الفصل 3

61 8 4
                                    

قضيت النهار بأكمله وأنا أدرس،تبقى شهر على الإمتحانات النهائية،وأريد أن أتفوق،خصوصا على "ماري" و "يانكي" وهما الشخصان المجدان و ذو معدلات مرتفعة في فصلنا،سأفعل المستحيل.
بدأت الشمس في الغروب،وبدأ البرد يتحرك خارجا،لكن المزيفون ينتظرون بطاقات الأونو،تناولت قليلا من الكرنفليكس وكعكة شوكولا،وجبة خفيفة،غيرت ملابسي وإرتديت سروال أخضر وتي-شرت رمادي مع صندال وجوارب،مع معطف أخضر رياضي،النصف العلوي متناسق أما الصندال والجوارب شيئ أخر.
حملت بطاقات الأونو المكونة من 40 ورقة ملونة بالأحمر والأخضر والأصفر والأزرق،لعبة جميلة ومرحة،كل لاعب يمتلك سبعة أوراق،و يتم وضع الورقة الأولى ويجب أن تضع ورقة لها نفس لون الأولى أو نفس الرقم،كما توجد بعض المعيقات،كبطاقة التغيير أو إضافة أربعة أوراق إلى الخصم وفي بعض الأحيان ورقتان،و بطاقة منع الاعب عن الوضع وأخرى لتغيير إتجاه الاعب،لعبة مرحة،لكنني لا أشعر به مع هؤلاء الأصدقاء.
الساعة السابعة مساءا،إلتقينا في نفس المكان،أمام المجمع السكني،توجد أرضية فارغة نجلس ونلعب فيها الأونو،تواجد هناك مايك ومارتيل،بران،سيليس،غريك،
كما حضر بعد غياب دام شهر،"مولين" وهو شاب أسمر في الثامنة عشر في عمره،فهو يغيب بكثرة إشتراكه في مسابقة المصارعة حتى كونه أنه لايفوز أبدا،وهكذا كان عددنا سبعة أشخاص،شكلنا دائرة ثم بدأنا اللعب،حيث من كان أخر من تبقى لديه البطاقات يتم إقصاءه،الجولة الأولى كانت رائعة لكوني حصلت على مجموعة مليئة بالبطاقات المعيقة،ماجعلني أفوز وأتسبب في خروج سيليس،ماجعله غاضبا ومقطبا وجهه نحوي،وقال لي:((سوف أهزمك مرة أخرى)).
و إكتفيت فقط بإبتسامة مصطنعة،الجولة الثانية كنت في موقف حرج،فبطاقاتي عكس الأول فقط أرقام،لكنني تفوقت على غريك ببطاقة إضافة 4 أوراق،الجولة الثالثة أقصي بران،ونحن نلعب في الجولة الرابعة،رأيت الشاب البرونزي،توان،أتى من جديد،لكنه إرتدى قميص رمادي وسروال يميل إلى الأسود،وحذاءا أسود رياضي،وشعره المصفف مازال جماله لم يختفى،كما برز صدره المفتول في قميصه،وقف متكئا على الحائط ويحمل هاتفه الذكي في يديه وهو ينظر نحو الأعلى،كان موجها إلى نافذة إبن خالته فهد،وقد صادف الأمر إقصائي في الجولة.
جلست وأنا أراقبه،وعندما بدأت أحس بالملل قررت الذهاب إليه وأسئله لو يريد اللعب معنا،ترددت قليلا،وقلبي تتسارع دقاته كأنه نهاية العالم،قلت في نفسي:"تشجع...تشجع هيا!!!".
توجهت نحوه بخطوات بطيئة ومتوترة،وعندما وقفت جانبه وكنت بعيد الخطى عنه،قلت بصوت متقطع:((مرحبا...هل تريد اللعب معنا...)).
قال وهو لم يتكبد عناء النظر إلي حتى:((لا)).
حسنا إذن،جواب مباشر وصريح...ومؤلم أيضا.
أحسست بغضب عارم يتأجج داخلي،وحزن شديد جعلني أريد البكاء بشدة،فجوابه هذا صدمني،فقط،...لماذا لم ينظر إلي ويترك هاتفه للحظة واحدة فقط،الأمر أنه أريد صديقا حقيقيا،قلت بصوت منخفض:((لابأس إذن)).
لاحظت العرق ينزل من جبهته،كأنه كان يركض،نادى على إسم ظننت لحظة أنه أنا،لكنه قال:((بران...لحظة أرجوك)).
خيبة أمل،طعنة في القلب،جاء بران وبدأ يتحدث معه،رجعت وجلست بخيبة مع البقية الذين وصلوا الجولة النصف نهائية،التي تبقى فيها مايك و مارتيل و مولين.
بعد لحظة رأيت بران يلوح يده إلى فهد القابع في الجهة الأخرى يقطع الشارع ركضا،ووصل إليهم، بعدها رحل مسرعا برفقة توان،جاء بران إلي وقال لي:((فل ترافقني)).
قلت:((إلى أين)).
قال لي وهو يمسك يدي كي أقف:((فقط سأذهب لشراء علبة طماطم في السوبر ماركت)).
قلت:((والبطاقات!!)).
ليقول غريك:((سأضعها عندي حتى مجيئك)).
ثم رحلنا بعد ذلك،وقال لي ونحن نتحرك في الطريق وسط الرياح الباردة:((أعلم أن توان قد أقلقك)).
قلت:((كيف علمت؟؟...هل أخبرك!!)).
قلتها بفم مرتجف،قال بران:((لا...لم يقل شيئا..لكنه أخبرني بشيئ...ورأيت كيف أجابك)).
قلت وأنا أبتسم بحزن:((لابأس)).
بعد أن أحضر معلب الطماطم،ونحن في الطريق العودة،قال لي:((الحقيقة فما حدث له...أن والدته مريضة وقد جاء يجري لدى فهد كي يساعدهم هو وأمه..))،أتمم بعد أن وضع علكة في فمه:((فهو دون أب فقد تطلق أمه منذ ثلاث سنوات،وأمه تعاني من مرض الربو،وهو الوحيد لديها،فالمسكين يعمل ويدرس في الوقت نفسه...فهد ووالدته من يساعدونهم..)).
مسكين...يالني من وقح،غضبت بسرعة دون معرفة معانته،لقد كان يجري من أجل أمه...يالي من وقح...
قلت لبران:((تعال معي)).
توجهنا أولا إلى الأخرين وأخذت بطاقاتي،ثم رافقت بران إلى المنزل،وأمرته بالإنتظار،صعدت إلى أعلى وتوجهت إلى غرفتي،حملت كيس صغير أضع فيه نقوذي،كان لدي مايقارب ألف درهم،أخذت منهم خمس مئة وتركت خمس مئة،نزلت إلى بران وقلت له:((إعطي هذه لتوان ليساعد أمه...لاتخبره أنه أنا..أخبره أنها مجموعة من المحسنين من ساعده حسنا...اليوم..الأن...أسرع هيا!!)).
نظرا إلي بإبتسامة ثم قال:((شكرا لك)).
ثم رحل،صعدت ثم تناولت عشائي،وتوجهت إلى فراشي،والعديد من الأسئلة تراود عقلي،لماذا ساعدته؟؟...كيف ستكون ردة فعله؟؟..ماهي حالة أمه الأن؟؟...هل ماتت؟؟؟...هل هي بخير؟؟؟...هل هو بخير؟؟؟...هل سيعلم من ساعده؟؟...ماذا يحدث لي؟...ماذا أفعل؟؟...توارت كل هذه الأفكار والتساؤلات حتى أغلقت عيناي و غرقت في النوم،فقد تعبت اليوم بشدة...حقا بشدة...

صداقة صدفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن