الفصل العشرون

7.6K 180 4
                                    

في لحظه ضعف وانهيار
قلم يداعب ملامس ورقة شاردة بيضاء
وحروف تتلاحم في جب مخيلة خرساء
تكتب مشاعر روح افناها الجفاء
وتبكى كما بكت في يوماً عاصف السماء
وتتألم كرضيع يشكو نقص الغذاء
جروح دامية الهبها الشقاء
تتراقص على اهازيج اغانى الرثاء
فالجفن تكبد كل العناء
ليرسم بسمة تحي قلبا أهلكه دوامه الخواء
والروح تقاتل بصمت لتمحى لحظات الجفاء
وتناجى ربها ليمدها بطاقه عطاء
فاستجاب لها الرب " إنا لا نضيع اجر عامل منكم"
ومنها محى السواد
وانتشر النور بالاجواء
وتسلل شعاء امل ليتلمس قلب اثقله الجفاء.....
.......................................................
بقصر آل قاسم....استيقظت نيفين من نومها واول ما احست به هو ثقل غريب علي خصرها , توقعت ربما مراد عاد لحركاته القديمه لتقول بغمغه: مراد اوعى رجلك دى...
لم تجد إجابه لتحاول هى ازحتها من فوقها ولكن ثقلها مختلف ...فركت عيناها لتغمغم : هو في إيه بس هو الواد لحق يكبر كده...
وحينما فتحت عيناها هالها ما رائته فهى بغرفه غير غرفتها ...نهضت فزعه لتجد صوت النائم بجوارها وهو يقول بإبتسامه هادئه:صباح الخير...
نظرت هى له بزعر وهى تحاول استذكار كيف اتت الي هنا ...تذكرت احداث الليله الماضيه واغمائتها تلك لتدرج وجنتاها بحمرة الخجل ، ثم تمالكت نفسها وهى ترى انظاره مصوبة نحوها لتقول : انت ازاى تجيبنى هنا وتنيمنى جنبك... احنا متفقناش علي كده...
نظر هو لها ومازال محافظاً علي إبتسامته الهادئه وهو يقول : هو احنا اتفقنا علي ايه اصلاً... انتى نسيتى انى قولتلك هسيبلك مساحه تقدرى تحددى قرارك... وبس... وطبعاً انا لازلت علي كلامى بس مساحتك دى جوه اوضتنا هنا....
نظرت هى له بفزع ثم نهضت مسرعه وهى تقول :لا طبعاً انا هنام مع مراد مش معاك انت...
وكانها لم تعى ما تلفظت به للتو لينهض هو من علي السرير ببنطاله القصير وتي شيرته المنزلى الذي يحدد ضخامه جسده وقوة بنيانه اقترب منها للتراجع هى للوراء بهلع ليحاوطها هو بذراعه وهو يقول بهمس: يبقي فكرى في معانى كلامك... انتى اه لسه طفله... وهتفضلي طفلتى انا... بس انتى قدام الناس متزوجه... فاهمه قصدى يا طفلتى...
ثم رمقها بتفحص وهو يقول بخبث: وبعدين الحجات الحلوه دى ما تنزليش بيها تانى لتحت..دى هنا في اوضتنا ... وبس.... شدد علي كلماته الأخيرة لتنظر هى له بخجل وتوتر وهى تحاول مدارة بعض من اجزاء جسدها المكشوف بتوتر..ليضحك هو علي مرآها هكذا وهو يقول: متتوتريش قوى كده.. انا مش بعاكس علي فكره...
ثوان وفتح الباب علي مصرعيه ليجدوا ما لم يكن بالحسبان التفت هو بغضب وهو يستحلف انه سيصب جام غضبه علي مقتحم غرفته بتلك الطريقه وربما سيقتله بينما نيفين فهوى قلبها بين قدميها وهى تتخيل نظرات الداخل لها...ماذا سيقول عنها ياترى..فتاة مع شاب بغرفه واحده..ولكن ما ان رفعت اعينها بتوتر لتستطلع مقتحم الغرفه الا وهوى قلبها بين قدميها بحق تلك المرة... ثوان وتلاقت بها الأعين وجميعها مصدومه مما تراه....
لينطق نائل مبدداً التوتر ذلك : رائف ...مش معقول جيت امتى وليه مقولتش للخدم يبلغونى....
نظر له رائف بقوة وزهول ثم ما لبثت ان تبدلت نظراته لأخرى ساخره خبيثه وهو يقول: كنت ناوى اعملهالك مفأجأه ... بس الظاهره انها مكنتش مفأجأه لطيفه خالص وقطعت عليكم لحظاتكم الرومانسيه دى... بس مكنتش اعرف يا نيفوا انك كده بصراحه.... وانا اللي كنت بحارب عشانك وبقول بنت متربيه بقي وانتى كنت بتمثلي الدور مظبوط ومعرفتش امسك عليكى غلطه.... لا بجد شابو ليكى...يعنى كنت بترسمي عليا عشان توصلي للبوص الكبير.. ويبقي الثروة كلها ملكك غير انك كمان معاكى واحد سليم واقف علي رجليه.. تصدقي نظريه برده... بس هو نائل هيخيل عليه حركاتك دى ولا هو يومين وبيتسلي وهيرميكى....
اخرررررررررس.... نطقها نائل بقوة وهويلتقط الملاءه من علي السرير ويضعها علي جسد نيفين الذي تفحصه اخاه بشده ، ليهتف نائل: نيفين مراتى يا استاذ رائف.. ومفيش اى حاجه من اللي في دماغك الشمال دى حصلت.. لاهى لفت عليا ولا غيره....انا اللي اقنعتها انها تتجوزنى وكان جواز مصلحه والحمد لله حالياً بنحب بعض ..
نظر له رائف بزهول وهو فاغراً فاهه ويقول: ازاى...يعنى انت تتجوز حبيبه اخوك.... كنت بتغفلنى يا نائل....واتاريك كنت بتقولي سيبها واجيبلك الاحسن منها اتاريك حاطط عنيك عليها من الأول...
قطع نائل المسافات الفاصله بينه وبين كرسي اخاه المتحرك وهو يقول: انا مش هحاسبك علي كلامك ده لانى عارف انك لسه مصدوم من المفأجأه وكمان تعبان من السفر .... بس اللي عاوزك تكون عارفه انى عمرى ما فكرت اخذ حاجه كانت ليك... انت اللي سيبتها واتمسكت بواحده تانيه ومعرفش هى فين دلوقتى بس اللي اعرفه انك محبتش نيفين يا رائف... اللي بيحب مبيخونش الحب ده ولا سهل انه يغير قلبه في يوم وليله... اللي بيحب بيبقي مخلص لحبه لحد اخر نفس .. انت فاهمنى يا رائف... ولا لسه زى ما انت....
نظر له رائف بهدوء ثم وجه نظراته لنيفين وهو يقول : مبرووووك يا مرات اخويا...مبروك يا نائل.. عقبال اما اباركلكم في البيبى بس يبقي قولولي قبلها عشان عيب انى ابقي اخوك واعرف أخر واحد...
ثم لف كرسيه المتحرك وغادر نحو غرفته..
بينما نيفين فكانت واقفه مصدومه مما تراه.. خائفه ربما وربما هى لا تعلم ذلك الشعور الذي اجتاحها لرؤيته لينظر لها نائل وهو يلاحظ حركه جسدها المرتعش واهتزازة شفتاها ليتوجه نحوها مسرعاً وهو يقول بخوف: نيفين انتى كويسه ...
نظرت هى له بضعف وهى تقول:انا خايفه.
اغمض هو عيناه بقلق فها هى اول علامه غير مبشرة بالخير اثر رؤيتها لأخاه... اذا فكلام الطبيبه صحيح وهى لازالت تعانى من ازمه نفسيه سببها الرجال... اقترب هو منها وهو يقول: طب ليه مبتخافيش منى..
نظرت هى له نظرات تائهة وهى تقول:معرفش... بس انت مش هتأذينى مش كده..
ابتسم هو لها بحنان ثم احتضنها بحنان ابوى صادق وهو يقول : صدقينى استحاله اأذيكى..محدش بيأذي روحه يا قلبي...
هزت هى رأسها بصمت وفقط ومالت مستنده راسها علي قلبه الذي ينبض بعنف فلو ان للقلوب لغه لسمعته ناطقاً اسمها بين كل دقاته ....
فاقت هى علي صوت اخاها الصغير وهو واقفاً علي باب غرفتهم بثياب نومه ويقول وهو يفرك عيناه: نيفين... انتى سيبتينى وحدى ومشيتى ليه. .انا خوفت عليكى...
تركها نائل لتتوجه هى مسرعه نحوه وهى تقول بحنان: متقلقش يا حبيبى انا بس كنت بجيب حاجه وكنت هجيلك تانى... هز الصغير رأسه برفض وهو يقول: انتى بتضحكى عليا.. وهتسبينى وتنامى مع عمو نائل ومش هتنامى معايا تانى زى وعد وماما ...
ابتسمت هى له بكسرة وهى تتذكر ماضيها المؤسف لتقول له بمشاكسه:، لا انت سوسه...بس وعد هنام ...
قاطعها نائل بصوته الجهورى المازح: متوعديش علي حاجه وانتى مش قدها..
نظرت هى له بحنق ليقول هو لمراد: خلاص احنا هنخلي داده رحمه تحكيلك حكايه كل يوم قبل ما تنام ايه رائيك..
وافق الصغير بسعاده وتوجه راكضاً نحو نائل محتضناً اياه من قدمه ليرفعه نائل ويحمله لمستواه وهو يقبله بحنان بينما نيفين فكانت تراقبهم بسعاده وهدوء ورسمت ابتسامتها علي وجهها لأول مره بعد وفاة والدتها ...
.......................................................
بالمشفي.. كانت وعد تقطع الممر ذهاباً واياباً وهى تنظر للهاتف بيدها بخوف ثوان وظهر رائد لتنطلق هى نحوه وهى تقول: رائد انت روحت فين وسيبتنى...
نظر هو لها بتعب ثم هتف بغموض: كنت بحل شويه مشاكل ورايا انتى مالك متوتره ليه..
قالت هى بخوف صادق: فرحه..برن عليها عشان اطمنها علي رندا مش بترد مع انها هى اللي قالتلى مش هسيب التليفون من ايدى ومستنيه اتصالك.. ورنيت علي الارضي برده مفيش رد... انا خايفه ليكون جرالها حاجه...
نظر لها رائد بقلة حيلة وقد تناقل الخوف اليه تلقائياً ليقول: طيب تعرفي تدينى عنوان بيتكم بالتفصيل لان رندا ادتهونى وان كتبته علي ورقه وضاعت.. وانا هروح اطمن عليها واطمنك واجى...
هزت هى راسها له بإبتسامه متشكره وهى تقول: تسلم يا رائد بجد من غيرك مكنتش عارفه هتصرف ازاى هسيب رندا واروح لفرحه ولا اعمل ايه..
هز هو راسه بنفي وهو يقول:،فرحه مسئوليتى ورندا اختى... وانتى كمان..خلينى اصلح اغلاطى اللي ودتهم في داهيه...
نظرت هى له بإبتسامه وهى تقول: عارف لما فرحه ورندا قالولي انك اتغيرت مكنتش مصدقاهم... قولت استحاله الانسان السيئ يتغير... متزعلش منى بس انت كنت السبب في اللي حصل لفرحه.. وكمان جزء من اللي حصل لرندا...كنت دايماً بتهنها بشكلها وتميز فرحه عنها وده اللي ربى جواها عقده نقص وخلاها تدور علي اى حد يقبل بشكلها...هز هو راسه باسف وحزن عميقين ليقول: هتصدقينى لو قولتلك انى ندمت ندم عمرى... مكنتش متخيل ان مجرد تصرفات طايشه من غير تفكير وبشخصيتى اللي كنت معتقد.انها شخصيه ملهاش مثيل زعيم المدرسه بقي ولازم يبقي ليا وضعى فيها... بس لما شوفت نتيجه تصرفاتى..ومع اول قلم فرحه اخدته فوقت.... واللي فوقنى اكتر كلام رندا ليا يوم ما كنا عند المديره في المكتب حاولت اتجاهله كتييير بس وانا نايم او قاعد بيمر علي بالي...حسيت اد ايه كنت حقير.. وعشان كده اتغيرت...قولت يمكن اعرف اصلح اغلاطى دى..
نظرت هى له بفخر وهى تقول: صدقنى انا فخوره قوى انه يكون ليا صديق واخ زيك..
ابتسم هو لها بخجل وهو يقول : طيب انا كده بتكسف...
ضحكت هى بهدوء وهى تقول: طب يلا روح اطمن علي فرحه وطمنى.. انا قلبي واجعنى عليها ربنا يستر... اعطته الورقه ودونت بها العنوان ثوان وكاد يغادر الا واحست هى بدوار لتهتف بإسمه التفت هو لها سريعاً ثم لاحظ ترنحها اسندها ثم اجلسها علي احد الكراسي.. ثم نظر لها بقلق وهو يقول: فيكى ايه انتى كمان...هو انتوا كلكوا كده...
ابتسمت هى بإرهاق وهى تقول: لا عشان من الصبح واقفه فده ارهاق عادى هاتلي بس كوبايه مايه...
ذهب هو واحضر لها كوب الماء الزجاجى..التقطته هى منه ورفعته علي فمها لتحس برجفه شديده بجسدها ليسقط الكوب من بين يديها متهشماً الي قطع صغيره بالارض... لتضع هى يدها علي فمها وهى تقول : فرررررحه....فرحه جرالها حاجه يا رائد....
نظر لها رائد بزعر وثوان وسمعوا اصوات هرج ومرج بغرفه رندا.. بكت هى بشده وهى تقول: يااارب..انا مش معترضه علي قضائك... بس كده كتير..يارب ارحمنا....
نظر لها رائد وربت علي كتفها وهو يقول :متقلقيش ان شاء الله فرحه هتكون بخير..هطمن على رندا وامشي علي طول...
بعد بضعه دقائق..خرج الطبيب ليتوجهوا نحوه ليقول لهم:عندى ليكم خبرين الاول المريضه فاقت..الحمد لله... بس الخبر الثانى هو المؤسف... هى عندها حاله نفسيه سيئه غير ان مناعتها خلاص في الضياع بالاضافه الي ان تحاليلها اللي عملناها ونتيجتها ظهرت اوضحت انها عندها مرض القلب ..
شهقت وعد بفزع.... ووضعت كفها علي فمها
ليتابع الطبيب لذلك هنحتفظ بيها هنا وهنولدها قيصرى..وممنوع ليها اى حمل تانى بعدين بالمستقبل... وربنا ان شاء الله يكتبلها عمر طويل ...بعد اذنكم...ثم غادر تاركاً اياهم ..لتقول وعد انا هدخل اشوفها، وانت تعالى اطمن عليها وروح طمنى علي فرحه...
دلف كلاهما ليجداها مستلقيه علي الفراش ومتصل بها الكثير من الأجهزه ، ليقول رائد بمزاح: حمدلله علي سلامتك يا رندا... تعيشي وتتعبينا كمان وكمان..وانزل من السفر عليكى علي طول بشنطى بعبلى بحجاتى...
ابتسمت هى له بإرهاق وهى تقول: الله يسلمك يا رائد اسفه تعبتك بقي معايا..
ابتسم هو لها ليردف: احنا اخوات عيب..
ابتسمت هى بتعب لتقول وعد :، اخبارك ايه يا رندا دلوقتى. .
اومئت رندا براسها وهى تقول: كويسه اهو زى ما انتى شايفه..
ثم نظرت لوعد وهى تقول: هى فرحه عامله ايه...
ابتسمت وعد بتوتر وهى تقول: كويسه متقلقيش رائد رايحلها اهو...
هز رائد راسه بموافقه لتتابع رندا وهى ترى نظراتهم المتوتره: هو في ايه...اوعى فرحه تكون جرالها حاجه ومش عاوزين تقولولي.. وليه رائد هيروحلها مدام هى كويسه..
هزت وعد رأسها بإستنكار لتهتف بصوت هادئ: متقلقيش هى مجرالهاش حاجه والله كل الحكايه انها الظاهر نامت ومبتردش علي التليفون بس عشان كده رائد هيروح يطمنا عليها وييجى..
نظرت لها رندا بالم وضعف وهى تقول: وعد روحى مع رائد وانا هنا اهو كويسه ومش هيجرالي حاجه..بس انتى تعرفي البيت كويس..وكمان الحاره ولو شافوا رائد كده طالع لفرحه وحده الدنيا هتتقلب..
ضيقت وعد عيناها بشده وهى تضرب حبهتها بخفه براحة يدها وتقول: أوبس نسيت صح.... طيب يا رودى.. ساعه بالكتير وهنبقي عندك....
ابتسمت رندا وهى تقول: ويبقي طمنونى عليها..
هز كلاهما رأسه بتفهم... ثوان وذهبوا مسرعين ليركبوا المصعد نحو الطابق الارضي فتح المصعد ابوابه ليقطع كليهما الممر نحو باب الخروج دقيقه مرت حتى وصلوا للشارع اشاروا لاحد التكاسي واملوه العنوان ....دقائق كثيره مرت حتى وصلوا لراس الحى الذي يقطنون به...
هبط كلاهما ليتوجهوا نحو الشارع وهم يرون تجمهر العديد من الناس وسيارات الشرطه التى تحيط بالمكان .... نظرت وعد بفزع وهى تضرب علي قلبها وتقول: ياااالللهوووووي...فرررررحه ...ليكون جرالها حاجه...
نظر لها رائد بتوتر وهو يقول: متقلقيش ممكن يكون حد تانى اشمعنى فرحه يعنى اللي لازم المصايب تحصلها...
نظرت هى له بنظرات متمنيه وهى تسير مسرعه: ده لان قدرها كده يا رائد ...
نظر لها رائد بخوف وتبع خطواتها مسرعاً ليشقوا طريقهم نحو منتصف الشارع.. وبمنتصفه واسفل عمارتهم وقعت انظارهم علي مالم يتوقعون رؤيته... لتصرخ وعد.بفزع وهى ترى الآتى ..ريان يحتضن شخصاً ما مغطى بالملأه ويبكى بقوة... والشرطه تحاوط المبنى بأكمله وسيارات الاسعاف تحيط بالمكان.. لتهوى وعد أرضاً ليسرع رائد اليها... دقائق وحولت النساء افاقتها لتفيق هى وهى تبكى بزعر وتهتف بإسم رفيقتها لتقول احدى النساء: يا بنتى دى اللي ماتت واحده تانيه..اختك عايشه بخير متقلقيش...
نظرت لهم وعد برفض وهى تقول لهم: انتوا بتكذبوا عليا انا شوفته بيحضنها ..شوفت ريان هنا بيحضنها...فرحه مااااااااتت...يااارب حرااااام....
قال لها رائد مقاطعاً احدى النساء: وعد اللي ماتت مش فرحه دى ام ريان...
نهضت هى من علي الرصيف الجالسه عليه وهى تقول : ازااااى ...مش فاهمه..
اوضح هو لها القصه لتشهق هى بفزع وهى تقول: يااامصيبتى....
نظر لها رائد بحزن وألم وهو يقول : فارس عاوزين نعرف هو فين الأول...
نهضت هى راكضه وتوجهت نحو باب المبنى وصعدت السلالم مسرعه وبأثرها رائد توجهت نحو باب المنزل المفتوح بالأساس لتجد وائل جالساً علي احد المقاعد ويحاول تهدائت فارس الثائر...توجهت هى نحو وائل الذي وقعت انظاره علي وعد فور قدومها لتلتقط هى منه الطفل بعنف وهى تقول: انت ايييييه اللي جابك هنااا مش كفايه اللي اخوك عمله...
بينما وائل فكانت نظراته معلقه علي الواقف خلفها وهو ينطق بزهول : رائد مش معقول...
نظر له رائد بإبتسامه ثم توجه نحوه واحتضنه وهو يقول: وائل ازيك...
نقلت وعد أنظارها بينهم بجهل ولما طالت وقفتهم صرخت بهم وهى تقول: حد يفهمنى ايه اللي بيحصل هنا..
تنحنح رائد ليجلي صوته ثم يقول: وائل ابن عمى يا وعد...
تلقت هى صدمات تكفيها لذلك اليوم لأخر حياتها...لتحدق هى بهم بزهول وهى تقول: مش معقوول...
نظر لها وائل وهو يقول/ ايه اللى مش معقول طبيعى يبقي ليا اكيد ولاد عم واهل..
رمقته هى بنظرات غاضبه ثم قالت لرائد: وانت هتقف في صف مين بقي ...في صف المظلوم ولا ولاد عمك ....
نظر لها رائد بتصميم وهو يقول: ده مش محتاج سؤال انا مع الصح يا وعد...ومعاذ انا عرفته كده كويس قوى... وصدقينى زمانه بيعيدحسباته....
رمقته وعد بنظرات متألمه لتبكى هى فجأه وتجلس ارضاً وهى تحتضن الصغير فارس الباكى : انا تعبتتتت.....يااارب تعبتتت بجد...ياريتنى موت مع هادى وارتحت...ياريتنى مت....
نظر لها رائد بألم ليقول وائل بحنق: هو انت. بتقلبي كده ليه.... هنشوف حل للورطه اللي فرحه فيها ولا هنقضيها صراخ وعياط وولوله ونقول ليه بيحصل كده...اللي حصل حصل... ولازم نشوف حل...فرحه حالتها مدمره وحالياً هى وحدها في القسم ولازم نتصرف ...
نظر له رائد بتصميم ليقول وائل: انتى هتخليكى هنا مع الولد واحنا هنروح القسم..
نظرت هى له برفض وهى تقول، بعد ان مسحت دموعها : رجلي علي رجليكم وفارس انا هوديه حضانته فتره مسائيه بيشتغلوا عادى جداً ..
نظر لها وائل بقلة حيلة وهو يقول: طب يلا.....
توجهوا نحو الاسفل وبعد هبوطهم لم يجدوا ريان ولا سيارات الاسعاف ولا الشرطه ...وانما وجدوا زعيم الحارة يتقدم منهم وعلي وجهه امارات الشر وهو يقول لوعد : انتى يا استاذه ملكوش قاعده في وسطنا تانى ...من يوم ما دخلتوا الحاره برجليكم وهى كل يوم من سيئ لاسوء واخرها الشرطه تدخل حارتنا بجريمه قتل... لا كله الا كده...حجاتكم تلموها النهارده وتفضوا الشقه دى ومش عاوزين نشوف وشكوا تانى...
نظرت له وعد بغيظ وغضب شديدان كبركان علي وشك الانفجار لتنظر لرائدالواقف بجوارها وتعطيه الطفل وهى تقول للرجل الواقف امامها بلهجه سوقيه : لااااا بقي..... وانت فاكر يا راجل يا كبارة ان دى حارة تشرف ان اى حد يقعدفيها.... ولا فاكر ان الحارة دى طاهره ونظيفه.... فتح عنيك كده وشوف انت قاعد فين بالظبط وبعدين يبقي اتكلم.... ولو فاكر اننا اصلاً عجبنا القعده هنا يبقي غلطلان...ده كفايه عين رجالتكم اللي تندب فيها رصاص جايبه اللي رايح واللي جاى ولا لسانتهم اللي اطول منهم.... انا اصلاً كنت هسيب الحاره النحس دى ....اللي من اول ما جينها ومشوفناش فيها يوم عدل بسبب اللي فيها... وحارتك يابا...اشبع بيها....قال حارتنا قال......ثم رمقته بنظرات ممتعضه وهى تلتقط فارس من رائد الواقف مزهول وهى تقول بغضب: يلا...هتنح كتير...
هز هو راسه واشار لوائل الواقف مزهولاً هو الاخر لينطلقوا تاركين الرجل واقفاً بمكانه ولازالت اثار الصدمه باديه عليه...
.................................................
بالمغفر ...." مركز الشرطه:..
بعد عده دقائق من دخولها وضعوها بغرفه صغيره بجوار بعد السجينات الذين لم يعرضوا بعد علي النيابه...دلفت هى بعد ان اقتادتها الشرطيه بمكانها وتركتها لتجلس هى بدون اى رده فعل كما تركتها..نظرات السجينات كانت تلتهمها وهى لازالت صامته حاوطت نفسها بيديها ودموعها كانت تهبط بهدوء مع قلبها المحروق .... تتذكر طفلها..تتذكر ما رائته وما حدث...وشريط حياتها بأكمله مر امام عينيها ..... بكت بقهر وتصاعد صوت بكائها لتقترب منها احداهن وهى تقول لها بنبره سوقيه: فيه إيه يا دلعدى...استهدى كده امال... معلش هى اول مره في اى حاجه صعبه كده وبعدين هتاخدى علي الوضع..
لم ترفع فرحه لها انظارها فهى بعالم اخر تبكى وفقط .. لتسئلها المرأه : شكلك صغيره يا ختى وبنت ناس مش وش بهدله...هما جابوكى في أيه...
لم تجيبها فرحه لتنظر لها الفتاه بحنق وهى تضغط علي كتفها وتقول: ماتردى يا بت... هو انا بكلم نفسي... ومن شدت الألم الذي انتقل لكتفها المصاب نظرت هى لها بغضب وهى تصرخ بها: سيبينى في حالي بقي...
نهضت المراه من مكانها وهى تلوك احد قطع العلك وهى تقول : لا شاكلك جايه نفشه ريشك علينا يا حبيبتى وعاوزه تتربي..ثم اشارت لأحدى النساء وهى تقول : تعالي علميها مين تهانى ..وهى تبقي ايه هنا....
لتنهض امرائتان وامسكت فرحه من مقدمه ثيابها لتنظر هى لهم بفزع ... لتهوى احدهما بكفها علي وجهها...ومن هنا..بدائت حفله الضرب....ثوان وانقذها من بين ايديهم صوت العسكرى وهو يقول: ما تتهدى يا مره انتى وهى ثم فتح الباب وهو يقول: سيبوا البت البيه عاوزها...
لترمقها تهانى بنظرات مستحقره وهى تقول: نفذتى من ايدنا بس هتلفي لفه هنا وهترجعى وصدقينى هنحتفل بيكى علي اصوله ونعرفك مين هما الاصل...يا....اللي معرفلكيش اسم...
قادها العسكرى نحو غرفه الضابط وهو يقول: يلا ادخلي البيه عاوزك..
ثيابها التى قد مزقت من علي الاكتاف بسبب الضرب ووجهها المتورم.. وكتفها المصاب ولازالت اثار الدماء باديه علي ثيابها وهى تعلم ان النزيف لم يقف بعد تاوهت بتعب وهى تضع يدها علي كتفها ليفتح لها الباب لتدلف هى بضعف ....
اغلق الباب خلفها ليرمقها الضابط.بنظرات متفحصه ثم يهتف بصوته الاجش: اقعدى..
توجهت هى نحو المقعد المخصص لها لتجلس عليه بصمت وهدوء دون ان ترفع نظرها اليه ..
ليقول هو : انتى فرحه سيد منصور..
هزت هى راسها ليقول هو : طيب يا فرحه انتى عارفه انتى متهمه بإيه وانتى لسه في سن صغير...
هزت هى رأسها بموافقه لتهتف بإعياء: مبقتش فارقه...
نظر هو لها بزهول ثم قال : يعنى ايه مش فارقه...يعنى انتى معترفه انك رميتى الست من البلكونه ...
رفعت هى انظارها المنكسره اليه لاول مره ليحدق هو بعينيها الخضراء المليئه الجرح والانكسار لتقول: اللي حضرتك عاوز تكتبه اكتبه... كده ولا كده مش هتصدقنى..وحتى لو طلعت من هنا اكيد هلاقي بلوه تانيه مستنيانى ...وانا .... هبطت دمعه منها لتقول : مش عاوزه فارس يتبهدل معايا...
نظر هو لها بدهشه وهو يقول بعدما حدق فيه العسكرى بإستغراب ليرفع هو كفه لها وهو يقول: مين فارس...
هتفت هى بإبتسامه حزينه: فارس ابنى...حدق هو بها بصدمه ليقول : ابنك..ابنك... انتى متجوزه اصلاً.ولاااا..ابنك من غير جواز...نهضت هى من.علي كرسيها بعنف وهى تقول بالم : لا يا باشا... ده ابنى من جوزى...انا استحاله ابقي كده...
منحها هو نظرات هادئه وهو يقول : انتى تعرفي ان اصلا. جوازك بالسن ده ممنوع وجريمه يعاقب عليها القانون....
تبسمت هى بتهكم لتقول : ده كلام علي ورق وبس.... الفلوس بتمشي كل حاجه وبيطلعوا منها زى الشعره من العجين..واللي عاوز يتجوز بيتجوز في الاخر..والقانون بيفضل في ورقه ومبيطلعش غير علي الغلابه...
رمقها هو بنظرات قويه وهو يهتف: القانون علي الكل يا فرحه... بس في ناس بتستغل القانون غلط... قوليلي بقى اللي قتلتيها دى مين...
رمقته هى رحرقه وهى تقول برفض: اديك قولت قتلتيها وانا قولتلك من الاول كلامى مش هيغير نظرتكم...علي العموم دى كانت حماتى....
فغر هو شفاهه ليقول: حماتك... اخذ بالتفكير لبضعه دقائق ثم قال : وانتى رمتيها من البلكونه ليه...
صمتت هى وهى تقول له بحنق وغضب: قولتلك مقتلتهاش.. انا مقتلتهاش وده كان بيتى وهى جات عشان تقتلنى أنا.... وانا هربت للبلكونه وكنت بدافع عن نفسي ولقيتها هتضربنى تانى بالسكين فزقيت اديها ولقيتها وقعت...وبسسسس انا مش مجرمه.. انت لازم تصدقنى...
نظر هو لها بغموض ليقول : تمام ...هصدقك... بس لازم تحكيلي كل حاجه بالتفصيل... وقوليلي كمان اتجوزتى ازاى..
نظرت هى له بزهول ثم تابعت بإنكسار لتقول : اللي اعرفه انا جايه متهمه في قتل مش في جواز ... يعنى قصه جوازى دى مش هتفيدكم بحاجه...
نظر هو لها بإمتعاض وهو يقول: تعرفي ما تجادليش وتحكى وبس... يمكن يا ستى اعرف اساعدك لما اعرف قصتك يلا احكى عشان مش قدامنا وقت طويل...
نظرت هى له بضعف لتقول: انا مش هحكى يا بيه... بعتذر لحضرتك... بس اللي فات انا دفنته خلاص... ومش هقدر احرق قلبي تانى عشان حضرتكم تسمعوا الحكايه اللي اكيدمش هتصدقوها برده وبالنهايه انا وبس اللي هفضل بتكوى وانتوا هتحكموا وبس...
نظر هو لها نظرات غامضه ثم قال لها وهو يشير لجرح كتفها متجاهلاً حديثها: ده ليه ما اتعملوش اسعافات اوليه..
رمقته هى بتهكم لتتابع ولازالت نبرتها المنكسرة مسيطره علي حديثها: مجرمه بقي وكده... اكيدمش هيدولها جرحها يعنى يا باشا...
زفر هو بحنق من طريقه حديثها تلك الغريبه عليه ليضغط علي زر وهو يقول: نبيل هات دكتوره هاله معاك ومعاها علبه الاسعافات..
هز العسكرى رأسه واختفى ..لتنظر هى له بهدوء عكس ما يعتمل صدرها لتقول : هو ممكن اعمل تليفون..
رمقها هو بنظرات صامته ثم قال : دقيقه وحده بس...
هزت هى راسها بتفهم واخذت بتذكر الرقم حتى استجمعته بذاكرتها ثوان وضغطت علي الارقام ليأتيها الرد علي الطرف المقابل : وعد انتى كويسه انا فرحه..
بينما وعد فكانت بالتاكسي وحينما سمعت صوت رفيقتها فغرت فاهها بصدمه لتقول : فرحه مش معقول... انتى كويسه..
لتقول فرحه بهدوء: رندا ... اخبارها ايه...طلعت من المستشفي ولا لسه... وفارس خلي بالك منه يا وعد ولو روحتى بدرى شوفيه عشان انا في مشوار وهتلاقيه مع جارتنا اللي جنبنا ...
صوت صراخ رفيقتها اوقفها عن حديثها وهى تقول ببكاء: اسكتى بقي اسكتى ومتكذبيش عليا... انا عرفت كل حاجه وجيالك... انتى في انى قسم يا فرحه..
نظرت فرحه بزهول للسماعه وهى تقول: عرفتى ازاى وائل قالك.. لتقول وعد عرفت وخلاص قوليلي انتى فين بقي، نظرت فرحه للضابط الذي كان يسمع حوارها الدائر لتقول له بإعتذار : ممكن اعرف احنا فين..
زفر هو بحنق ثم قال: احنا في قسم ثالث مدينه ...........
قالت هى لرفيقتها العنوان واغلقت الهاتف ليقول هو لها بعد ان اتت الطبيبه لتنظر لكتفها الذي اصيب وهى ترفع كم الثوب بينما فرحه فكانت تنظر بخجل لما حولها ليقول الضابط ، خلصي شغلك يا دكتوره..
اوميت هى بتفهم لتنظر لجرح فرحه بزعر وهى تقول : انتى ازاى سايباه كده لحد دلوقتى... ده محتاج خياطه وغرز وتطهير كمان...
نظرت لها فرحه بقله حيله وهى تقول: معرفش..
هزت الطبيبه راسها بإستنكار وهى تقول للضابط: لازم تتحول علي العياده عشان نخيط الجرح..
اومى هو براسه ثم قال: بعد التحقيق يا دكتوره مينفعش تطلع من هنا الا لما نحقق معاها انتى عارفه القوانين..
بينما الطبيبه رمقتها بنظرات مغتاظه وهى تقول : دى طفله هتكون عملت ايه يعنى... يا حضرة الظابط بقولك لازم تتعالج كده الجرح هيلتهب ويتلوث ...
رمقها هو بنظرات متهكمه وهو يقول: الطفله دى رمت حماتها من البلكونه وحماتها ماتت..
شهقت الطبيبه بزعر وهى ترمق فرحه بعدم تصديق.. بينما فرحه فنظرات الانكسار كانت فقط هى المتحدث عنها ...
رمقتها الطبيبه بشفقه ثم قالت: حتى لو لازم تتعالج ..
ليقول الضابط بحده : قولتلك شوفي شغلك هنا ممنوع تطلع بره الا بعد ما التحقيق يخلص... لتقول لطبيبه: ومين اللي مديك الاوامر دى...
لبقول هو لها بغموض : ده مش تخصصك اتفضلي ان مش هتشوفي شغلك اطلعى بره..
بادرته هى بنظرات حانقه وامسكت بالقطن والشاش وضعت قطع القطن اولا. بالمطهر ثم وضعته علي جرحها وحينما ضغط بقوة عليها افلتت شهقه من فرحه...ثوان فقد واحست هى بالخدر يسري بجسدها وبألم لا يطاق بكتفها لتنظر هى لهم باعين زائغه وهى تهتف بأسم صغيرها لتغمض عينيها سريعاً....تائهه بدوامه من الظلام...علها تجد بها سكينه حرمتها منها الحياة..  

إنتقام خارج نطاق السيطرة - الكاتبه تنسيم القاضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن