الفصل التاسع

8K 199 1
                                    

بمنزل نيفين...
زهول اعتراها وخوف جعل اوصالها ترتعد وهى ترى الواقف امامها بشموخه نقلت انظارها بينه وبين والدتها الجالسه وهى تسئلها عن من الواقف علي الباب لتتوتر هى اكثر ، ليبادل الواقف علي الباب وهى يزيح من امامه بيده وكأنها جماد .. ثم يتوجه نحو الداخل وهو يقول : انا طبعاً مش محتاج ترحيب مش كده يا نيفين..
نظرت له بتوتر وأمتلئت عيناها بالدموع لتنهض والدتها واقفه وهى تسئله بهدوء عن كينونته... ابتسم هو بهدوء كعادته وهو يقول: طب مش هتقعد الأول..
ابتسمت السيده نبيلة بحرج وهى تقول : اسفه يا ابنى غاب عن بالى والله اتفضل ، ثم نظرت لأثاث المنزل الذي قلب رأساً علي عقب بسبب الفوضي التى كانت موجوده منذ قليل ، معلش كان في دوريه عندنا ..
اومئ هو براسه بتفهم لتتوجه السيده نبيلة للداخل ، ليلتفت هو للوراء وهو ينظر لنيفين الواقف متجمده كقطعه من الجليد ، ايه مش هترحبي بيا...
فاقت هى من جمودها وتوجهت نحوه بقسوه وهى تقول : انت عاوز ايه بالظبط، مش قولت يومين وهتيجى ايه اللي جابك دلوقتى ..
ابتسم هو بهدوء وهو يقول : أبداً مزاجى قالي كده ، وانا بمشي تبع كيفي..
ثم تركها وتوجه للداخل لتهتف هى بأسمه بحنق وتتبعه مسرعه علها تصلح ما يمكن اصلاحه...
توجه للداخل وجلس علي كرسي مواجهاً للسيدة نبيلة بينما جلست نيفين بجوار والدتها.. ثوان عدة حتى بداء هو حواره بتهذيب جديد علي نيفين لم تعتده منه وهو يقول منظماً حديثه وكأنه تمرن علي إلقائه طويلاً: اكيد حضرتك بتستفسري انا مين وايه اللي خلانى ادخل كده من غيرما استئذن واكيد بتقولي دى قلة ذوق..
لم يكمل حديثه حتى تمتمت نيفين بصوت لاحظه جميعهم:لا وكمان عارف نفسه ومعترف، يا برودك يا اخى ، اقول ايه جبلة..
رمقها هو بنظرات حارقه ، ثم تابع حديثه كما بدائه ، في الحقيقه أنا أسمى نائل عندى ٣٠ سنه وبشتغل راجل أعمال معروف وليا شركه انا واخويا وليها أسم وماركه مشهوره في بلاد كتيره..
صمت قليلاً لتقول السيده نبيلة بتفهم: جميل يا ابنى، طب وده هيفيدنا احنا بأيه حضرتك جاي هنا ليه..
ابتسم هو بهدوء وثقه ثم قال وهو ينظر لنيفين: في الحقيه اخويا رائف عنده ٢٥سنه وزى ما قولت شريك ليا في كل حاجه بس .. صمت قليلاً لتنظر السيده نبيلة لنيفين التى احمر وجهها بشده اعتقدتها هى من الخجل بينما لنيقين رأى اخراً فقد كانت تغلي من الغضب...
ليكمل حديثه ولازال موجهاً انظاره النارية نحوها: طبعاً اخويا ، شاف الانسه نيفين في كام حفله ، واعجب بيها جداً ، تنحنح قليلاً ليجلي حلقه وهو يقول : بس وكان حابب نتقدملها رسمى ..
صمت طويل كان المسيطر علي ذلك الوضع، تخلله نظرات نيفين القلقه المتوتره ونظرات نائل الواثقه والأم الصامته
ليقطع ذلك الصمت الطويل، صوت الام الهادئ وهى تقول: وهو مجاش مع حضرتك ليه ...
ارتبكت نيفين وكذلك نائل ليقول هو مقاطعاً : احمممم، انا نسيت اوضح لحضرتك ان رائف مريض شويه..
صمت قليلاً لتقول السيده نبيلة: نوع المرض ايه..
نهضت نيفين عند تلك النقطه وقالت بهدوء: رائف عمل حادثه ياماما، ومن وقتها مبيقدرش يمشي غير علي كرسي متحرك...
ثم تركتهم وانصرف غاضبه حزينه خائفه، مشاعر مختلفه تخللتها في لحظات قليلة لتدلف لغرفتها مغلقة بابها عليها، تبكى خلفه بصمت وألم، هى ليست رافضة لشخص رائف، هو شخص لطيف لم يؤذيها قط، حنون لأبعد مدى كلماته القليله التى تحدثها معها كانت تنبع حنان،لكنها رأئت جانب اخر له بالصدفه ، ومن ذلك اليوم وهى ترتعد خائفه رافضة لفكرة رؤيته أبدا. لذلك لم يريها وجهه ابدا. بعد رفضها ليخبرها انها ستصبح له عما قريب ويومها سيخبرها بما لم يستطع اخبارها به ...
والاكثر إخافة لها هو ذلك الجاثم بالخارج فلم يتوارى يوماً عن اخافتها بتهديداته وكأن الزواج اجباراً وكان زوجاها من اخيه امر لا مفر منه وهى ليس لديها حرية الإختيار ...
نهضت علي صوت امها وهى تهتف بإسمها مسحت دموعها سريعا. ونظرت لنفسها بالمراة وهى تقول: من انت لتخافي ... انتى لم تولدى للخوف او الحزن او الضعف، انتى كنتى قوية وستظلين هكذا دائما ، وداعاً للضعف واهلاً بالقوة...ابتسمت للمرآة وغادرت بخطوات غير التى دلفت بها..
لتجد امها وهى تقول: وصلي ضيفنا لحد الباب يا نيفين.
اومئت هى برأسها واشارت له بيدها ليدلف هو للخارج وهى خلفه ، وقف عند الباب والتف اليها وهو يقول: انا لو منك هكون خايف لأمك توافق وكده .
هزت هى رأسها نافية بإستنكار واستهزاء وهى تشير اليه بإصبعها : انت اللي مفروض تخاف من دلوقتى انت فاهم، من النهارده انا اللي هبقي متأكده ان ماما توافق وصدقنى هتندم ندم عمرك علي اصرارك ده وعلي انك قابلتنى بالاساس..
ضحكه خافته افلتت منه ليقول بإبتسامه: اما نشوف مين اللي هيندم في الأخر....
ذهب للخارج وقبل ان يضيف اى كلمه بادرت هى لتغلق الباب بوجه وهى تقول : داهية...
دقائق مرت لتسمع صوت والدتها تهتف بإسمها وهى تقول : ايه رائيك يا نيفين..
ابتسمت نيفين بتوتر وهى تقول لوالدتها:
رائي هو رائيك يا أمى...
نظرت لها والدتها بهدوء ثم نهضت وهى تقول مغادرة : وانا قولت لااا، مش هكرر قصتى تانى معاكى، انا وابوكى اتجوزته في ازمته مكنش معاه مليم واحد بس قولت الحب أهم، ثم نظرت لإبنتها وقالت : كنت داخله الموضوع عند وتحدى وقولت ادام اهلي انى مدام طلعت من البيت ده استحاله ادخله زعلانه تانى ابداً ومن اول سنه بدائت خناقات ومشاكل ، من اول ما خلفت عمار والدنيا اتشفدقلبت وباباكى اللي كان بيحبنى فجاه اتغير، ثم قالت بإنكسار : خسرت كتير قوى في الفترة دى ، خسرت نفسي وخسرت روحى وعيلتى بسبب عندى، ثم قالت بصرامه مستعيدة رباطه جأشها : وانتى عندك ده يا بنتى هيوديكى في داهيه، انا مهما كان نفسى اطمن عليكى مع انى كنت رافضه فكرة جوازك في السن ده، بس انا دلوقتى رفضت الفكرة خالص، عارفه ليه، لو حتى تعيشي في عشه وتاكل عيش ناشف،اهون من انك تعيشى مكسورة ومزلوله، وهتلعنى دنيتك ويوم ما فكرتى تاخدى خطوه زى دى ....
ثم احتضنت ابنتها بشده وهى تقول بصدق ودعاء: ربنا يوفقك ويحميكى يا بنتى ويبعد عنك شر ولاد الحرام..
ثم قبلتها بحنو وغادرت متعبه مستنده علي الحائط حتى وصلت لغرفتها...
بينما نيفين ظلت واقفه شاردة في أثر والدتها وهى تقول بألم : طول عمرك بتعرفي ايه اللي جوانا من غير ما ننطق، بس انا مش عارفه اعرف ايه اللي جواكى، يااه لو تفتحيلي قلبك وتقوليلي عن اللي تعبك ...
ثم غادرت نحو غرفتها متخلية عن فكرتها الطائشة تلك واضعه امامها هدف اهم في الفترة الحاليه وهو معرفه ما يحدث بوالدتها
..............
علي الجانب الأخر ...
بالشوارع الجانبيه الملتويه حيث القمامه تملاء الصناديق وتفيض علي الجانبين مخلفه منظراً غير حضارياً بالمرة وتجتمع القطط حولها، كان يركضاً وخلفه نغم تتبعه وهى تلتقط انفاسها بصعوبه وقفت للحظات وهى تقول لعمار: عمار انا تعبت مش كفايه جرى بقي، اكيد محدش شافنا يعنى احنا بنجرى زى المجانين اكده ليه..
نظر لها بحنق فلا تنقصه لحظات غبائها تلك يكفيه ما به، قال من بين أسنانه : بالله عليكى يا هانم عشان خاطر العبد الغلبان ده امشي وانتى ساكته انا هتشل بسببك اقس...قاطع كلماته وهو يرى طيف لشخص يقف خلف حائط قريب من نغم توجه بهدوء نحوها وهو يقول بخوف : نغم..
نظرت له الأخرى ببلاهة ليقول هو بصوت يكاد يكون مسموع: أجرى يا نغم واوعى تبصي وراكى انتى فاهمه.
اومئت هى براسها بخوف وركضت مسرعه ليركض هو خلفها قاطعين الكثير من الشوارع ولازال هناك طيف يتبعهم ثوان مرت وسمع صوت سيارات علم انها قريبه منهم ليقول هو بحنق: شكلنا هنتمسك ، نغم بالله عليكى لتجرى احنا كده هنتمسك..
نظرت هى له بعدم فهم ثم اكملت ركضها وبين لحظه واخرى تتمتم غاضبه وهو يسمعها بتأفف لاحظ هو اقتراب العديد من الاشخاص خلفها ليصيح بها ان تتقدم فهم يقتربون منهم، افلتت منها سبة وهى تلعن حظها العسر فما كان ينقصها الآن سوى حذائها الذي قد قطع ، صاحت بأسمه وهى تقول: عمااار استنى الجزمه انجطعت..
سبة أخرى افلتت منه هو تلك المرة وهو يلعن حظه العثر الذي اوقعه مع تلك الغبيه قال وهو يعض علي شفاهه: طب والحل يا مزمازيل.
نظرت له بحنق وهى تقول: معرفش ياخويا ، انت اللي جولتلي اجرى وادينى حطه روحى علي اكتافي وبجرى وراك زى الهبلة والمجانيين التانيين بيلحجوا بينا.
لمعت في رأسها فكرة شيطانية لتضحك بشر وهى تنظر لقدمى عمار وتقول : لجيتها ...
ابتلع هو ريقه وهو يرى نظرتها تلك ليقول : يامنجى من المهالك يارب
اقتربت منه وهى تقول: خليك راجل كده وابن بلد وكمل جميلك للأخر واخلعلي الجزمه ديه وانا هلبسها وهجرى فريره زى الريح...
نظر لها بصدمه ثم قال بغيظ: جزمه ايه اللي هخلعك انتى اتهبلتى يا بت والا اللي حصل خلى فيوزات عقلك تضرب.
حركتا شفتيها للجانبين بحنق وهى تقول: هى دى جدعنة ولاد البلد، هى دى الجندله اللى بتجولوا عليها، اخيييه عليك اخيييه.
وكان رد فعله هو ارتفاع حاجبيه علي أخرهما من هول ما سمع وهو يقول: جندله بالذمه انتى سمعتى حد بيقولها كده، اسمها جنتله يا هانم، مادام مبتعرفيش تنطقى الكلمه ما تفتيش وايه اخيييه دى انتى شايفانا في روضه...
مصمصت شفتيها وهى تقول: لع، مادام انت فالح جوى كدهون ملجتلناش حل في المصيبه دهى ليه، ولا انت زى الجرع تمد لبره....
كاد أن يفقد صوابه من كمية الغباء التى يسمعها قال في محاوله للتماسك وهو يسمع اصوات صياحهم قريبه منهم: نغم وحياة اهلك يا شيخه اعتقينى من غبائك ده ويلا بلاش دلع وامشي قبل ما نتمسك
نظرت له بإستنكار وهى تقول : متجبش سيرة اهلي علي لسانك انت فاهم...
نظر له بغيظ وهو يقبض كفيه بحنق: مجبش سيرتهم وهما السبب في اللي بيحصلنا، بت انتى هبله ولا بتستعبطى ولا الهبل ده بتشتريه منين،
اخذ يحدث نفسه وهو يقول: أنا ايه خلانى اورط نفسي في الورطه دى وياريت الهانم عاجبها لا بتبجح كمان...
نظرت له بغيظ وهى ترمق حذائها وتقول: طب اخلص وشوفلنا حل لحسن دول جربوا منينا وهيجفشونا دلوجتى ونتسلم تسليم أهالى وهيدفنونى بالحيا،واكيد انت كمان معايا، مهو انا مش هتدفن وحدى...
ثانية فقط وقد رأوى اشباح لأشخاص يقتربون منهم، ركضت هى بإتجاهه وهى تقول بهلع: يااااالهوتى ياااانى ياما، دول هيجفشونا خلاص...
وخلال لحظه واحده قفزت هى بين أحضانه وهى تقول:شلنى يلا اخلص دول خلاص هيجفشونا
رفع كفيه بفراغ صبر وحملها علي أكتافه وهو يقول بغيظ : يا مصيبتى السوده كان يوم اسود يوم ماشوفتك يا بعيده منك لله.
لكزته في كتفه وهو حامل لها ويركض وهى تصرخ بأذنه حتى كاد أن يصم: اجررررررررى ياعمار ، اجررررى يالهوووووووتى يااانى ياااما ، دول ورانا اهم....
صاح بها وهو يقول بغيظ ويتألم من اذنه التى قد اصابه بها الصنج بسبب صوتها المرتفع: الله يحرقك ياشيخه منك لله، جبتيلى الصنج،
صوت اطلاق للرصاص اخترق اذنهم، لتلطم هى وجهها ليقول هو وهو يبتلع ريقه: وهروح كمان في شربة مياه، منك لله يابعيده....
.............
بالحى الشعبي...
كانت تقف مرتعده عليحافه الباب مكبلة صغيرها بيديها وهى تنظر للواقف بخوف ..تقدم هو عدة خطوات ليصبح بداخل المنزل بينما تراجعت هى مثلهم ، بينما بالخارج كانت انظار الجيران محدقه للمشهد الجديد من نوعه والذي يحدث بحارتهم لأول مرة...
قال هو بصوته الأجش:كنتى فاكره انى مش هلاقيكى مش كده..
ثم اخذ يفتش بإنظاره في أرجاء المنزل تركها مصدومه وتقدم عدة خطوات للأمام ، وما اوقفه ان يتقدم المزيد كان صوت رندا التى خرجت من الداخل علي صوت رجولي غريب عليها سمعته لتنتفض تاركه ثيابها مهرولة للخارج وحينما رائت ما يحدث امامها ، اقتحام ذلك الغريب شقتها وارتجاف فرحه وخوفها اللامتناهى حتى ان طفلها كاد ان يسقط من بين يديها افلتت منها صرخه صايحه بلهجتها اللاذعه: ايييييييه يا اخينا، هى وكالة من غير بواب ولا ايه.
ثم تقدمت لتقف بجوار فرحه التى كانت ترتجف من الخوف لتقول هى : انت مين..
نظر له هو بطرف عينيه وهو يقول: انا بكلم مراتى ملكيش دخل انتى فاهمه..
نظرت له هى بصدمه، اذا ذلك هو ريان..الم وحزن وجرح رفيقتها..رمقته بغل ليتصاعد صوت ثالث كان مرحب به بتلك اللحظات بالنسبه لفرحه ورندا وهى تتقدم بقوة وتقول بتحدى: مرات مين يا بابا، يبقي روح وقول الكلام ده قدام المحكمه قال مراتك قال...
نظر لها هو بإستنكار ثم ابتسم بشده ثوان قليلة ثم انفجر ضاحكاً وهو يقول: لا انتوا عصابه بقي..
لمحت رندا تجمهر اهل الحارة امام الباب لتتوتر أكثر ثم توجهت مسرعه نحو الباب وهى تقول لوعد: شكل الموضوع هيطول واحنا كده هنتفضح ثوانى وجايه خلي بالك من فرحه...اسرعت الخطى لتقف امام الباب فيتراجع الجيران عدة خطوات لتقول صاحبة شقتها بإستنكار ولهجه لاذعه: هو مين ده يا دلعدى..
نظرت لها رندا بصمت لتقول اخرى: ما تردى يا بت ولا القط بلع لسانك..
نظرت لهم رندا بصمت وهى تعلم ان اى ردة فعل خاطئ بذلك الوقت ستتخذ ضدها لتقول في محاولة لتمالك اعصابها: ده ضيف وهيمشي، حضراتكم عاوزين حاجه..
ليقول رجل بصوت غليظ: واااه، ايه الكلام اللي ميعقلهوش انسان ده ، انتى بتكلمى عيل صغير يا بت ولا ايه ولا هتاكلنى بعقلنا حلاوه، راجل جيلكم في عز الليل وداخل بزعابيبه ومش طايق حد في وشه وداخل شقه بنات وحدهم هيكون جى ليه..
نظرت هى لهم بغضب وهى تقول: اياك اسمع من حد اى كلمه تخصنا او تخص شرفنا انتوا فاهمين احنا اشرف من أى حد. .
لتضحك احدى النساء بتهكم وهى تقول: قال قالوا للحرامى احلف ....
نظرت لها رندا بقله حيله ليقول المعلم عبده بصوته المعروف: احنا مش طراطير يا هانم هنا احنا حارة محترمه ومنسمحش ان سمعتنا تتوسخ ، والاستاذ اللي جوه ده ان مطلعش دلوقتى احنا هنجبلكم بوليس الاداب وبينا وبينكم الحكومه..
شهقه افلتت من رندا ليتصاعد صوت ما من خلفها لتتنحى هى جانباً وما كان ذلك الصوت الا صوت ريان...
عوده لدقائق قليلة للوراء
حينما غادرت رندا متوجهة نحو الباب تاركه فرحه ووعد واقفتين امام ريان..
تحدث ريان اولاً بهدوء وأسف وهو يرى نظرة الخوف المطلة من عينى فرحه ليعلم انه لازال يخطئ الكثير ولم يتعلم بعد من خطأه، ليقول: فرحه ، ياريت ننسي اللي حصل، انتى دلوقتى لازم ترجعى معايا حالاً مينفعش انك تعيشي هنا ثم نظر للمكان الذي حوله بضيق
لتقول وعد مقاطعه : تروح معاك فين هو انت هتجر بقرة وراك، احمد ربنا انها معملتش فيك بلاغ تعدى ولا انت فاكر انها هتنسي اللي عملته فيها بالساهل، ثانياً دى مش مراتك انت فاهم انت طلقت خلاص وهى بقت حرة نفسها ..
نظر هو لوعد بهدوء عكس ما يعتمل فؤاده ثم تابع: انا هرجعها لذمتى ودلوقتى ..
نظرت فرحه لما يحدث امامها وشريط حياتها الماضيه بمأسيه يمر امام عينيها ، لتهتف بجراة استمدتها من وجود رفيقتها بجوارها: وانا ... انا فين من حسباتك يا ريان.... انا انسانه زى زيك وليا راي ليا مشاعر وبحس زيكم كمان.. ولا لانى عمرى ما نطقت ولا قولت لا خلاص بقيت عبده ومجرد مكنه او آله بتحركوها وتدوها أوامر وهى تنفذ وبس..
نظر لها بألم وهو يقول : انا عارف انى غلطتلما طلقتك وغلطت كمان لما مديت ايدى عليكى، بس اللي مغلطتش فيه لما حصل اللي حصل ، انتى استغلتينى يا فرحه وخلتؤنى مجرد كوبرى عشان توصلي لهدفك، وياااه اما احس انى سبب من اسباب وفاة اخواتى عارفه ده يعنى ايه، يعنى انا جبتك انتى وعندت واتحديت الكل وصدقتك ، وفي الأخر طلع كل اللي عملتيه مجرد كذب وتمثيل وبراه كذابه..
نظرت له بألم هو علي حق بكل كلمه قالها آلان، هى آلان قد عذرته، وفكرت لأول مرة لردة فعل أى كأئن بشرى بمكانه ، ربما لكان قتلها...
صمت بالم وهى تقول بعد ان ناولت طفلها لوعد التى كانت تراقب ما يحدث بصمت.
ليقول هو ، انا طلقت مراتى ومقدرتش استحمل انى اظلمها معايا في حياتى، ودلوقتى بطلب منك يا فرحه ترجعى وصدقينى هنحاول نصلح اللي حصل زمان.
نظرت له فرحه وما كادت تتحدث الا قاطعها الصوت القوى بالخارج والضجه العاليه التى تنم عن نشوب شجار ليتركها ريان واقفه ويذهب خلف رندا..
وما ان وصل حتى وقعت الكلمات الأخيرة علي أذنه كالصاعقه... استصغر نفسه حينها حتى وهو بجوارها لم يستطع حمايتها من افواه الناس تقدم بغضب ثم ازاح رندا التى فوجئت بهجومه الضارى ليمسك بالمعلم عبده من تلابيبه وهو يقول بغضب: دى تبقي مراتى يا كلب... انت فاهم ودى اشرف من اى حد فيكوا .
نظر له جميع اهل الحاره بصدمه،ليهتف هو بصوت عالي : علي الله اسمع سيرتها تتجاب علي لسان اى حيوان هنا والا اقسم برب العزه مهيطلع عليه نهار .
ثم نفض يده من الرجل الذي تراجع خطوات متقهقهره للخلف ليقول بتوتر: احنا مكناش نعرف يا أستاذ انها مراتك، وبعدين انت عارف بنات ولوحدهم اكيد الكلام هيكتر حواليهم، الاحسن تاخذ مراتك بعيد عن الحارة ده احسن ليها ولينا ..
سدد ريان لكمة له وهو يقول : مىاتى تقعد في المكان اللي يريحها وحس واحد فيكوا بس يضايقها بكلمه ، .... صمت ثم قال: انا مش ههدد انا هنفذ علي طول...
ثم رماهم بنظرات قاتله ليغادر الجمع منصرفين واحداً تلو الأخر...
لبغلق هو الباب خلفهم وسط نظرات وعد ورندا الغير مصدقه لما يحدث امام عينيهما...
نظر لرندا الواقفه تسد عليه الطريق شاردة ليقول بإبتسامه : هااااى، ممكن اعدى ..
نظرت له رندا بحنق وهى ترفع احد حاجبيها لأعلي وتقول: أوعى تكون فاكر ان حركات الجدعنه اللي عملتها بره دى هتغير وجهة نظرنا فيك، لااا يا استاذ ريان، انتوا الرجاله كلكم الا قليل صنف واحد مبتتغيروش، واللي عملته في فرحه واللي عيلتك عملته فيها هى تقدر تنساه ولو هى نسته احنا اصحابها واخواتها هنفضل فاكرين اللي عملتوه، ثم قالت وعيونها تنهمر منها الدموع بصدق وهى تشير بإصبعها علي فرحه : انتوا دمرتوها ، شايف اللي واقفه قدامك دى.. كان أبسط احلامها انها تكمل تعليمها وتعيش بسلام، كان اقصي طموحاتها تدخل كلية الطب وتبقي شاطرة وتفيد ناس غلابه زيها.... وانتوا ادتوها ايه، حرمتوها من حلمها ، دمرتوها داخلياً وخارجياً، انتوا قتلتوها، اوعى تفكر انها واقفه علي رجليها تبقي كده حيه، لااااا فرحه ماتت من زمان واتكسرت بسببكم انتوا واديها بتحاول تصلح نفسها وترجع روحها من تانى، فرحه اللي بجد راحت مننا انت مشوفتهاش ولا تعرف عنها اى حاجه..
صمتت قليلاً ثم قالت بص هو سؤال واحد: انت بتحب فرحه بجد..
نظرت لها فرحه علي ذلك السؤال بالم بينما وعد تحتضن الصغير بمراره ووجع ، ثم فاقت لنفسها قليلا. وامسكت بيدها الاخرى كف صديقتها البارد كالثلج لتنظر كل منهما للأخرى عيون فرحه الدامعه وعيون وعد الحزينه لتخبر كل منهما الأخرى انهما طالما معاً فلن يضرهم أى شيئ..
قال هو بهدوء: لو مكنتش حبتها مكنتش سامحتها ولا جيت لحد هنا ادور عليها..
عند تاك الكلمه تركت فرحه يد وعد وتقدمت نحو ريان بهدوء مماثل لشخصيتها الناعمه وهى تقول بضعف: اللي أعرفه يا ريان ان الحب بيقوى مش بيضعف، الحب بيدى مش بيتخذ، الحب بيعيش مش بيموت...
ثم قالت بالم وقهر بكى علي اثره رفيفتيها: وانا ضعفت لحد ما هختفي ، انا موت واتقتلت جوايا كل حاجه حلوه، انا فرحه وشخصيتى الهاديه المسالمه اختفت واتخءت بعيد عنى، وبقيت بفكر بس ازاى انتقم من الناس، انت عارف يا ريان، انتوا اللي خلتونى كده، عارف الحب اللي بتتكلم عنه ده مش حب بجد، يمكن اكون معرفش يعنى ايه حب بجد، بس اللي أعرفه وانا واثقه فيه من جوايا ان الحب مش بيغير الشخص للأسوء وانا اتغيرت ميه وتمانين درجه وبقيت شبح لشخص في أسوء كوابيسي مكنتش اتخيل انى هبقي كده، وانت يا ريان بتتكلم عن الحب انت تعرف ايه عن فرحه الإنسانه، تعرف انا بحب أيه او بكره ايه، انت تعرف ايه هى ابسط امنياتى ، تعرف ايه عن احلامى وتعرف ايه عن كوابيسي ، الحب انك تقف جنبي في المرة قبل الحلوه ، الحب انك تكون واثق فيا ومهما عملت تغفرلى، وانت عملت اييييييييييه، انت في أول غلط علقتلي المشانق وقومت القيامه واهنتى بأبشع طرق ، ومخلتليش حاجه حلوه جوايا ليك...
صمت لدقائق لتتنفس بهدوء ثم قالت بقهر: فاكر لما ركعتلك عند رجليك واقعدت اتحايل عبيك واقولك عشان خاطر اى حاجه حلوه سيبلى ابنى وانا همشي ومش هتشوف وشي ...انت قولتلي ايه وقتها ، فاكر نظرتك ليا ، فاكر الاحتقار والدونية اللي كنت بتعاملنى بيهم وكانى مجرمه معملتش اللي كان مفروض يتعمل واللي انتوا اجبرتونى انى اعمله، انا لحد دلوقتى فاكره الكلمه اللي قتلت جوايا اى احساس حسته جوايا ليك ، لما قولتلي انا مفضلش جوايا اى حاجه ليكى وانى قتلت كل الحجات اللي كانت ممكن تكون جواك ليا...
نفس الكلمه بقولهالك يا ريان يا صاوى ..: انت قتلت اى حاجه حلوه جوايا ليك ....
واوعى تقولي بحبك تانى لان ده عمره ما كان حب ، ولو ده هو الحب، حريقه تحرقه انا مش عاوزاه...
بحديثها ذلك ازهلت الجميع ليقفوا صامتين واكأن علي رؤوسهم الطير، لينهض ريان من صمته ذلك وهو يقول بألم: يعنى مفيش اى امل انك تنسي اللي فات.
لتهز هى راسها نافيه وهى تمسح دموعها وتقول : الأمل الوحيد اللي هيكون جوايا ليك، انك هتكون ليا أخ وصديق ، وانا سامحتك علي اى حاجه عملتها يا ريان وبتمنى من ربنا انه يوفقك في حياتك وتلاقي الحب اللي بجد تستاهله وعلي فكره انا مش هعتذر علياى حاجه انا عملتها لأنى عملت الصح يمكن غلطى الوحيد انك انك انت كنت طريقي للوصول لهدفي ، بس ده القدر وهو اللي اختار انك انت تكون ضحيه في اللعبه دى ....
نظر له بصمت ثم قال بحزن : وانا مش هضغط عليكى يا فرحه ومش هجبرك ، بس فارس لازم يرجع معايا لان ده ابن عيلة الصاوى وانتى عارفه معنى الكلمه دى أيه..
تمسكت وعد بذلك الصغير وكأنه صغيرها هى لتهتف بغضب وحنق وكره وغيظ وغل تجمعوا معاً لتقول: انت فاكر ان انتوا ايه، يعنى ايه ابن عيلة الصاوى ويعنى ايه تاخذوا، اللي واقفه قدامك دى أمه يا استاذ عارف يعنى ايه تحرم أم من ابنها بكت بشده عند تلك الكلمه وهى تقول بتهكم: اكيد مش هتعرف معناها، بس صدقنى الولد مش هيتربى غير مع فرحه ولو عاوز تاخدوا بينا المحاكم وصدقنى من اول جلسه هتبقي لينا وفي صالحنا، انت تبقي عمه مش ابوه وابوه مات وامه هى اللي عايشه يعنى هى اولى الناس بيه اولاً واخيراً حتى لو ابوه موجود...
نظر لها ريان بإبتسامه ثم قاب وهو يتوجه نحو باب المنزل : اظن انا كده اطمنت عليكى، اللي عنده اصحاب زى دول اكيد ميتخافش عليه... ثم قال بعد ان وقف ثم التفت بظهره عائداً متوجهاً نحو وعد وبصحبتها فارس وسط انظار فرحه الخائفه ووعد ورندا المتأهبة لاى حركه خيانه او غدر ليقول لوعد : هحضنه شويه يمكن تكون دى اخر مره أشوفه..
نظرت له وعد بطرف عينيها ثم نظرت لرفيقنها فرحه لتومئ فرحه براسها ليحتضنه ريان بشده ثم أخرج من جيبه شيئا. ما لم يعرفوا ما هيته ووضعه بملابس الصغير بعد ان قبله وغادر دون أن يلتفت ورأه ولو للحظه.. تاركاً خلفه فرحه التى جلست منهارة علي الأرض بعد ان انهارت اعصابها كلياً لتصيح وعد بان ريان قد ترك مالاً بصحبه الصغير..
ابتسمت فرحه بألم لتركض رندا بجوارها لتحتضنها بينما توجهت وعد نحوها لتجلس بجوارهما واضعه الصغير علي الارض بينهما وشاركتهما لحظات المشاعر المتضاربة تلك لتقول رندا بمزاح : طب والخطه الخماسيه بتاعت الإنطاق هنعمل فيها أيه اوعوا تقولوا هتبقي ثلاثيه كده هتبقي وحشه قوي...
لتضحك فرحه علي كلام رفيقتها وهى تحمد ربها انها لم تنتقم من ريان والا عندها ستفقد نفسها وتضيع فرحه مع روحها البريئه المتبقيه للأبد....


إنتقام خارج نطاق السيطرة - الكاتبه تنسيم القاضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن