الفصل الحادي والعشرون

7K 187 4
                                    

لم تدر أحلام حقا كيف وصلت منزلها .. كل ما أحست به هو أنها كانت تسير كالتائهة في شوارع المدينة.. لأول مرة في حياتها تختبر شعور الإنسان بانهيار حياته والاسوء أن سبب كل هذا هي اقرب الناس إليها .. والدتها.. لو أنها فعلت ما فعلته لأجل حماية ابنتها لوجدت طريقة لمسامحتها .. لكن الاسوء أنها فعلت ذلك لمصلحتها .. لتعيش برفاهية دون ان تهتم بمصير ابنتها ...

قادتها قدماها إلى الشاطئ واختارت لنفسها صخرة عالية.. تسلقتها وبقيت تنظر للبحر وأمواجه المتلاطمة.. أحست برغبة شديدة في البكاء .. لم حياتها بهذا السوء .. لم عليها أن تدفع ثمن شيء لم تفعله.. هي أيضا ضحية.. هي أيضا أمضت عدة سنوات وهي تعاني من الخوف والقلق والانتظار المؤلم ... لم تسر حياتها كما أرادت .. توفي والدها في فترة كانت بأمس الحاجة إليه ...تنهدت والدموع تملا عينيها .. لو كان والدها حيا لما ترك ابنته تعاني هذا الهوان.. حتى عملها الذي تحبه فقدته بسبب امرأة مجنونة وزوجها الخائن ... عانت الويلات مع عائلة كريم .. اهاناتهم المبطنة ومعاملتهم المزدرية لها وفي الأخير اكتشفت أن كل ما يحيط بهم مجرد نسيج كاذب من الأوهام و الخداع ... وخالد.. حتى هو فقدته.. هو لا يحبها ولا يأبه لأمرها .. كل ما يريده منها هو جسدها وحين يمل سيرميها ويتركها معلقة... زفرت بصوت مرتعش ... كل من تريدهم في حياتها تركوها .. إنها وحيدة وتعيسة ... وقفت فوق الصخرة وأخذت تنظر إلى الأمواج المتلاطمة وساورتها فكرة مجنونة.. ماذا لو رمت نفسها في البحر وغرقت.. هل سينتبه احد لغيابها .. هل سيحزن احد لرحيلها.. فكرت بمرارة .. على الأرجح لا احد .. ستتغلب والدتها على حزنها في ظرف قياسي .. سيتخلص خالد مما يربطه بها ويعيد حياته مع امرأة أخرى .. أما كريم فسيلعنها لأنها انتحرت قبل أن تعطيه أموال الرصيد... جلست على الصخرة مجددا تاركة العنان لدموعها وأخذت تشهق بعنف وهي تغطي وجهها بيديها حتى انتبه اليها بعض الفضوليين من مرتادي الشاطئ ...

لم تحس بمرور الوقت وهي جالسة في مكانها تحدق في الفراغ.. لكن الرعشة الخفيفة التي سرت في جسدها بسبب البرد أعادتها إلى الواقع ولاحظت أنها تأخرت.. لابد أنها أمضت ساعات عديدة على الشاطئ... نزلت بحذر من الصخرة وأخذت تسير على الرصيف المقابل للشاطئ وهي تفكر في كيفية الإسراع بإعطاء كريم ما يريده والرحيل نهائيا عن هذه المدينة ...

كانت الشمس غائبة والظلام يشق طريقه في السماء حين وصلت المنزل أدركت أنها سارت مسافة طويلة جدا دون أن تحس... انتزعت عنها الحذاء ببطء شديد .. كانت قدماها متورمتان بشكل مؤلم...

سمعت صوت التلفاز في الصالون وأدركت أن والدتها تتابع الآن برنامجها المفضل.. وقفت في الرواق عدة دقائق لا تدري ماذا تفعل لكنها صعدت مباشرة إلى غرفتها في النهاية..أدركت أن مزاجها لا يناسب حديثا متمدنا إلى احد وبالأخص والدتها...

أخذت حماما باردا كان مفعوله نسبيا ... ارتدت ثوب نوم خفيف وتمددت في فراشها طالبة الراحة لكن الأفكار المتزاحمة منعتها وكأن همومها لم تكفها لينضم إليها الم رأس فظيع جعلها عاجزة عن فتح عينيها دون أن تشعر بألم ...

احلام حياتى   للكاتبة : Athenadeltaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن