الفصل الثاني

15.4K 223 9
                                    

من قال ان الانوثه ضعف وخجل وقله حيله وانسياق ......
من قال أن الأنوثه ثياب وبعض من مستحضرات التجميل تغطى علي ملامح خلقها الله بإبداع....
من قال أن الأنوثه هى احتياج .....
دعونا نضرب بكلماتهم عرض الحائط...
دعونى اقول ان الانوثه قوه وثقه، الانوثه اعتزاز ، الانوثه الحقيقه هى ان نرضا بخلقةالله ، فكل أنثي بداخلها ما يميزها، وليس الجسد هو المميز الأكبر، ربما مع مرور الزمن وتغير انفس البشر، وبالطبع تدهور احوال المجتمع، فالحامى لنا اصبح هو اللص، وكما يقولون "حاميها حراميها" ، اصبح الجسد هو العلامه المميزه للأنثي للأسف ، واصبحت الانثي عند كثيرين سلعه تباع وتشترى ......
اعتمدى علي نفسك يا انتى، لا تنتظرى رجل يأتى علي حصانه الابيض لينتشلكى من وسط مجتمع عقيم ، اجعلى احلامك قيد التنفيذ، اسعى لتخرجى كل ما يعتمل صدرك من هموم وآلام ، اصرخى بوجه العالم، لن انساق وراء رغباتكم، وسأصبح كما اريد انا ان اكون...
فقط كونى انتى كما تريدين ان تكونى....
...............
بدء الفجر بالبزوغ ومع اول خيط من خيوط النهار فتح باب احد تلك المحلات التجاريه وخرج شخصان نعلمهما جيداً ، اغلق الباب سريعاً واشار لمن خلفه لتتبعه بصمت اخذ يسير نحو طرقات ملتويه حتى وصل لمنزل من طابقين علي الطراز الاسلامى ، فالمشربيات الخشبيه من خشب السنديان تزينه من مختلف الجهات، والزجاج البنى يحتضن المنزل في سعاده ودفئ ، والباب البنى بلون خشب الزان كان ذلك هو وجهتهم، عده طرقات علي الباب جعلت قاطنيه يسرعوا لفتحه بعد يوم عصيب والقلق يتأكلهم علي ابنهم الذي لم يعاود من متجره الخاص منذ امس .
فتحت الباب فتاه في عمر ال١٥ ربيعاً وقد ظهر الغضب جلياً علي ملامحها سرعان ما حاولت ازالته فغائبهم قد عاد سالماً معافي وهذا هو الاهم نطقت بإسمه من بين شفاهها الصغيره وهى تسرع بإحتضانه وتقول: عمااااار...
ازاحتها تلك المرأه ووقفت مكانها وسحبت صبيها واحتضنته وهى تسئله عدة اسئله عن سبب تأخره....
ولعدة لحظات فقد توقف الزمن، عندما لاحظوا وجود احد الاشخاص واقف بعباءه غريبه سوداء خلفه.
اشار هو لهم وهو يقول بتنهيده : احمم دى نغم ....
تجمعت النظرات متأمله تلك الفتاه بحذر ، ليقول هو منتشلاً تلك الفتاه من التوتر والخوف : ايه ياماما مش هتدخلونا
اسرعت امه بإبتسامه وهى ترحب بضيفتهم.
دلفت لداخل المنزل الذي شعرت فيه بالهدوء والدفئ الذي افتقدته طوال حياتها السابقه ، لتجد الفتاه الصغيره تنظر لها بتأمل وهى تقول اتفضلي اقعدى.
ابتسمت هى بتوتر علي ترحيبهم ذاك وجلست علي احد المقاعد بخجل لتدلف الفتاه تاركه اياها وحدها لاحقه باخيها وأمها.
سمعت هى صوت همساتهم وتشاوراتهم بالداخل وهى تضع يدها علي قلبها لتخفف من ارتفاع نبضاته الخائفه.
اما بالداخل كان عمار يقص لوالدته ما حكته له تلك الفتاه وهو يقول: هربت من اهلها عشان كانوا هيغصبوها علي جواز ابن عمها وفي ليله الدخله غفلتهم وهربت وهما جم وراها بيدوروا عليها من اخر الدنيا ومعندهاش مكان تقعد فيه ....
صمت للحظه ليرى نظرات والدته واخته بعضهم لبعض ، لتقول والدته بهدوء : انت متأكد يا عمار ان البنت دى مش هتجبلنا مشاكل، انا عندى اخواتك يا ابنى ومش حمل هموم تانيه كفايه وعد اللي اختفت بقالها شهر بعد سفرها ومحدش يعرف عنها حاجه...
قاطعتها ابنتها الصغرى بنبره مطمئنه: ياماما انا لو مكان عمار كنت عملت اللي عمله يعنى هنسيب البنت في الشارع ونقولها دورى علي مكان تانى ، انت ست الأصول وادرى منى ومنه، ولو حد منا مكانها...
اسكتتها امها بأصبع من يدها وهى تستغفر ربها وتقول بحزن وطيبه: خلاص يا بنى هى تنور ده بيتها ومطرحها وانا هعتبرهازى وعد ونيفين اخواتك.
ابتسم هو لحنان والدته تلك الأمرأة التى ذاقت من حياتها من الحزن وألألام ما يكفيها لأمد ولكنها ظلت شامخه صلبه لايهزها ريح ، وكل ذالك لأجل اولادها...
دلفوا جميعاً للخارج ليرحبوا بضيفتهم وجلست نيفين بجوارها تتجاذب معها اطراف الحديث علها تزيل التوتر والقلق عنها.
اندمجت معها الفتاه سريعاً واخذا بتبادل اطراف الحديث ومالبث ان شاركتهم والدتهم وعمار ايضاً وبعد برهة اندهشت نيفين لما سمعته وهى تنهض وتقول/ مش معقول يعنى انتى عندك٢٠ سنه انا قولت انك قدى او كبيرك ١٦ سنه .
ابتسمت الفتاه بحزن وهى تقول: هنعمل ايه بقي خلجه ربنا وبعدين الجصر والرفع حلو ما بيبنش عمر الواحدة ومهما كبرت هفضل إكده صغيره اعقبت حديثها بضحكه بريئه شاركتها بها عائلته بسعاده
لتقول والدة عمار بتساؤل : انتى من الصعيده مش كده ، جيتى لحد هنا في قريه في الجيزه ازاى ...
ابتسمت الفتاه بخجل وهى تقول بلهجتها تلك: اه من الصعيد من الاجصر "الاقصر" جيت بقي بالقطر هربت من عيلتى وركبت الجطر من يومين وصلت القاهره لقيت عربيه بتقول جيزه جيزه ركبتها وبس نزلت ولقيت عربياتهم ورايا فضلت اجرى لحد ما لقيت عربيه خصوصي واجفه ركبت فيها لقيتها ست كبيره اتحايلت عليها تودينى في سكتها اتاريها جايه هنا الجريه دى ونزلتى مكان ما كانت رايحه لأصحابها وانا اخذت الطريق امشي معرفش اروح فين لحد ما عرفت انهم لحجونى وجتها لجيت محل الاستاذ مفتوح وبس وبعديها الباجى انتوا عارفينه..
ابتسمت لها والدتهم بأسف وحزن علي حالة تلك الصغيره التى ذكرتها بالكثير من ماضيها نهضت واحتضنتها فجأه وكأنها تخبرها انها بجوارها ومعها وان تتركها.
اغرورقت عينى نغم بالدموع وبادلت هى الاخرى بإحتضان تلك السيده الحنون
لتقاطعهم نيفين بحديثها المعتاد وهى تضحك وتقول لعمار: ااااوبااا اواباااا ماما وست نغم مع بعض وبفعل فاضح في الطريق العام ، يخرااابي يابوووووى يافضحتك يامى..
القت والدتها الوساده عليها بمزاح وهى تقول : انتى كارثه ، ربنا يستر عليا منك هتجيبى اجلي قريب.
لتهتف نغم بصدق: بعد الشر عنك انشاالله عدوينك
ضحك الجميع لتقول والدتها وقد غلبها النعاس: نيفين خدى نغم علي اوضتك واديها هدوم وخليها ترتاح زمانها تعبانه من السفر وانت يا عمار يلا علي نومك عشان وراك بكره شغل وانا رايحه انام جنب عثمان.
نظرت نغم بإستغراب لذاك الاسم، اتقول لسم زوجها هكذا بدون القاب.
لأحظت نيفين شرودها لتضحك وهى تقول متجهة نحو غرفتها: مش اللي خطر في بالك خالص عثمان ده اخويا الصغير عنده ٧سنين
ابتسمت نغم بحرج وسارت خلف تلك الفتاه الرقيقه، يبدوا ان الله قد عوضها عن ما قاسته في حياتها بتلك العائله الحنون.
واغلق باب الغرفه خلفهم معلنين عن نهايه يوماً كان عصيب لجميع افراد تلك الأسره.

........
علي الجانب الأخر...
بإحدى احياء القاهره
في حى من تلك الاحياء الشعبيه ، حيث يصدح صوت المذياع بذاك الراديو علي ناصيه ذلك المقهى القديم ، ويقف امام ذاك المقهى عربه الفول الشهيره وقد تجمهر عليها العديد من الناس طالبين بحصتهم من الفطور الصباحى. وبركن اخر تقف سيدتان تتحدثان في امور سكان اهل الحاره اجمع ولم يسلم من لسانها اى ساكن كان جيداً ام سيئاً ، وبالتحديد بذلك المبنى المتهدم ذو الثلاث طوابق فتحت شرفه الطابق الثانى ليطل منها وجه مألوف لتلقي نظره علي السماء تتفقد فيها احوال الطقس ثم تدلف مره اخرى منتزعه وشاحها من علي احدى الارائك القديمه وتضعه علي كتفيها ثم توجهت نحو تلك المرأة وهى تنظر لثيابها بسخريه وتقول وهى تحاول تجسيمها علي بطنها البارز قليلاً كأنثي حاملاً في شهورها الاولي: حبيبى احنا هنزل النهارده ندور علي شغل وان شاء الله هنلاقى ، ثم ابتسمت وهى تقول: ماما حبيبتك هتفضل معاك وهتحافظ عليك ومش هتخليك محتاج لحاجه ابداً ثم ابتسمت سريعاً والتقطت حقيبتها الصغيره وفتحت باب منزلها وتوجهت هابطه لأسفل بعد ان تأكدت انه لن يستطيع اى شخص اكتشاف حملها بتلك الملابس الواسعه..
واثناء هبوطها وقفت عقب سماعها صوت احدى الجارات تهتف بإسمها التفت وهى تحاول جاهدة رسم ابتسامه علي وجهها وتقول: اهلا يا مدام هاله.
لتقول هاله بنبره متأفأفه : اهلاً يا حبيبتى ، الا قوليلي انتى هتدفعي فلوس الايجار امتى انا مفروض اخده امبارح وقولت خلاص اكيد اتأخرتى او نسيتى وهتجبيه النهارده، بس شكلك كده نسيتى.
لتقول رندا بحرج: احمم ، انا اسفه قوى علي التأخير بس ان شاء الله هدفعه قبل اخر الاسبوع في فتره السماح، معلش بقي سامحينى والله الظروف اليومين دول انتى عارفاها
ثم تركت المرأه وانصرفت مغادره ذلك المبنى وهى تدعو الله ان يرزقها بعمل لكى لا تطرد من بيتها .
توجهت مسرعه نحو الطريق واوقفت احدى السيارات وركبتها وسط الزحام المعتاد علي وسائل المواصلات العامه، وكالعاده ظلت طوال الطريق واقفه علي قدمها ، ولم تتحرك الشهامه بأى ذكر ليقف ويجلسها مكانه" عفواً فزمن الرجوله قد أنتهى"...
وصلت وجهتها بعد ان كادت ان تسقط من التعب سارت قليلاً حتى توقفت امام العنوان المدون علي تلك الورقه بيديها لتتفقد واجهة ذاك الصرح العملاق ذو الواجهه الزجاجيه والالوان الجذابه ،شركه كبيره لمنتجات التجميل، والوظيفه الشاغره عامله بوفيه واخرى سكرتيره مكتب ، تمنت ان تجد احداهن فارغه توجهت نحو المبنى وكلها امل ان تجد وظيفه لها فقد ارهقها البحث عن الوظائف طوال ٣ اشهر ماضيه ولم توفق في احداهن بسبب صغر سنها اولاً وعدم وجود بحوذتها اى شهاده غيرالشهاده الاعداديه.
سارت بهدوء حتى بوابه ذاك الصرح فأوقفها احد حراسه وهو يقول بنبره قويه: رايحه علي فين يا استاذه.
نظرت هى له بثبات ورفعت احد حاجبيها وهى تقول: هكون رايحه فين يعني، داخله الشركه عندى مقابله شغل.
نظر لها الرجل من راسها لأخمص قدميها ثم قال بإعجاب : طيب اتفضلي يااستاذه.
دلفت للداخل وهى تبتسم بسخريه، فمنفعتها الوحيده التى نالتها من هروبها ذاك ،هو تغير ملامح وجهها ، بالطبع قد ضاعت كل اموالها علي تلك العمليات الباهظه ولكن من يراها الآن لن يستطيع ان يصدق ان تلك الفتاه هى نفسها رندا القديمه.. سارت بخطوات متمهله نحو قسم الاستعلامات ثم سئلت عن الوظيفه التى قد وجدتها بالإعلان والجواب هو الموافقه ، تنفست الصعداء ثم ارشدتها احدى الموظفات علي مكان الانتظار توجهت نحوه وجلست بهدوء تراقب الوضع عن كثب بعد عدة دقائق هتفت احداهن بإسمها واشارت نحو احد المكاتب لتدلف هى بتوتر وقد زال عنها كل ذاك التريث والتمهل منذ قليل.
دلفت بالمكتب لتجد ثلاث اشخاص جالسون يطالعون اوراق بين ايديهم بصمت وقفت بمكانها لاتعلم ماذا تفعل ومع زياده توترها ، وانزيمات الحمل التى جعلتها تبداء بالتعرق وكأنها في مواجهه احد الاسود او ربما هى ستذهب لإمتحان لم تدرس له جيداً ، وزاد ارتباكها مع مرور الوقت ولم يلتفت اليها احدهم ، وبعد عده دقائق اخرى، تبدل قلقها وتوترها لغضب ، فكما قلت فهرمونات الحمل تبدل من حالاتها المزاجيه بين فنية واخرى ، كادت ان تغادر غاضبه، وهى تهتف بصوت منخفض بحنق وغضب ولكن اوقفها صوت احدهم وهو يقول: علي فين يا انسه انا مسمحتلكيش تمشي.
تجمدت مكانها ، اذاً فهم كانوا يعلمون بوجودها وتجاهلوها عن عمد، واكثر ما تكرهه هى هو التجاهل ودت لو ركضت تلك المسافه الفاصله وصرخت بوجوههم جميعاً ، ولكنها الآن بحاجه لتلك الوظيفه بأى شكل من الاشكال فهى مهدده بطردها من منزلها بأى لحظه والاكثر سواءفطعامها علي وشك النفاذ....
التفتت اليهم بهدوء حاولت تصنعه كثيراً وهى تقول بحنق: لا هو انا هستنى اما حضراتكم تسمحولي امشي ولا اقعد الظاهر انكم مشغولين ومش فاضين تعملوا مقابلات فانا قولت اوفر عليكم الجهد واخد الموضوع من قصره وامشي.
اما الثلاث الجالسون...
كانوا ينظرون بعضهم لبعض بهدوء لينظر لها احدهم بتفحص، فتاه يبدوء انها صغيره بالعمر ، مر علي ملامح وجهها ببطئ عينان بلون العسل، ووجه ذو لون مخمرى وشفاه بلون الكرز ووجهها ممتلئ وتلك الكرات الدائريه حلت محل خدودها واخذت لون وردى محبب للنظر وشعرها الاصفر الحريرى الذي يتطاير حولها، هبط بنظره نحو جسدها فلم يستطع تمييز ملامحه جيداً فالفتاه ترتدى ثوباً بلون سماوى واسع يغطى جسدها بتناسق ويصل الي فوق ركبتها وفوقه شال بلون ابيض .كان يمرر عيناه علي ساقها الذي لاحظ اهتزازهما بقوه .
وحينما رفع عيناه وجدها تنظر له بحنق بالغ وكانها امسكته متلبساً بفعلة شنيعه، تجاهل هو نظراتها وابتسم ببرود ثم قال لمرافقيه متجاهلاً اياها من جديد : ها اتفقنا.
ليهز كليهما رأسه بهدوء ثم نهضا من مكانهم وقاما بالتصافح وغادرا بعد ان رمياها بنظرات غريبه اعتادت هى رؤيتها منذ فتره طويله.....
نظر هو لها بغموض
لتبادله هى نظراته تلك بأخرى بارده لم تعلم كيف أتى لها ذاك البرود فجأه..
ليقول بتهكم واضح : اقعدى يا بنتى مش قدامى اليوم بطوله...
لحظه، ابنته.... ماذا نطق هذا المعتوه لتوه، يبدوا انها لن تستطيع ان تتحكم بهدوء اعصابها ذلك طويلاً، نهضت من مكانها وهى تعض علي شفاهها بغضب وتقول : اما تبقي تحترم الناس وتتكلم كويس هبقي اقعد..
ثم اولته ظهرها لتغادر...
اوقفها صوته الهادر بها بعنف وهو يقول: استنى عندك....

إنتقام خارج نطاق السيطرة - الكاتبه تنسيم القاضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن