الفصل الرابع

9.9K 198 3
                                    

جرح الكرامة لا تداويه الاعذار مابالك بجرح القلوب!!!!
كسر الخواطر .... كسر العواطف، وبعثرت المشاعر....
كل ما أعلمه ، ان تكن عواطف لأحدهم فهو شعور بسيط يمكنه ان يتغير بلمحه من الوقت عند اكتشافك زيفه...بل ويمكنك الابتعاد عنه وتجاهله
ولكن ان تكن له الحب او الكره... فهو اكثر عمقاً وتعقيداً... فقلبك هنا هو المسيطر علي كل متغيراتك....ولكن مع مرور الوقت قد يخفت هذا الإحساس تدريجياً الي ان يختفي وربما قد يتحول احدهما للأخر من الحب للكره او العكس ....
......فالقلوب ليس لها حسابات......
شبح من الماضي رأئته، أيعقل أن تكون هى أمامها بشحمها ولحمها ولكن لماذا لم تخبرها انها هنا، ركضت مسرعه لتحصل علي أجابات ، وحينما وصلت صاحت بأسمها لتلتفت الأخرى علي مصدر النداء شهقه افلتت من كلتاهما لتسرع الأولي بالركض بإتجاه الأخرى وتشدد من إحتضانها وهى تقول: وعد مش معقول، انتى جيتى هنا امتى وازاى..
نظرت لها وعد بإستغراب لتقول بضعف: انتى مين..
ضحكت رندا وهى تقول : انا رندا يا دودو ايه اللوك الجديد غير كتير منى انا عارفه بس ايه رائيك.
صمت وفقط من الاخرى كان هو الجواب وهى ترمقها بزهول اذا فليست وحدها من تخفي الاسرار فرفيقتها بجعبتها العديد كما هو واضح من حماسها وصوتها
اما رندا تركت احضان رفيقتها ورفعت نظرها لرفيقتها وهى تلاحظ لأول مره نحولها وضعفها ، وتلك الهالات السوداء المحيطه بعينيها تنم عن سوء حالتها.
لابد من ان الفترة الماضية كانت قاسيه علي كلتاهما.
نظرت لرفيقتها ولم تحصل علي إجابه الا بالتماعه عينها وتراكم الدموع بها تهدد بسقوطها، شددت الاخرى من احتضانها لتبادلها تلك الشارده بإحتضان مماثل ، لتقول رندا بهدوء وحماس تعالي نقعد في اى حته نتكلم ، ولا اقولك تعالي معايا البيت انا عاوزه نحكى كتيرررر مع بعض.
ابتسمت الأخرى بمجامله واستقلتا تاكسي متجه بهما نحو الديار وسط صمت مطبق من كلتاهما..
وصلتا ذاك الحى الشعبي وسط نظرات مستغربه من وعد لتضحك رندا وهى تقول: الامور مبتبقاش علي حالها ، ولسه في حجات كتير اتغيرت في رندا متعرفهاش...
امسكت بكف صديقتها وهى تحثها علي السير وسط نظرات سكان ذاك الحى المسلطه علي تلك الفتاة الجديدة. نظرت لهم رندا ببرود وشددت من قبضتها علي كف رفيقتها اتجهتا نحو المبنى القديم وصعدتا السلالم المتهدمه من الاساس بهدوء ، الا من صوت تلك الجارة وهى تهتف بأسم رندا، نظرت رندا بحرج لوعد وهى تقول بهمس: اهى الوليه دى اكتر واحده بحط ايدى علي قلبى لما بشوفها ، دى مصايب.
افلتت ضحكه صغيره من وعد لتبتسم رندا بمرح وهى تنظر للجاره التى اخذت تتفقد وعد من رأسها لأخمص قدميها وهى تقول: يااهلا وسهلا ، ضيوفك دول يا رندا.
ابتسمت رندا بمجامله وهى تقول من بين شفتيها: لا دى اختى يا مدام
رمقتها المرأه بنظرات مستغربه وهى تقول: مفيش شبه بينكم، ده اللي يشوفها وبلبسها ده يقول وحده من بلاد بره.
نظرت لها وعد تلك المره بإشتعال لتصمت المرأة عن الحديث ، لتقول رندا بقله صبر: يلا يا وعد عشان نطلع، واكملتا السلالم المتبقيه لتضع رندا المفتاح في فتحه الباب وقامت بفتحه وهى تقول بحرج: اتفضلي يا وعد ، اينعم حاجه صغيره ومينسبش بس الظروف بقي اللي كده.
ربتت وعد علي كتف رفيقتها وهى تقول بضعف: عيب متقوليش كده .
دلفت وعد واغلقت رندا الباب وجلست كلتاهما علي كرسي من ذاك الصالون المتهالك، لتقول رندا وهى تضع يدها علي جبينها: يوووه نسيت اسئلك عن هادى اخباره ايه .
وكانت تلك الكلمه هى الشرارة التى جعلت وعد تبكى بشده، نهضت رندا مسرعه لكرسي رفيقتها وهى تحتضنها وتقول بحزن وحيره: ايه اللي حصل بس .
لتفلت كلمة من بين شفاهها ثلاثة احرف فقط وقعت علي مسامعها كالصاعقه، لقد مات ، مات وترك رفيقتها وحيده.....
...................
كانت جالسة متقوقعه علي نفسها بعد ان أفاقت من اغمائتها تلك مع أول خيط من خيوط النهار.
سمعت اصوات ضوضاء بالخارج نهضت بتثاقل لتنظر من تلك الفتحه الصغيره بالباب لترى تجمهر العديد من الخدم ، المتأكد من انهم خادمون جدد بذلك القصر ،ولكن ما ادهشها هو رؤيت حركه غير مألوفه عليها فالجميع يعملون علي قدم وساق وكأنهم يعدون لحفل ما او ربما وليمه، رفعت حاجبيها لأعلي فتلك المظاهر لم ترها منذ أن دلفت للقصر، لم تمضي عدة دقائق علي التفكير إلا وهى ترى تلك الجده العجوز بصحبه ريان قادمين نحوها ، تراجعت وجلست مكانها بهدوء وبعد عدة ثوانى فتح الباب رفعت انظارها لهم لترى نظرة تلك الجده التى تحدق بها بسعاده وكانها اليوم تخلصت منها ونظرات ريان المتوتره، لم تتسائل عن سبب قدومها فخطوات الجده جعلتها تصمت عدة خطوات خطتها بإتجاهها وهى تقول بعنجهيه وغرور: شوفتي ياللي ما تتسميش، اهو النهارده هناخذ بتارنا كلنا منك، ولا أنتى فاكره اننا هنسامحك علي عملتك السوده دى.
نظرت هى لها بعدم فهم ، الم يأخذوا بتارهم منها بعد... فهم قد انتقموا منها بكل يوم وهى بذلك القصر اللعين منذ ان وطئت قدميها القصر وهم يسددون انتقاماتهم واحداً تلو الأخر وهى عليها الخنوع فقط، ابتسمت بألم وهى تنظر لهم بتفحص فهى بإنتظار انتقامهم الأخير الذي ربما سيقضي عليها نهائياً ،وما هى إلا ثوانى والقيت القنابل بوجهها واحدة وراء الأخرى، النهارده يوم فرح وريث عليتنا الوحيد، يوم المنى، النهارده ريان هيتجوز ومش من اى واحده والسلام لا ده هيتجوز من اغنى عيل الدوار كله ، عيلة سالم، وخدى بقي المفأجاه التانيه انتى من اليوم ورايح مش هتبقي علي ذمه ريان لحظه وحده، انتى هتشتغلي هنا بلقمه عيشك وهتبقي خدامة ستك نوارة، والولد اللي جبتيه لعيلتنا متستهليش تشوفيه احنا اللي هنربيه واحنا اللي هنكبره...
إلي هنا فقدت كل قواها علي الإحتمال بماذا تهذى تلك المرأة ريان سيتزوج بأخرى.....
وهى ستصبح طليقته ومجرد خادمه بذلك القصر ليقهرونها اكثر....
وليدها وطفلها سيأخذونه منها ولن تراه مجدداً... عند تلك النقطه ... اشتعل الغضب بداخلها وصرخت بعنف : كله إلا ابنى انتوا فاهمين..
وهنا نقطه ضعفها الوحيده حالياً قد ظهرت وليدها ، لا يهمها زواجه ولا طلاقه ، لايهمها خدمتها لهم، كل ما يهمها هو طفلها، اذا فتلك النقطه التى سيلعب عليها الآن .
نظر لها بكره وهو يقول: ابنك انتى متستحقيش انك تشوفيه ، واحده زيك هتعلمه ايه غير الكره والأنتقام والحقد ...
صمت لثانيه وهو يطلق ضحكه ساخره ويقول : اه صح والتمثيل انتى ممتازه فيه..
نظرت له بخيبة أمل واضحه وتقدمت نحوه وعيناها تلتمعان بها الدموع وهى تقول: ارجوك يا ريان بحق اى حاجه حلوه شفتها منى في يوم، سيبلى ابنى وانت مش هتشوفنى تانى..
قاطعها صوت الجده الساخر وهى تقول: ابنك كيييف، ده ابن عيله الصاوى ووريثها كمان، وهو اللي هيكون مكان ابوه اللي قتلتيه بإيدك دى ولما يكبر ويسئل عنك هنقوله عن جريمتك ووساختك وفجرك...
نظرت لها ودموعها تهبط واحده تلو الأخرى وهى تقول بيأس بعد ان هبطت لموضع ساق ريان وهى تمسك بها: عشان خاطر فارس بلاش انا متحرمهوش منى ، عشان خاطر اى حاجه حلوه حسيتها في يوم متحرمهوش من ان امه تكون معاه.
نظر لها بألم ثم تراجع عدة خطوات للوراء وهو يرى جدته تنظر له بعمق وشدة ليقول : انتى خلاص، كل حاجه حلوه كانت جوايا ليكى قتلتيها ، برائتك اللي مثلتيها عليا واللي بتمثليها دلوقتي خلاص عرفت انها تمثيل ، انا مبقتش قادر ابص في وشك من بعد عملتك وكذبك عليا.
ابتسمت جدته لما سمعته وهى تقول: يلا طلقها دلوقتي عشان بنت سالم مينفعش تدخل علي واحده تانيه.
نقلت نظراتها بينهم بألم وعند رؤيتها لتلك النظرة تطل من عينيه اتجاهها علمت انها قد ضاعت واضاعت الكثير ، وعند نطقه لتلك الكلمه كانت هى بعالم أخر تائهة وهى تسمع كلمة تكونت من اربعه احرف ولكنها كانت طويلة للغايه علي مسامعها نطق كلمات طلاقه، وتركها بعد ان ألقي نظرات مطوله عليها وتركها ورحل، مغلقاً الباب خلفه تاركاً إياها تائهة في دوامه اولها اطمئنان واوسطها حب واخرها غدر ....
وفقدت امانها وحمايتها تسائلت بنفسها اترى كان هو من الاساس أمان وحمايه، ام انها من هيئ لها ذلك ، اترى كان هو حب ، ام انه كان فقط شعور بالاطمئنان والحنان يمده هو اياها بإستمرار...
سمعت صوت بسيط كلفحه هواء صيفيه في يوم شديد الحرارة ، حرك اوصالها لتنهض من دوامة كادت تسقط بها وهى تراقب وليدها تحمله احدى الخادمات وهو يبكى بحرارة ، اخذت تصرخ بأسمه لترى الأنظار متجمعه علي ذلك الباب التى تتوارى هى خلفه والجميع يتسئلون ماذا يوجد خلف ذلك الباب توجه احد الخدم بهدوء بعد ان اشار لهم ان يصمتوا وقام بفتحه، ليصدمه ما رأي ، فتاة صغيره ، اتاها الله من الجمال الكثير بعينيها الخضراء وبشرتها البيضاءرغم الزرقه التى تغطى علي ملامح وجهها وجسدها المتناسق، مر بأنظاره سريعاً عليها وهو يتعجب من مكوثها بتلك الحجرة الكريهة ، نظرت هى له بضعف وهى تقول: ابنى ، انا عاوزه ابنى.
لم يفهم هو ما تقول ، اى طفل تتحدث عنه راقب انظارها المتعلقه بذلك الرضيع التى تحمله احدى الخادمات وهو يقول :ده ابنك.
أومئت هى برأسها ، ومنحته نظرة ضعيفه، مترجيه، وخائفه، نظر لها هو بصدمه وهو يقول: انتى مين اللي حبسك هنا.
نظرت له بضعف وهى تقول: انتوا كلكوا جداد هنا عشان كده مش هتعرف اللي بيحصل
نظر لها بعدم فهم قاطعه صوت صياح الجده به وهى تغلق الباب بوجهها ، واخذت بسبه ولعنه ، ومع القائها ببعض التعليمات إياك ان يقترب احدهم من تلك الغرفه أبداً.
اومئ الجميع برأسهم موافقين بصمت..وغادر كل إلي عمله..
كان شارداً منذ أن رائها طفله صغيره محبوسة هنا بذلك القصر البارد كالثلج، ولها طفل ، لايسمحون لها بأخذه، ترى ماذا فعلت ، هزة من رفيقته وهى تقول: سرحان في ايه يا حسن.
نظر هو لها بهدوء وهو يراها تحاول تهدئة الطفل منذ عدة ساعات وهو لا يهداء حتى انها هبطت به للحديقه عل هوائها العليل يمنحه بعض الهدوء، قال بتفكير: تفتكرى البنت دى عملت ايه عشان يرموها في الاوضه اللي هناك دى.
رفعت هى سبابتها بتحذير وهى تقول: حسن بلاش تدخل في اللي ملكش فيه، احنا جايين نأكل عيشنا مش عاوزين مصايب، والبت دى شكلها عملت بلوى عشان يحبسوها كده.
قال محركاً رأسه برفض: وليه يحبسوا طفله لو غلطت في قانون يعاقبها مش هما
صمتوا على قرع انعال قريب منهم ليلتف كل منهم إلي عمله، لتأتى الجده وهى ترى ذلك الطفل يبكى بشدة وتقول للخادمه بحدة: انتى مش عارفة تسكتيه ، امال لازمتك ايه هنا.
ردت الفتاه بخوف: ياست هانم الولد شكله عيان ، وكمان مش راضي يرضع من اللبن اللي جبتوه خالص وانا حاولت كتير بس هو مش راضى.
نظرت لها المرأة بشده وهى تنهرها وتقول: حفيد عيلة حمدان ميعيطش خالص انتى فاهمه، حاولي تسكتيه بأى طريقه خلال ساعه والا انتى مرفودة.
نظرت لها الفتاة بزعر وهى تغادر، بينما ذاك الشاب لم يفت علي عقله ما سمع، كيف لذلك الطفل ان يكون حفيداً لتلك العائله ووالدته محبوسة بالداخل.
اخذت الفتاة تحاول بشتى الطرق اسكاته ولكن لم يجدى معه نفعاً.
نظرت له بخوف وهى تقول: أعمل ايه دلوقتي يا حسن، انا كده هتضرد...
قال حسن بهدوء وهو يشير للطفل: اكيد عاوز امه.
لتقول الفتاه بغضب: وامه ورمياه ولا ماتت ، ولا معرفش فين، انا عاوزه حل.
ليقول هو بإبتسامه: اللي محبوسه في الاوضه دى تبقي امه.
شهقه كانت أقل ردت فعل صدر منها وهى تحدق فيه مدهوشة ، ليقول هو : اللغز بقي ازاى يحبسوا مرات ابنهم وام حفيدهم كده، ياترى عملت ايه عشان يعاقبوها بالطريقه دى، وكمان في يوم فرح واحد من عيلتهم ، اقل ما فيها كان لازم يظهروا قدام الناس اد ايه هما عيله مترابطه.
لتقول هى بصدمه وهى تهدهد الطفل: شكلها عملت مصيبه متتغفرش .
نظر لها بشك وهو يقول: طفله بالمنظر ده استحاله تعمل حاجه، دى صغيره جداً انتى مشوفتيش شكلها.
نظرت له هى بعدم فهم وهى تقول: المظاهر خداعه يا اخويا، يلا ندور علي حل للواد قبل ما اطرد وانا لسه مكملتش يوم شغل.
خرجت تبحث علي اى خادمه لديها طفل علها تستطع ارضاع الصغير ولكن بأئت محاولاتها بالفشل وبعد عدة ثوانى وجدت الصغير قد جفي ونام ، تنهدت براحه ودلفت للداخل وهى تسمع اصوات هرج ومرج وزمر مرفوقاً بصوت الطبول فعلمت ان العرس قد بداء والعروس قد أتت لمنزلهم...
نظرت لرفيقها وهو يضع لمساته النهايه علي الحديقه وهى تضع الصبي بسريره المهتز بالمطبخ وتقول : الولد نام من كتر العياط ولما هيصحى هيعيط تانى عشان عاوز امه.
نظر لها بقلة حيلة وهو يقول: امه عندك اهى اتصرفى لو عاوزه شغلك وخليها ترضعه من غير ما حد يحس..
نظرت له هى برفض وهى تهز رأسها خوفاً وتقول: ولو الوليه العقربه الكبيرة دى شافتنى هيبقي مكانى في العشه جنب البت الصغيره ياخويا انا مش مستغنيه عن حياتى .
رمقها هو بقلة حيله وتركها ليكمل عمله.
بينما هى اخذت تنظر للطفل بضعف وهى تقول بحزن: معلش يا ابنى ، حكم القوى بقي، كلها يوم واكيد امك هتصعب عليهم ويطلعوها .
وكأنه كان يستمع لسيرة امه فنهض من جديد يعاود بكائه وهى تحمله بقلة حيلة ...
بعد عدة لحظات خرجت بعد ان اطمئنت ان الجميع بداخل القصر مشغولون بقدوم العروس والاحتفالات بالداخل .
تسللت برفق فوجدت رفيقها يستند علي الحائط يرمقها بسخريه وهو يقول: كان من الأول بقي .
نظرة له بغيظ وهى تقول: مفيش حل الواد مش عاوز يسكت وهيموت من كتر العياط.
اشار لها لتتعبه بهدوء وهى تحاول اسكات الصغير ثم قام بفتح الباب ليجد تلك الفتاه قد نهضت مسرعه مقتربه اليهم وهى تسمع صوت صغيرها اضاء هو مصباحه وهو يراقبها عن كثب ، عيناها وقد طغي اللون الأحمر عليها من شدة البكاء وخدودها وقد حفرت الدموع اخاديد طويله عليها نظر لها بحزن وهو يشر لتلك الخادمه ويقول: ابنك عاوزك، هتقدرى ترضعيه.
نظرت له بخجل وهى تومئ براسها التقطت طفلها سريعاً من تلك الفتاه وهى تفتش فيه عن اى اصابه ثم اخذت بإحتضانه بشده وهى تشتم عطره الطفولي المميز وازدادت في البكاء وهى تتخيل انها لن تراه مجدداً لبقية عمرها.
نظرالخادمان كلاً منهما للأخر بألم لتقول الفتاه بهدوء وهى ترى الصغير قد استكان بأحضان والدته: الظاهر انه حس بيكى ، خديه رضعيه بسرعه قبل ماحد ييجى ده بقاله يومين مشربش حاجه.
نظرت لها فرحه بشكر خالص وهى تقول: متشكره قوى مش عارفه ازاى اقدر اكافئك
منحتها الفتاه ابتسامه وهى تقول: انا برده ام وعارفه يعنى ايه طفل من غير أم.
تركهم الشاب بعد ان راى نظرات صديقته وهى تخبره ان ينصرف حتى تستطيع الصغيرة ارضاع طفلها غادر وتركهم وحيدتان.
اخذت فرحه بأرضاع صغيرها وهى تتأمله بحزن وعيناها تهطل منهما الدموع بغزارة، والفتاة تراقبها بصمت.
لتقول فرحه بألم وهى تنظر لطفلها الذى بداء بالنوم: بيعاقبونى علي حاجه انا مش غلطانه فيها بيك انت ، عارفين ان اى حاجه مش هتكسرنى غيرك، حتى هو ، هو كمان بيكرهنى وهيحرمنى منك..
واشتد بكائها والفتاه تراقبها بالم، كيف وقعت طفله كتلك بتلك الهشاشه والرقة بعائلة جامده متحجرة القلوب كهؤلاء مرت بأنظارها علي ارجاء تلك الغرفه الصغيره ، الرطوبه قد اكلت حوائطها، والبرد القارص يتخللها من كل الجهات ، نظرت لتلك الارض البارده فلم تجد عليها الا بطانيه مهترئه صغيره بالكاد تفترش الارضيه لتستطيع الصغيره المكوث فوقها، بحق الله كيف لبشر أن يفعلوا ذلك بطفله .
نظرت لها بألم وهى تقول: متأخذنيش هو انتى قتلتلهم قتيل عشان يعملوا فيكى كده.
نظرت لها فرحه بالم وهى تقول: انا مقتلتلش حد، ولا عملتلهم حاجه، هم كسرونى وأذونى وقتلوا فيا كل حاجه، وأنا وقعتهم في شر اعمالهم من غير ما اعمل حاجه، ربنا اللي عمل بس انا كنت واحده من الاسباب وبالنهايه، انا اللي بتلام.
نظرت لها الفتاه مجدداً ، رغم الالغاز التى تتحدث بها الطفله الا ان نظرات الانكسار واضحه ، وجهها الازرق من اثار اعتداء بالضرب واضحاً جلياً للعيان، شفاهها المدماه ووجنتها الزرقاء ويديها المجروحه دليل علي كم من المعاناه قد عاشته.
سئلتها مجدداً وهى تقول: واهلك ، اهلك ميعرفوش اللي بيحصلك هنا.
نظرت لها بسخريه، اااااه ماذا ستحكى لها ، اخ اراد قتلها وسجن بنهايه المطاف ام والد تبرى منها، ام ام ملكومه ليس بيدها شيئ .
قالت بسخريه ونبره متألمه وهى تعلم شدة ما ستنطقه الا انه اهون من الحقيقه: اهلي ماتوا ، انا مليش أهل.
نظرت لها الفتاه بحزن وهى تقول: ربنا ينتقم منهم البعده، واخدين يتيمه وبيعملوا فيها كده، عشان عارفين انك مكسوره الجناح وملكيش حد حتى تلجأى له
نظرت لها فرحه بالم وهى تقول: مليش غير ربنا، هو اكبر منهم كلهم.
ربتت الفتاة علي كتفها وهى تقول: طيب انا هاخد الواد دلوقتي قبل ما حد يعرف.
احتضنت فرحه طفلها بشده وهى تبكى وتقول لها: من فضلك خليه معايا شويه كمان هما مش هيخلونى اشوفه تانى.
هزت الفتاه راسها برفض وهى تقول: لوحد عرف هيقطع عيشي وانا ممعيش فلوس أاكل بيها عيالى .
نهضت فرحه مسرعه وهى تقول لها برجاء: ارجوكى وانا هديكى اللي انتى عاوزاه..
في تلك اللحظه دلف الشاب الذي كان يستمع للحوار من البدايه وهو يقول: لو طلعتى من هنا هتلاقي حد تروحيله.
توقف الزمن عند تلك اللحظه، ايعرض عليها الهرب.
هزت راسها بحماس عدة مرات وهى تقول: حتى لو مفيش انا اقعد في الشارع ولا اتحرم من ابنى.
نطقت الفتاه برفض وهى تقول: حسن انت هتقطع عيشي الله يكرمك بلاش.
اسرعت اليها فرحه وهى تحتضن طفلها بيد وباليد الأخر تخلع حلقها الذهبي وتقول: خدى دول ثم نظرت لتلك الحلقه الذهبية المستديرة الموضوعه ببنصرها وهى تقول ودى كمان، نظرت لها الفتاة بصمت لتقول فرحه : اوضتي فوق فيها شنطه بتاعتى في ذهب زى ده خديه كله واهربى ومحدش هيعرفلك طريق.
اغرتها بالمال والمسكينه تربى اطفالها ، هزت راسها بموافقه ومنحت الصغيرة ابتسامه لتقول : طيب استنى ثوانى هجبلك حاجه ثقيله تحميكى من البرد ثوانى فقط تركتها وحدها وعادت بصحبه وشاح طويل تركته بالمطبخ اثناء انشغالها بعملها.
اخذته فرحه بإمتنان وهى تقول خذى الذهب ده بقي وانا همشي.
هزت الفتاه رأسها رافضه وهى تقول: لا خليه معاكى انتى متضمنيش طريقك.
ابتسمت لها فرحه وهى تقول: ولاد الحلال كتير انتى خدى دول كفايه انك هتسيبى الشغل بسببى، وبالنهايه وافقت الفتاه بصمت...
سار الشاب يراقب الطريق ثم أشار لهما لتتبعانه وبعد عدة دقائق تخطوا البوابه الكبيرة للقصر بعد ان تنكروا انهم احد المدعوين ، غادروا دون ان يشك بهم احد وعلي مفارق طريق القريه اشار حسن لأحدى السيارات وهو يقول: لو سمحت وصل المدام للعنوان اللي هتقولك عليه.
ابتسم له السائق ونظرت لهم فرحه بإمتنان وهى تقول : مش عارفه اقولكم ايه ولا اشكركم ازاى.
هز الشاب راسه بإبتسامه وهو يقول: متشكريناش احنا عملنا اللي علينا يلا روحى بسرعه قبل ما حد يعرف انك هربتى ابتسمت وودعتهما سريعاً وغادرت وهى تملى العنوان للسائق: مصر القديمه لوسمحت....


إنتقام خارج نطاق السيطرة - الكاتبه تنسيم القاضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن