خرجت أحلام من حمامها على مضض .. لقد أمضت ساعة وهي تستقبل المياه الحارة فوق رأسها بامتنان .. لقد كان اليوم متعبا كالعادة .. لفت حولها روب الحمام الأبيض القصير بإهمال وخرجت متجهة إلى غرفتها بخطى متثاقلة...
جلست أمام طاولة الزينة تحاول تزيين وجهها المرهق... اليوم هو موعد عشائها مع أهل خطيبها ... اخبرها كريم انه سيمر لاخذها على الساعة السابعة مساء ...
نظرت للهالات السوداء حول عينيها والتعب الواضح الذي ينطق به وجهها ... إنها لا تشعر بالجوع أو ترغب بصحبة هذه الليلة وإنما أغلى أمانيها أن تتمدد في سريرها الدافئ طوال اليوم وتهنئ بالنوم لكنها مضطرة لإرضاء كريم وعائلته فهم ينتظرون من الزوجة العتيدة أن تكون مثالا للطاعة والكمال ...
توجهت إلى المطبخ و قامت بتحضير بعض الساندويتشات حتى تتناولها بسرعة فهي تعلم أنها ستأكل مثل الطيور عند حماتها فهم لا يحبون المرأة ذات الشهية المفتوحة.. أكلت اثنين منهما ثم نظرت إلى الساعة المعلقة في المطبخ ورأت أنها ستتأخر إن لم تسرع في تحضير حالها وهذا شيء آخر تكرهه حماتها العتيدة...
تسلقت بخفة الدرج المؤدي إلى الطابق الأول حيث غرفتها وجلست على طاولة الزينة ... تنهدت وهي تفتح احمر الشفاه وتضعه ببطء وملل على شفتيها الممتلئتين...
ابتسمت بسخرية وهي ترى وجهها على المرآة ... إن الماكياج يصنع المعجزات ... اختفت الهالات وزال الشحوب وبدت امرأة جديدة ... توجهت إلى خزانتها واخذت تفتش عن فستان يناسب عائلة كريم ... بدت المهمة صعبة كالمعتاد...
الأمر يتكرر كل مرة .. إنهم أناس يهتمون بالمظاهر بشكل مخيف واذا زارتهم بفستان قديم رأوها به من قبل ستعم حالة الطوارئ وسينظرون إليها كأنها خالفت القانون وتستحق السجن .. فكرت ببؤس .. الم يكن هذا حال عائلتها منذ عشر سنوات ... لكنها تغيرت بشكل تام .. لم تعد أحلام رافع السابقة .. لم تعد الفتاة التي أمضت سنوات عديدة في الخارج لتعود عقب عيد ميلادها السابع عشر بعقلية تشبه عقلية الغرب ... نفضت رأسها بقوة .. لا فائدة من تذكر الماضي ... لقد دفعت الثمن وانتهى الأمر ... تداركت نفسها .. لا لم ينته .. الاسوء لا زال باقيا ولا تدري ما الحل ...
بعد بحث دام عدة دقائق أخرجت فستانا اسود قصير تفصيله بسيط وأنيق وقد كلفها ثروة.. ارتدته على عجل واختارت معه حذاء اسود عالي الكعبين من صنع ايطالي كانت تعلم يقينا انه سيجعلها تعاني في نهاية السهرة أخرجت علبة المجوهرات التي خبأتها بعناية في خزانتها واختارت منها قرطين ماسيين وسوارا .. إنهما من آخر ما بقي لها من حياتها السابقة...
كانت قد انتهت من زينتها سمعت الجرس في الأسفل فسارعت تتأكد من هيئتها في المرأة وهي متأكدة من هوية الزائر... اخذت معطفها ونزلت الدرج وجاءها صوت كريم مع السيدة جيهان .. والدتها.. كانا يتحدثان بأدب ارستقراطي ممل ... أحست بالاضطراب وسارعت بالنزول وحيتهما فلاحظت نظرات الاستحسان في عيني خطيبها وكأنه يعطيها الضوء الأخضر لمرافقته إلى بيت أهله... تفادت النظر إلى والدتها و أمسكت ذراع كريم ودعته إلى الخروج..
أنت تقرأ
احلام حياتى للكاتبة : Athenadelta
Romanceهى عشر سنوات عاشتها فى خوف من ماضيها عشر سنوات كانت تأمل خلالها أن يكون قد نسى ومضى بحياته هو مازال يتذكر لم ينس ولم يسامح لأن ما فعلته لا يغتفر ليس بعدما حقق ما يريد وما يريد هو أن ترفع راية الإستسلام ذليلة محطمة نظر إلى ملامحها المرتعبة بسخرية هرب...