الفصل التاسع عشر

7.6K 178 6
                                    


ايمكننى ان احمل مظله.؟؟... ليس لتحمينى من سقوط المطر الغزير.... بل لتحمينى من اختلاف الطقوس ...وتغير الاحوال المفاجئه.... ايمكننى ان افتحها واركض بها...هاربة من عاصفه رملية ومطر ورعد صاخب صم اذنيكى انت فقط دوناً عن بقيه الناس ... ايمكننى ان اسير مبتعده عن عالم صلد صدء .... ايمكننى ان انعزل عن البشر ... ايمكننى ان اترك عالمى لاعيش علي كوكب اخر... ربما المريخ حلاً مناسباً او ربما زهرة او المشترى....ولكن هل سيتركوننى وشانى ام سأجد مخلوقات اخرى هناك لم يرها سواي أنا ظهرت من العدم تنغص علي حياتى رافضه ان تتركنى وشأنى... اقسم انى قريباً سافقد صبرى... سافقد هدوئى ذلك وبرودى وتجلدى... سأحول العوالم لعواصف رعديه ورمليه واخرى ضبابيه... عواصف غضبي ستنتشر .... ولن يردعه اي منكم حينها فقد سيكون خارج عن سيطرتى..لان عند تلك اللحظه بالتحديد... فانا قد خسرت نفسي... وتحولت ...اصبحت ما تريده الحياة منى.... وانتم فقط ...يا من قتلتم سكينتى وهدوئي ...عليكم الخوف ...او اهربوا ان استطعتم... فغضبي سيدمر الأخضر واليابس...
................................................
بقصر آل قاسم...حيث تقيم نيفين...
أتى الليل سريعاً وهى جالسه بغرفتها شاردة في لقطات من ماضيها، تعلم أن مأ ألت اليه حياتها آلان بما اكتسبته يداها ، وتعلم ان العوده لما كانت عليه سابقاً اصبح مستحيلاً، فما انكسر لن يعود...
احست بالظمأ، فنهضت متجاهلة ما ترتديه من قميص قطنى قصيريكاد يغطى فخذيها ، وحمالته الرفيعه التى تمردت لتسقط من علي كتفيها ، وشعرها الفحمى الطويل متسرسباً علي ظهرها وبعض الخصلات تطايرت لتغطى جانبى وجهها ، فرسمت صورة أية في الجمال...
اغلقت باب غرفتها بهدوء واخذت تمشي علي أطراف أصابعها حتى لا توقظ ساكنى ذلك المنزل فأخر ماتريده الليله هو رؤيته هو بالاخص امامها... فهى لا تعرف تحديد.مشاعرها إتجاهه بعد وهذا ما يخيفها ويؤرق مضجعها نفضت تلك الافكار عن رأسها و توجهت نحو باب الثلاجه لتخرج منها زجاجه المياه حتى تروى ظمائها، وخلال ثوان معدوده وما كادت يدها تمتد ناحيه بابها إلا وقطع النور فجأه صرخه صغيرة افلتت منها وهى ترى جل مخاوفها تتجسد امامها الآن، هى الآن وحيده وحبيسه للظلام ، اخذت تتلفت خلفها وهى ترتجف من الخوف ، وعندما بدائت بسماع اصوات غريبه ركضت مسرعه تختبئ بالجزء الصغير الفارغ بين الثلاجه والحائط، ثوان فقط مرت واختفي الصوت، لتبداء هى بالنحيب الخافت، فليلتها اكتملت بدء من حزنها ورؤيه كابوسها وانتقامها منه بالحقيقه ونهايه بزواجها واخيراً أقصي درجات خوفها تتجسد فالظلام هو أشد مخاوفها ...
ارتفع أنينها وشهقاتها وهى مختبئه، وخلال دقائق مرت عليها كالساعات الطوال لا تعلم عددهم بدائت تغفو بمكانها وفجأه أفلتت منها صرخه صغيره وهى تحس بشيئ بارد يوضع علي كتفيها، أعقبه أصبع وضع علي فمها ، ليظهر خلفه صوت رجولي تعرفه هى جيداً وهو ينطق بإستغراب بدى جلياً في نبرته: نيفين، ايه اللي مقعدك هنا، لحظه فقط ونهضت هى ملقية نفسها بين احضانه وهى ترتجف بخوف .
كانت صدمه بالنسبه إليه، نيفين، بين أحضانه، وبارادتها.........
وعندما وصل فكره لتلك النقطه وجدها تتشبث بقميصه بقوه وتلك الخصلات المتمرده التى تغطى كامل وجهها، رغبة عارمة تملكته لإزالة تلك الخصلات من علي وجهها ليرى ملامحها، لم يستطع ان يتماسك اكثر من ذلك فمد كفه ليسرع بتلبية رغبته ليرى منظراً حفر بذاكرته ولن يستطع نسيانه مهما حيا ، عيونها الممتلئ بالدموع وشفتاها التى تنفرج بين لحظه وأخرى لتفلت منهما شهقة خافته ووجهها المحمر بشده من بكائها وخوفها ، زاد من إحتضانه لها وبتلك اللحظه رفعت هى رأسها اليه، لتلتقي العيون بحديث لن تفهمه لغه اللسان ، ونطقت القلوب بما تخفيه وخلال لحظه رأئها تترنح واللحظه الأخرى عاد النور كما أختفى ليرى ملاكه فاقده الوعى بتلك الثياب ،بين زراعيه هو.......
اخذها سريعاً منطلقاً بها نحو حجرته وهو يرى جسدها الذي بدء بالتجمد بين زراعيه وخلال ثوان وصل لغرفته ركل الباب بقدميه ووضعها سريعاً علي الفراش بعد أن دثرها بما وجده امامه، دقائق مرت وهو ينتظر افاقتها حتى سمعها تتمتم من بين شفاهها " نائل متسبنيش" وعند تلك الجملة خارت قواها ليسرع هو بإتجاهها وهو يحتضنها بشده، ويتوعد لها انه لن يتركها مجدداً يكفيه ابتعاداً ...والخطوة التاليه هى كيف سيكسب قلبها..... وهى معه وبجواره..وسيضرب بكلام تلك الطبيبة عرض الحائط....
........ .............................. ............ ...
بالطريق صحراوى كانت تسير السياره بسرعه تعدت اقصي درجاتها وهى تعود ادراجها مرة اخرى بينما بداخلها كان هو يصرخ بزعر وهو يضغط بقوة علي مقود سيارته ويهتف بألم وبكاء لأول مرة : ازااااااى صدقتها.... انا عارف انها هتحاول تنتقم من فرحه.... بس قولت استحاله تكذب عليا..... ازاى اسيبها في الوقت اللي هى محتاجانى فيه.... اخذ بضرب المقود بكفه وهو يصرخ بغضب ويدعوا الله ان تكون حبيبته وزوجته بخير ليمسك العاتف وهو يحاول اعادة الاتصال بها مرة اخرى ولكن ما من مجيب هدر بعنف وهو يقول: ماااشي يا امى.... ليه مش عاوزين تسيبوها في حالها....لييييييييه بس...
........................................ ..........
بالمشفي.... دلف عدة اطباء الغرفه بسرعه بينما رندا تبكى بألم وهى تدعوا الله ان تبقي صديقتها بخير...
بينما رائد فكانت ملامح وجهه لا تفسر دقائق مرت علي ذلك الحال ليتوجه ناحيه وعد وهو يقول بصوت غامض: هو مين معاذ ده..
نظرت له وعد بألم وجست علي اسنانها وهى تقول: ده واحد .......... اقسم بربي ما هسيبه يتهنى...اقسم بالله لأقتله...اخذت تصرخ بتلك الكلمات بينما رايد يحاول تهدائتها وهو يقول بعد ان لاحظ نظرات الناس المتجهمه وصوت الممرضه وهى تطالبهم بالهدوء : وعد اهدى كده وقوليلي هو مين وبيشتغل ايه..
لتقول وعد بالم: ده يبقي مدير الشركه اللي بنشتغل فيها ...شركه ورد...
قال هو بهدوء عكس ما يجيش بصدره: حق رندا هيرجعلها متقلقيش..
لتقول وعد بحزن: لو جرالها هى او البيبى حاجه انا هموت يا رائد... رندا اختى...اختى بالرضاعه وصاحبه عمرى...معرفتش اساعدها زمان وسيبتها وحدها تعانى... حاولت ومقدرتش.. ودلوقتى كمان مش عارفه .... مش عارفه اساعدها..
نظر هو لها بالم بينما خرج بتلك الحظه الطبيب وهو يقول لهما: هو انتوا تعرفوا اللى عمل فيها كده..
تبادلت وعد ورائد الانظار ليقول رائد: لا منعرفش يا دكتور اما هى تطلع هنعرف منها ، بس هى حالتها إيه..
قال الطبيب بعد ان زفر بهدوء: هى كانت خلاص هتفقد البيبى والحمد لله قدرنا نلحقه علي أخر لحظه... بس حالتها هى مش كويسه نهائى.. عندها انهيار عصبي حاد غير ان مؤشرتها الحيويه منخفضه ده غير كمان انه بحالتها دى الولاده هتبقي متعسره جداً... يعنى احنا قدام طريق مسدود لا ينفع ننزل الطفل ولا بقاء الطفل جواها هيبقي خير .... انا بقول ادعوا ربنا
نظرت وعد بألم وهى تبكى بشده علي حال رفيقتها وتقول لرائد: ليه مقولتلوش عن اسمه وسكت... انت عاوز تحميه..
قال رائد بشرود وهو يزم شفتاه بحنق بليغ : لا...الناس اللي زى دول هيعرفوا يخرجوا منها زى الشعره من العجين مش بعيد يقولك هى اللي غاوتنى او جاتلي مكتبي او اياً كان.... انا هتصرف يا رندا...ثم تركها وغادر وهى تهتف بأسمه ولكنه لم يجيب...
غادر رائد قاطعاً درجات السلم بغضب واضح ثم خرج من المشفي واشار لأحدى سيارات الاجرة وهو يقول:شركه ورد لوسمحت...
شقت السيارة طريقها وما هى الا عدة دقائق حتى وصل هو امامعا هبط بغضب ثم دلف لداخل الشركه متجاهلاً صوت الحراس به ان يتوقف ... دلف يصرخ بأسم معاذ بين اروقه الشركه ...
بينما بمكتب معاذ لازال الوضع كما هو عليه... هو بمكانه صامتاً وماجد يحاول ان يهاتف وعد الا ان هاتفها خارج نطاق التغطيه...
سمعوا صوت شخصاً يصيح باسم معاذ للاسفل... ليبتسم ماجد بتهكم وهو يقول: اوعى تكون عملت حاجات تانيه ومخبيها واحنا منعرفهاش...
رمقه معاذ بجمود ثم نهض من علي الاريكه وقام بترتيب ثيابه علي عجالة بينما ماجد فتركه وتوجه نحو مصدر الصوت...
وذهب معاذ بأثره..
وما رأوه كان صادماً... هبط كليهما بسرعه ليهتف ماجد اولاً : رائد... مش معقول انت بتعمل ايه هنا ...
نظر له رائد بإبتسامه حزينه.. بينما اقترب رجال الامن ليشير لهم ماجد بان ينصرفوا ثوان وظهر معاذ وهو ينظر لرائد بإستغراب ، ليهتف رائد اولاً : اهلا بأبن عمى...والله زمن وما شوفتكش...
نظر له ماجد بغموض وهو يقول : رائد هو فيه حاجه...
رفع رائد كفه وهو يقول بعد ان اقترب من معاذ ولم يفصله بينهما سوى بضعه خطوات : اللي فيه انت مش هتعرف تحله يا ماجد ....
ثم لكم معاذ علي حين غرة وهو يهدر فيه بعنف: لييييييييييه رندااااااا ....هااااااا ليييييه....هى عملتلك أييييييه انطق..
فغر ماجد شفاهه في حين ان الصدمه الجمت معاذ والعاملون يراقبون ما يحدث بزهول ليلكمه رائد العديد من اللكمات وهو يصرخ فيه ويسبه بأبشع الالفاظ وهو يقول : انت مييييييين..... ازاى سنتين بس غيروك لكائن مسخ كده.... انت ازاى بقيت كده رد عليا... كنت قدوتى .... انت فاهم يعنى ايه قدوتى... حالياً انا مبكرهش علي الارض قدك يا معاذ...
نظر له معاذ بجمود وهو يقول: تعرفها منين يا رائد...
ليقول له رائد بضحك : رندا ووعد وفرحه الثلاثه كانوا زمايل ليا في الفصل... وبعدين بقوا بالنسبه ليا أخوات واكتر كمان...عارف اللي حولنى من انسان مستهتر عديم الفايده لرائد اللي قدامك هى رندا.... رندا اللي بكلامها قدرت تغيرنى... يمكن تقول انا اتغيرت بسببهم كلهم وبسببها هى بالذات..... وفي الأخر تيجى انت وتلوثها بإيدك دى....مش كفايه الحيوان الاول.....ليييييه انت كمان هاااا لييييه..
نظر له معاذ بصدمه بينما ماجد فتجمد مكانه ، ليقول رائد بألم: عارف رندا لو جرالها حاجه هى او ابنها ....هقتلك يا معاذ... الا دول ..انت فاهم....
ثم رمقه بنظرة متألمه وهو يقول:رندا حالتها متسرش ابداً وبين الحياة والموت ولو عاشت مش عارفين هيجرالها ايه..وكله بسببك انت..... صدقنى انا عمرى ما هسامحك ومش انا بس... لا كلنا...
ثم صمت للحظات وهو يقول : عارف رندا اخر كلمه قالتهالنا ايه..
نظر له معاذ بالم بادى علي قسمات وجهه ليتابع رائد : قالتلنا قولوا لمعاذ انى هنتقم منك عند ربى يوم القيامه..... هى خلاص عارفه انها هتموت... عارف يعنى ايه يا معاذ بيه...
ليقول معاذ مقاطعاً بعد.صمته الطويل: هى اللي غلطت من الأول... كان لازم تفهمنى وتقولي مش تخبي عليا...
كف هوى علي وجهه من رائد وهو يبصق عليه بكره: يا خسارة....خسارتك يا معاذ..انت دلوقتى موت بنظرى...وانا اللي كنت مستنى منك حتى لو اعتذار وندم...تقولي هى اللي غلطت...صدقنى انا عمرى ما هسامحك..
هتف معاذ وهو يحاول كبت غضبه: وانت متقوليش انك بتدافع عنها عشان الكلام اللي قولته قبل كده ده وتكون فاكر انى هصدقك...اوعل تكون حبيتها انت كمان وهى عرفت ترسم عليك..
ضحك رائد بتهكم حتى ادمعت عيناه وهو يقول: انت عارف...خساره فيك الكلام... عاوزك بقي تتخيل لو حد قرب جنب ورده اختك كنت هتعمله أييييه.... اكيد مش بعيد تقتله .... رندا بالنسبه ليا اكتر من اخت... وانا عارف انك دلوقتى بحالتك دى مش هتعرف يعنى ايه علاقه نقيه زى دى... وصدقنى يا معاذ اللي منعنى عنك هو انك كنت ابن عمى... كنت زعلان انه مات.. بس دلوقتى صدقنى انا سعيد عارف ليه...عشان لو عاش للحظه دى وشاف ابنه بالمنظر ده كان هيتمنى الموت وقتها...ربنا يرحمه اديه ارتاح... ثم رمقه بنظرة اخيره وهو يقول : سلاااام يا..... معاذ.. وصدقنى الايام بينا...
وغادر تاركاً إياه وسط نظرات الجميع المصدومه ليهدر صوت ماجد بعنف وهو يصيح: كله علي شغله الفيلم خلص خلاااص......
......... ................. ................ .......
علي مشارف احدى قرى محافظه الأقصر وصل القطار ليقف بمحطته حتى يتسنى للركاب الهبوط... هبط عمار وهو ممسكاً بكف نغم الخجوله كعادتها وهو يقول: اوووف اخيراً وصلنا بعد مشوار ١٢ ساعه..نظرت له بشرود وهى تقول: تفتكر اللي عملته صح...وانا عارفه ردت فعل أهلب هتكون ايه مش بعيد يقتلونى فيها لما يشفونى...
رمقها عمار بمواساه وهو يربت علي كتفها ويقول: اللي عملتيه مكنش غلط..انتى حد طيب قوى يا نغم...وكان الاهم عندك انك ترفعى راس عيلتك وتخليهم فرحانين بيكى.... واديكى جيتى لحد عندهم عشان ميداروش وشهم من التاس تانى ...وصدقينى لو انا مكانهم كنت هبقي فخور انك رجعتى عشان تتحملي نتيجه غلط بالنسبه لهم انك تهربي من فرحك برده حاجه مش سهله بغض النظر عن سببك انتى... بس اكيد الاهل مش هيشيلوا في قلبهم وهيسامحوكى..
نظرت هى له بشرود وهى تقول: ياريت كلامك يبقي صح يا عمار... المشكله انى عارفه اهلي وعلي الرغم من كده بسلملهم نفسي برجليا....
نظر هو لها ليبتسم وهو يقول : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا.... اللي ليه عمر محدد هيقضيه في اى مكان واجله هيبقي محدد برده سواء في بيتك سواءً بره بيتك ... انسي بقي واستمتعى باللحظه اللي كنتي مستنياها احنا اهو في بلدك... ويلا مش كنتى محضرالي برنامج وقولتيلي هبقي المرشده بتاعتك.... يلا فرجينا شغلك....
ابتسمت هى بسعاده وهى تقول بتمثيل : احممم طب هنبداء من الاول خالص اكننا لساتنا نازلين من الجطر ده..... لتشير لعمار وهى تقول ...دى بجى بلدى اللي اتربيت وكبرت فيها ..
ضحك هو بشده لتنظر هى له بحنق ليقول هو لها بإسف : خلاص اسف كملي كملي... زفرت هى بهدوء ثم انسجمت مع الأجواء سريعاً لتهتف وهى تحث عمار علي السير وتقول بحماس علي غير عادتها :يلا يا عمار تعالي عشان افرجك علي بلدنا لحدما نوصل بيتنا..
نظر هو لها بإبتسامه وهو يراقب نظراتها السعيده وهى تحدثه عن القريه وتشير نحو معالمها...دقائق مرت لتمر احدى التكاتك كوسيله نقل بتلك القريه اشار هو له وهو يقول : يلا يا نغم انا تعبان ومش قادر اكمل مشي لحد هناك بالمنظر ده. .
ابتسمت هى له وهى تقول: نسيت ان الطريق كان طويل من كتر حماستى... ثم ركبت بجواره وهى تعطى السائق العنوان وتقول : اطلع علي بيت السلمانيه ...
التفت لها السائق وهوويقول بزهول: ست نغم... مش معجوووول...
نظرت له نغم بإبتسامه وهى تقول: عبدالغفور...ازيك وكيف احوالك....
نظر لها الرجل بإبتسامه وهو يقول :، أنى بخير يا ست الكل... انتى اللي اخبارك ايييه..دى البلد اتجلبت بعد ما هربتى ...
بينما عمار فكان يراقب حديثهم بغيظ ثم قال : مش هنخلص تسليمات وسهارى..يلا اتفضل حضرتك وودينا البيت..
نظر به عبد الغفور بحنق وهو يقول لتغم: ومين الخوجايه ده يا ست هانم...
قالت نغم بضحك: ده عمار جوزى..
فغر الرجل فاهه في دهشه وهو يقول: هو انتى اتجوزتى كيييف..
قاطعه عمار بحنق وهو يقول: يلا يا بلدتينا الله يكرمك مش هنحكيلك القصه كلها يعنى...
رمقه الرجل بنظرات متفحصه ثم لوى ثغره وقاد وسيلة نقله مسرعا....
دقائق حتى وصلوا لدار عائلة السلمانيه..
ترك عبد الغفور مقود التوكتوك وهبط مسرعاً وهو يصيح...ست نغم جاااات يا عمده...ست نغم رجعت......صوت هتافه العالي الهاتف بإسمها جعل كل عائلتها تخرج مهرولة للخارج لتستكشف ما يحدث..فربما هناك لبث بالأمر....
خرج كبيرهم اولاًوهو عم نغم وخلفه الرجال من عائلتها واحداً تلو الأخر...وبالنهايه اطلت سيده عجوز برفقه سيدتان اخرتان....
نظرات نغم المتجمعه بها العبر وابتسامتها الهادئه الحزينه هى اول ردة فعل لها وحينما ظهرت والدتها بالخلف مع زوجتى اعمامها فقدت تماسكها وركضت نحوها وهى تصرخ: أمييييي ...اتوحشتك جوووى ياما.....
كادت ان تحتضنها ولكن يد احدهم قبضت علي معصمها قبل ان تصل لوالدتها وهو يهدر بعنف : يا جليله الحيا والربايه ليكى عين تيجى بعد اللي عملتيه....انتى مش خايفه علي روحك ومتعرفيش احنا هنعملوه فيك ايه..كاد ان يهووى كف والدها علي خدها ليلطمه بقوة لتنظر هى لأباها بزعر والم بينما عمها الاكبر فكان يراقب بصمت....
صوت عمار وخطواته المسرعه كانت هى الفيصل عند تلك النقطه وهو يقول: نغم مغلطتش يا عمده...ولما الامور هديت قررت ترجع تعتذرلكم لانها بنتكم من لحمكم ودمكم....
وانت مين بجى يا بيه ...كان ذلك هو صوت احد ابناء اعمامها....وهو يقول بإتهام وينظر لنغم الواقفه ترتجف بين كفي والدها الغليظان....
انا ..... انا ابقي جوزها........ هتف بها عمار دفعه واحده وهو ينظر لنغم الخائفه بقوة وشجاعه اعتادتها هى كثيراً عليه....
عند تلك الجمله انطلق اباها نحوه ليمسكه من قميصه وهو يقول : انت اللي هى هربت عشانه.... ودينى وما اعبد لاكون جاتلكم انتوا الاتنين سوا عشان تبقوا عبرة لمن يعتبر وامسح عارى بإيديا دول ...
نظر له عمار بقوة وهو يقول: انا معرفش نغم اصلاً غير من فتره قصيره لما هربت وجات عندنا..ثانياً انا من الجيزه ايه اللي هيجبنى الاقصر عشان اتعرف علي بنت ...ثالثاً وده الاهم انا متجوزها علي سنه الله ورسوله وجيلكم هنا بس عشان ناخذ رضاكم مش اكتر ولا احنا طمعانين في حاجه غير رضاكم .... ولو موفقتوش احنا عملنا اللي علينا ومدام مش هترحبوا بينا علي اول قطر وهنمشي .....
ومين هيفوتكم تمشوا عاد...ليه هو دخول الحمام زى خروجه نطقها أخاها وقد حضر الآن لتوه بعد سماعه صوت شجار بالأسفل ليجد اخته وذلك الشاب الغريب واقفين ليستمع للحوار جيداً ثم تدخل بقوة...
ليهتف عمار بقوة: انا مش جاى عشان مشاكل..انا جاي وجيبلكم بنتكوا عشان تحتوها وتطلع من بيت اهلها معززه مكرمه علي بيت جوزها...اظن مفيش مشكله بكده واحنا عملنا بالاصول عشان محدش في البلد يقدر يتكلم عليها بكلمه بعدكده ونقطع لسان اللي يتكلم..ولا انتوا رائيكم ايه يا حضرات...
مهو اللي اتكلم اتكلم وسيرتنا بقت علي كل لسان غير ابن عمها اللي اتقتل بسببها الفاجرة..لو مكنتش هربت كان زمانه وسطينا... نطق بها اخاها الأخر وهو يهتف بحميه ويقول: انا اللي هغسل عارى بيدى يا ابوى....
لا يا ولدى .. حررررام مش كفايانى واحده غسلتها بإيديا الجوز...كمان هغسل التانيه...
نطقت بها والدتها بحزن وخوف
ليصيح والد نغم بقوه: معندناش حريم تفتح خشمها في حضور الرجاله يا مره..ولا كبر السن أثر علي عجلك.. ..ويلا ادخلوا جوه مشوفش حرمه هنا في وسطينا... لتنسحب النساء كراهية بينما والد نغم نظر ولازال قابضاً علي كفها بقوة ليقول عمها بصوته الاجش : بنتنا في بيتنا ..... واحنا هنعرفوا نربوها ازاى كويس...بينما انت .... واشار علي عمار بقوة....تطلجها دلوجتى وتفوت مطرح ما جيت ومنشوفش وشك واصل حدانا والا وربنا بسماه لنطخك بالنار ...
نظر لهم عمار بقوة بينما بكت نغم بشده وهى ترمقه بنظرات متألمه ليهتف هو ولازالت انظاره متعلقه بنغم: دى مراتى... وطلاق ومش هطلق انتوا فاهمين... وهاخدها دلوقتى ونمشي بدل ماانتوا مش مرحبين بينا هنا...
تقدم هو عدة خطوات ليوقفه جسد اخواها الضخمان وهما يقولان: اوجف عندك ... واياك تخطى خطوه تانيه لجدام...
نظر لهم عمار بتوتر ثم استعاد شجاعته وهو يقول: انا مش هسيب نغم هنا ومش همشي انتوا فاهمين....
ليلكمه احدهم بفكه ليتاوه هو بينما تصرخ نغم بأسمه بضعف وانهيار ليهوى كف والدها علي وجهها وهو يقول: حطى لسانك جوه خشمك يا جليلة الحيا...وربي لاجتلك بإيديا الجوز واغسل عارى يا جليلة الربايه...
انتفض عمار صارخاً وهو يقول : متمدش ايدك عليها.... حاول تخطى الاثنان بينما عمهم قال له: شكلك مش هتجيبها علي بر... ثم اشار للشابان وهو يقول : ادبوه كويس وهاتوه مكان ماانتوا عارفين ثم اولاهم ظهره وغادر ليسحب اخاها الاخر نغم من بين يدى والدها بينما هى فتحاول الصراخ بعمار والفرار نحوه ولكن قوته وغلظته منعتها بينما لم يتهاون هو بإعطائها العديد من الكفوف لكى تكف عن الصراخ ...امتزج صوتهما عالياً وهما يصيحان كل منهما بإسم الأخر مخلفان مقطوعه موسيقيه لحب حزين خطت الحانه بخطوط من دم وعادات قديمه وعقول اقدم ابت ان تترك الاحباء ليكملوا طريقهم....
...................................................
بمنزل فرحه....
عناصر الشرطه تجمعت حولها بينما هى فلم تنطق بحرف... شفاهها الزرقاء واطرافها المتجمده وشهقتها بين لحظه واخرى وهى تقول: انا مقتلتهاش..هى وقعت...انا مكنتش اقصد ازوقها....كنت بدافع عن نفسي...انا مقتلتهاش... ظلت تهزى بتلك الكلمات بينما طفلها فكان يبكى محاولاًالوصول لها..لمحت هى خطواته المتعثره علي ركبتيه وكفيه وهو يحبوا نحوها جاهدت لتنهض لتحتضنه ولكن الم جرح كتفها وجسدها الهلامى أثر الصدمه لم يجعلها تتحرك...تخطى الطفل جموع رجال الشرطه الذين يتفقدون مكان الحادث ليتوجه نحو والدته التقطته هى ببكاء وهى تحتضنه بشده وتهتف بأسمه وبكلمات حبها له باذنه..ليقول احد رجال الشرطه وهو يشاهد ذلك المشهد المؤثر: مدام فرحه..ياريت حضرتك تتفضلي معانا القسم...
نظرت هى له بخوف وهى تحتضن صغيرها وتقول:، لاااا..انا معملتش حاجه صدقنى هى اللي وقعت .....انا كنت بدافع عن تفسي بس...
نظر لها الرجل بصلابه محاولاً تجاهل مشاعره وتأدية واجبه: بس دى قضيه قتل وفيها تحقيقات ومش هتتحل في البيت انتى هتنورينا لحد ما القضيه تتحل ان شاء الله..
نظرت هى له بخواء وهى تنظر لطفلها وتقول:ابنى...هسيبه فين....
نظر لها الشرطى بقلة حيلة وهو يقول: مع اى حد من قرايبك مع الجيران دى مش شغلتنا...
قاطعهم صوت رجولي غامض وهو يهتف بأسمها: فرححححححه..
التفتت هى لمصدر الصوت لتجد وائل يرمقها بخوف وهو يقول بعد ان اقترب منها وهبط لمستواها: انتى كويسه ...
نظرت هى له بألم....ولم تنطق...ليقول الضابط بصوته الجهورى: يلا يا مدام لو سمحت ممعناش اليوم بطوله...
ليهتف وائل: يلا فين حضرتك انت تقصد اييييه...
قال الضابط بعد ان شرح الوضع: مينفعش دى متهمه بقضيه قتل....
فغرت فرحه شفاهها بخوف ليقول وائل بقوة: ودى استحاله تقتل انت مش شايف شكلها ازاى دى طفله .... عارف يعنى ايه طفله عندها ستاشر سنه .... وبعدين دى شقتها واللي اتوفت دى متهجمه عليها واصابتها كمان ازاى تقول انها قتلتها والناس كلها تشهد انها كانت بتدافع عن نفسها مش اكتر...
ليقول الضابط: انا معاك في كل اللي قولته بس القانون قانون ولازم تحقيقات ونيابه دى مهما كانت تهمه قتل ......
نظر هو لفرحه بالم وهو يقول : وانا مش هسيبها تتبهدل في الاقسام.. دى بنت... وبعدين اللي انتوا عاوزينه انا مستعد ادفعه..
نظر لها الضابط بحده وهو يقول: انا ممكن البس حضرتك تهمه دلوقتى. .... ياريت تسيبنا نشوف شغلنا....
ثم اشار لإحدى الشرطيات لتتقدم هى نحو فرحه بعد ان قامت بالنظر لها وهى تقول: يلا قومى معايا....
تماسكت فرحه قليلاً ونهضت بألم وهى تحتضن طفلها بشده لتقول الشرطيه : يلا سيبيه يا مدام للأستاذ..... يلا عشان البوكس تحت مستنينا ..
نظرت فرحه رافضه ترك طفلها وهى تهز راسها بنفي وخوف وتشدد من إحتضانه وتترجاهم: ارجوكوا مش هيعرف يقعد مع حد غيرى ومش هيسكت معاهم..ده لسه رضيع... لو سيبته هيموت.... اخذت تبكى بقوة وهى تقول: خلاص هاخده معايا...
نظر لها الجميع بشفقه ليقول الضابط : معلش يا مدام احنا اتفقنا مينفعش يلا سيبيه للأستاذ وهو هيتصرف...
هزت هى راسها بنفي ليشير الضابط لأحدى الضابط لتسحب منها الطفل بينما فرحه فتشدد.من امساكه بينما اتت أخرى فثبتت يداها لتتمكن الاولي من سحبه لتبكى فرحه بشده وهى تهتف بأسم طفلها...بينما فطفلها وكانه يعلم ان والدته ستتركه ليبكى هو الأخر بأسمها...مااااااااااااامااااااااااا
فاااااااااااااااااااااااااااااااارس.....
لحظات توقفت عندها القلوب لتبكى ...فالحجر بكى فما بالك بقلوب البشر... نظر لها الجميع بإشفاق لتسحبها الشرطيه لاسفل بينما فرحه تقول لوائل بصوت مرتفع:، خلي بالك من ابنى بالله عليك.... اكيد ريان هيجيله انا واثقه ان ريان مش هيسيب فارس....
اومئ وائل برأسه بألم ثم التقط الصغير الذي يبكى بشده واخذ بهدهدته الي أن يهدى ولكن الصغير لم يصمت ... فعلاقه الأم بطفلها هى اقوى واعمق علاقه علي وجه الكرة الارضيه...
هبطت هى للأسفل معهم لتجد سيارة تعرفها جيداً تقترب من تجمهرهم... لتنظر هى للشرطيتنان الممسكتان بها بقوة وعندما توقفت السيارة ليخرج من بها ليشاهد ما يحدث بزهول ...وقد فغر شفاهه وهو يهتف بإسم امه... ركضت هى مفلته من بين يديهم ليصيحوا هم بإسمها بينما هى فحدت مسارها لتهتف بإسمه وتركض محتضنه إياه وسط نظىات وائل من الأعلي وهى تقول له ببكاء:، انا مقتلتهاش يا ريااان صدقنى والله ما قتلتها ولا انتقمت منها انا... انا بس كنت بزق اديها عشان ما تصبنيش وهى وقعت... والله ما قتلتها..ريااان اوعى تكرهنى..انا مش مجرمه صدقنى.......
نظر هو لها بألم... لحظات صمت من الجميع منتظرة قراره هو لتهبط منه دمعات اعقبها شهقاته لتحتضنه هى بقوة وهى تقول: سامحنى....انا اللي بوظتلك حياتك كلها.... ياريت لو تقدر تسامحنى يا ريان تسامحنى...بس صدقنى والله ما كان قصدى...خلي بالك من فارس... ابنى بأمنتك لو جرالى حاجه فهو ابنك انت...
لتمسك بها الشرطيتان وتسحبانها معهم لسيارة الشرطه ثوان وانطلقت السيارات نحو قسم الشرطه....

إنتقام خارج نطاق السيطرة - الكاتبه تنسيم القاضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن