باسمي.

قال الموظف و هو يبحث في الحاسب الآلي أمامه: أهلا مسيو (صابر) ،جناح رقم ثلاثة،جواز سفرك إذا سمحت.

ناوله(سيف)جواز السفر، بعد أن نقل البيانات منه،ناوله له مرة أخري قائلا: أرجو ان تكون إقامتك في فندقنا ممتعة مسيو(سيف)..هل لك طلبات خاصة؟

قال(سيف): نعم.. أريد استئجار سيارة BMW حديثة.

قال موظف الإستقبال: اوووووه..أنت من عشاق السرعة مسيو(صابر).

قبل أن يجيبه(سيف) ،أتي صوت من ورائه يقول بالفرنسية : اسمي (آيه)..(آيه أحمد)..أعتقد هناك غرفة محجوزة بأسمى.

نظر موظف الاستقبال بالحاسب الآلي، ثم قال: نعم..هناك غرفة محجوزة بأسمك مدموزيل،جواز سفرك إذا سمحت.

أعطته جواز سفرها(رنا) و أخذ ينقل البيانات قائلا دون أن يرفع رأسه:اوووووه.. مدموزيل.. إنكي أتيتِ لأفضل مدينة في العالم.

قالت(رنا)في حماس: أجل.. متحف اللوفر و غيره.

ناولها الموظف جواز سفرها قائلا: أرجو ان تكون إقامتك في فندقنا ممتعة مدموزيل.

كان(سيف)يستمع إلى الحوار،ثم استدار ليتبع الرجل الذي يحمل حقيبته إلي الجناح الذي سيقيم فيه.. وما أن خطا عدة خطوات حتي تسمر في مكانه،و امتلأت نفسه غيظا عندما سمع صوت(رنا) تقول بصوت مرتفع : إلي أين سيد(صابر)؟ألم تعدني و نحن في الطائرة أن تصحبني لبرج إيفل؟

الجلاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن