كانت جالسة في الصالون الصغير ترتدي بيجامتها المفضلة زهرية اللون بقميصها المليء بالرسومات الطفولية وسروالها القصير الذي لا يتعدى ركبتيها وقد وضعت أمامها على الطاولة صحنا مليئا بالمكسرات و زجاجة من مشروبها الغازي المفضل ( بونا ليمون ) ...
كانت تحس بالراحة حقا .. على الرغم من كونها وحيدة في المنزل إلا أن غياب والدتها سمح لها بان تكون على سجيتها وأن تستمتع بإجازتها الاضطرارية ... أعجبتها فكرة العيش وحيدة على الرغم من حزنها على احتراق وكالتها ...
منذ خروجها من المشفى منذ ثلاثة أيام وهي تنعم بحرية مطلقة حتى أنها أعطت إجازة إلى الخادمة وكثيرا ما كانت تشعل المسجل وترقص على أنغام الموسيقى واستمتعت كثيرا بالطبخ على الرغم من خبرتها المحدودة فيه ...
تمددت على الأريكة بكسل وقربت الطاولة إليها ثم وضعت قدميها فوقها وشغلت التلفاز وهي تنتظر بدء فيلمها الكوميدي المفضل ( التاكسي المخفي ).. صرخت بحماس وهي ترى بداية الجنريك ... أخذت حفنة من المكسرات وراحت تقضمها باستمتاع ... على الرغم من قدم الفيلم إلا انه يبقى علامة فارقة في السينما .. لقد شاهدته مرات لا تحصى إلا أنها كانت تضحك بشدة كل مرة كأنها المرة الأولى التي تراه فيها... كانت تعشق شخصياته كلها من السائق المسكين الذي يملك عشرة أطفال وينتظر الحادي عشر إلى المخرج الفاشل والثنائي العاشق والمرأة السمينة التي تدلل ابنها المريض عقليا إلى الشيخ الذي يكذب باستمرار حول أمجاده الوهمية إبان ثورة التحرير لكن أحبها إلى قلبها هو ذلك الشيخ صاحب النظارات الذي يدعي معرفته للطب ...
كادت تغص المكسرات في حلقها من شدة الضحك أمام مشهدها المفضل حين توقف التاكسي أمام دورية للشرطة وما سببه العدد الكبير للركاب من مشاكل للسائق المسكين...
انتهى الفيلم بعد ساعتين من الضحك المتواصل .. رفعت أحلام رأسها إلى الساعة المعلقة في الجدار فرأت أن الساعة لم تتجاوز التاسعة والنصف ليلا فقررت أن تشاهد فيلما آخر ووقع اختيارها على فيلم رومانسي هذه المرة كانت قد شاهدته من قبل لأنها أحبت نهايته ...
كانت مندمجة أحداث الفيلم وعكس الفيلم السابق كانت جالسة بهدوء تماما.. تتعاطف مع مأساة البطلة حتى أنها لم تنتبه لرنين الهاتف الذي ظل يرن لولا أنها فجأة أدركت أنه لا يمكن أن يكون الصوت في الفيلم لأن الأحداث كانت تدور في حقل في القرن الثامن عشر...
أغلقت التلفاز وهي ترى أن الساعة تجاوزت العاشرة ليلا .. من يتصل بها في وقت متأخر كهذا ...
تقدمت بخفة إلى الهاتف ورفعت سماعته لتفاجئ بصوت والدتها تنتحب ... حاولت أحلام التركيز على كلمات والدتها المتدافعة إلا أنها لم تفهم شيئا وما زاد الأمر سوء هو الفوضى والصراخ الذي سمعته من الجهة الأخرى... حاولت تهدئة والدتها واستطاعت أن تسمعها عبر شهقاتها المتلاحقة ..
أنت تقرأ
احلام حياتى للكاتبة : Athenadelta
Romanceهى عشر سنوات عاشتها فى خوف من ماضيها عشر سنوات كانت تأمل خلالها أن يكون قد نسى ومضى بحياته هو مازال يتذكر لم ينس ولم يسامح لأن ما فعلته لا يغتفر ليس بعدما حقق ما يريد وما يريد هو أن ترفع راية الإستسلام ذليلة محطمة نظر إلى ملامحها المرتعبة بسخرية هرب...