لقد إنتهى كل شيئ...كل ما أردته هو الحصول على أصدقاء جدد...أحبهم و يحبونني..أهتم بهم و يهتمون بي..هذا كل ما أردته...لكنني دمرت كل شيئ...فقدت مارتن..الشخص الذي كنت السبب في معاناة صديقته..أنا من قمت بطرده من حياتي...أحسست بنفسي أسقط في دوامة من الغضب و الحزن...وضعت رأسي فوق الوسادة أتمنى أن يكون كل شيئ مجرد حلم عابر...أغلقت عيناي للحظة...ثم فتحتهما...لم يتغير شيئ...مازال الألم يمسك بقبضته على قلبي...لم و لن يتغير أي شيئ...أخذ هاتفي يرن..لم أهتم..و لكن عندما رأيت إسم هانا أخذت أجيبها..فهي من تبقى لي الحديث معها...سمعت صوتها النشط كعادته...:((مرحبا بإبن عمي العزيز)).
أجبتها:((مرحبا...كيف حالك هانا...)).
أجابت:((نعم كل شيئ جيد...ماذا حدث؟؟...صوتك ليس على مايرام؟؟..)).
قلت و أنا أحاول كبح نفسي:((مجرد مشاكل بسيطة..لا تقلقي فكل شيئ جيد...)).
أسف أنني أكذب عليك هانا..لكنها قالت:((هل الأمر متعلق بهيلين و مارتن)).
صمتت للحظة ثم أخبرتها:((نعم...لقد جاء مارتن إلى منزلي البارحة...و تحدث معي بخصوص الأمر...)).
توقفت بعدها عن الحديث...لم أستطع إتمام ماحدث..لكنها أصرت قائلاتا:((فقط قل مالديك...أنا أنصت...وسوف أساعدك)).
أجبتها و الحزن يثقل صدري:((لقد تشاجرت أنا و مارتن...قلت له أشياء لم أكن أعنيها...بعدها أخبرته أنني لم أعد أريد رؤيته...)).
صمتت بعدها غير قادر على إتمام كلامي...لتخبرني هانا بصوتها الرقيق الحنون:((سيكون كل شيئ على مايرام...فقط دعه لوحده حتى يعود إلى هيلين...بعدها تحدث معه و أخبره كم أنت أسف على مافعلت...حسنا بن)).
أحسست بالقليل من الراحة بعد سماعها...لأغير الأمر قائلا:((إذن كيف حالك أنت؟؟)).
أطلقت ضحكة مكتومة قبل أن تقول:((حسنا...لقد وجدت لنفسي موعدا جديدا...)).
أجبتها غير مصدق لما سمعت:((حقا!!!...من يكون سعيد الحظ هذا؟؟)).
أجابت:((إنك تعرفه..."سبينر" الذي يسكن بجانبنا)).
سبينر ها...قلت و أنا أحاول كبح الضحك المخزن بداخلي:((ذلك الأحمق المهووس بالفطريات...ماذا حدث حقا!!)).
قالت:((فقط أحسست بالإكتئاب و الوحدة...وكان أول شخص تسقط عيناي عليه...أيضا كما تعلم فهو ظريف بعض الشيئ)).
قلت و أنا أتذكر شكله:((نعم شعر أسود رطب...)).
أتممت بدورها:((و ذقن بارز)).
قلت و أنا أشعر بالفرح إتجاهها:((أنا مسرور حقا هانا...تستحقين الأفضل)).
قالت:((أنت أيضا بن)).
تذكرت الفتاة الجميلة عندما سمعت كلام هانا...حقا كيف هو شعور الحب؟؟...فقد فقدته منذ سنوات بعيدة.
قالت هانا:((حسنا إذن سأقطع الخط الأن فسبينر ينادي)).
قلت:((حسنا حظا موفقا)).
قالت قبل أن تغلق الخط:((شكرا لك أحبك)).
أتمنى لك كل الفرح و السرور في موعدك معه...تستحقين الأفضل هانا...أحسست بالإختناق و أنا جالس في الغرفة لوحدي...أريد إستنشاق بعض الهواء النقي...لذلك أخذت أتحرك صوب الحافة التي تطل على النهر...كان الجو رائعا اليوم...و أنا في طريقي بدأت أفكر هل هانا بخير...هل صار الموعد رفقة سبينر مثلما تريد...و أنا أفكر طوال الطريق وصلت أخيرا إلى الحافة...كان النهر يبرق من شدة أشعة الشمس المنعكسة عليه...لونه الأزرق يجعلك تسبح داخل جماله الفائق دون أن تدري بالأمر...و أنا أتغلغل داخل هذا العالم الوهمي سمعت صوت غير مألوف ينادي:((مرحبا من جديد)).
عندما أدرت وجهي كان دان من ينادي...يجلس فوق الحافة مثلما فعل المرة السابقة...أجبته مبتسما:((مرحبا...أنت هنا مجددا...)).
قال دان:((أنا من يجب عليه أن يطرح هذا السؤال...فأنا دائما ما أتي إلى هنا)).
إنه على حق...أجبته:((نعم أنت على حق...فقط أحتاج أن أصفي ذهني بعض الشيئ)).
قال:((حسنا إذن فلتجلس بجانبي)).
تقدمت نحوه لأجلس إلى جواره...قال بعدها:((كيف هو المنظر هنا...هل هو رائع؟؟؟)).
أجبته بذهول:((نعم...إنه كذلك)).
كان النهر أكثر قربا و جمالا عندما يتم النظر إليه من الجانب المعاكس لأشعة الشمس...ليقول دان:((إذن مازالت المشاكل تشغل بالك ها)).
أجبته:((نعم...لقد صارت أكثر مما أتحمل...فقط أريد التخلص من كل شيئ..)).
قال دان:((حقا...أتظن الأمر سهلا؟؟)).
أجبته:((ليس كذلك...فقط أتمنى لو لم يحصل هذا من الأساس)).
قال:((لكن التمني لن يساعد بعد الأن..)).
قلت و أنا أفكر لو لم يحدث كل هذا من البداية:((أظن أنني سأكون الأن رفقة أصدقائي نتحدث و نتبادل الضحكات...هذا أفضل من هذا الذي يمر علي الأن...فقط لم أعد أستطيع تحمل الأمر)).
قال دان بعد أن أطلق ضحكة مستهزءة:((هل تريد معرفة شيئ أكثر مما تتخيله...مشاكل لن تستطيع أن ترفع رأسك لها...)).
أجبته:((من سيخبرني...لا أعلم أحدا يمر بما أمر به الأن)).
قال:((فقط فل تعلم أن لكل شخص مشاكله...لكنني سأخبرك عن قصتي أنا...ألا تريد معرفة الدافع الذي يجعلني أتي إلى هنا كل يوم؟؟)).
أشعر بالفضول حقا...أريد معرفة الأمر...أجبته:((أريد ذلك)).
ليقول وهو يوجه نظره نحو النهر أمامه:((حسنا إذن...إنه هذا اللون الوردي في شعري...هذا الجانب التعيس فوق رأسي...عندما كنت صغيرا كنت أعيش في عائلة هادئة جدا...نعيش حياتنا مثل أي شخص أخر...أب يعمل لتستطيع عائلته العيش في أفضل الأحوال...أم حنونة تحب أبنائها و ستفعل المستحيل من أجلهم...و كانت لدي أخت صغيرة تحب أخاها الأكبر مثلما تحب أمها و أبيها...كان إسمها "مايا"...فتاة جميلة تتورد وجنتاها كلما ركضت في الحديقة...كنت أحبها كثيرا كما كانت المدللة في المنزل...تحب دمية باربي...كما أنها تعشق اللون الوردي...لهذا في يوم من الأيام طلبت مني أن أقوم بطلاء النصف الأيمن من شعري باللون الوردي بينما أطلب منها شيئا أخر لتفعله... وافقت على الأمر...طلبت منها وضع قلادة على شكل سحلية لمدة شهرين...و كان الإتفاق قائما بيننا حينها...بعد مرور شهر بدأت تتعب كثيرا... و عندما أخذنها للمستشفى...أخبرونا أنها مريضة بمرض نادر...سرطان الدم...و أن إكتشاف الأمر كان متأخرا جدا...لم يعد للدواء مفعول ليفعله...لم أصدق الأمر في البداية...هل حقا أختي الصغير ستموت؟؟؟...ستتركني وحيدا؟؟؟...كل هذه المخاوف تحققت بعد مرور شهرين على إكتشاف الأمر...كانت صعقة لن أنساها أبدا...منذ ذلك الحين لم أستطع إزالة هذا الطلاء الوردي على شعري...فقد كان الشيئ الوحيد الذي يذكرني بها...و بالوعد الذي قمت به معها...تحطم نصف من قلبي...تاركا النصف الأخر لعائلتي...لكن الأمر لم يكن سهلا عليهم أيضا...فبعد عام من وفاة أختي إنتحرت أمي...وجدوها في النهر غارقتا في ملابس نومها...ماجعل أبي يفقد أعصابه ليصير مقعدا منذ ذلك الحين...ليتحطم النصف المتبقي من قلبي...لم يعد لي شيئ للعيش من أجله...و هذه الحافة هي الشيئ الوحيد الذي يفصلني بين الحياة و الموت...فكل مرة أتي فيه إلى هنا أحاول الإختيار بينهما...لكنني لم أقرر بعد...إذن كيف ترى الأمر بالنسبة لك...)).
أحسست بثقل في صدري...حقا لا أستطيع تصديق الأمر...أجبته و الحزن قد ملأ قلبي من جديد:((أنا أسف على ماحدث لك...حقا..الأمر صعب جدا...لا أعلم فيما كنت أفكر حقا...)).
يإلهي كم هو ثقيل هذا الهم الذي يحمله مقارنة بما أمر به...قال دان:((أنت أول من أخبره بالأمر)).
أجبته:((شكرا لك إذن...)).
أتممت بعد أن مددت له يدي:((فل نصبح أصدقاء إذن...سأساعدك على المرور من هذه الأزمة لتعود إلى سابق عهدك...)).
ليقول بإبتسامة حزينة:((لا أظن ذلك...لكن شكرا لك)).
لنتصافح مكملين كلامنا حول النهر و جماله الباهر....أحسست بالراحة عندما تكلمت مع دان...فهو شاب يعاني في صمت و يحتاج لمن يساعده لتجاوز محنته...و قد جائت الفرصة لأصلح مافعلته سابقا...أخذت أعود أدراجي إلى البيت...و قصة دان مازالت تجعلني أشعر بالعجز أمامه...لو كنت مكانه هل كنت لأسقط على حافة النهر منذ زمن طويل...فقط النظر في الأمر يجعل جسدي يقشعر من الخوف...و أنا أتحرك على الرصيف إلتقيت بتوان رفقة بعض الأشخاص...أظنهم أصدقائه...عندما لاحظني نادى علي قائلا:((بن...إنتظر لحظة...)).
وقفت عندما نادى على إسمي...قال وهو يلهث من شدة الركض:((مرحبا...كيف حالك)).
أجبته:((بخير...فقط أخذت أتحرك هنا قليلا...لإستنشاق الهواء النقي...كما تعلم التعب هذه الأيام...)).
قال وهو يزيل العرق على جبينه:((نعم أنا أيضا...جئت رفقة بعض الأصدقاء القدامى لم نرى بعضنا منذ فترة طويلة)).
قلت له:((جيد...إذن سأتركك الأن)).
لم أكن في موقف يسمح لي للحديث معه...قال وهو يمسك بمعصمي:((إنتظر أرجوك...أريد سؤالك عن شيئ ما...)).
قلت:((حسنا...ماهو؟؟...)).
قال وهو يزيل خصلة من شعره فوق عينيه:((بالنسبة لهيلين...كيف حالها؟؟..فلم أعد أراها في الجوار...هل هي بخير؟؟..)).
حقا!!!...لست مستعدا للحديث عن هذا الموضوع الأن...أجبته:((لم ألتقي بها منذ ذلك اليوم....أسف)).
قال و التوتر بادي على ملامحه:((هل قالت لك شيئا عني؟؟)).
أجبته:((كما أخبرتك لم ألتقي بها...أسف حقا توان أنا في عجلة من أمري)).
قال وهو يقف أمامي فجأة:((هل حدث شيئ لها؟؟...أرجوك أخبرني...)).
لم أعد أستطيع التحمل...أجبته:((لم نعد نتحدث مع بعضنا...فقد كنت السبب في ما تعانيه الأن...لديها حبيب...ولم أفكر بعقلانية عندما فعلت ما فعلت...)).
وقف يفكر للحظة ثم قال بعدها:((لقد كذبت علي...أنت من أخبرني إسمها...لماذا لم تمنعني ذلك اليوم و تخبرني بالحقيقة؟؟)).
لا أعلم حقا ماحدث حينها...من كنت في تلك اللحظة حقا...أجبته:((لا أعرف لماذا...الأمر أنني دمرت كل شيئ)).
قال:((لقد فعلت...لكنني لن أستسلم...فما زلت أحبها)).
أجبته دون تردد:((حظا موفقا في ذلك فلم يعد الأمر يهمني حقا)).
ثم ذهبت دون سماع شيئ أخر منه...هل حقا لم أعد مهتما بالأمر؟؟...بحق الجحيم ماذا يحدث لي؟؟؟...من أنا؟؟؟....أحسست بالتعب عند دخولي إلى المنزل...وجدت أبي و أمي يشاهدان الأخبار على التلفاز...كانت أمي متوترة وهي تستمع لما يقوله المقدم...قلت لها:((ماذا هناك أمي؟؟)).
قالت بتوتر:((لقد حدث شيئ سيئ في الأنحاء هنا)).
قلت بفضول:((كيف هل قتل أحد ما؟؟..)).
ليقول أبي:((تقريبا...)).
ليتحدث المذيع قائلا:((للأسف تأكد أن الشخص قد فارق الحياة و قد وصلتنا تقارير تفيد أن الضحية شاب في العشرينات من عمره و قد أخبرنا أحد الشهود أن الضحية قد سقط من تلقاء نفسه...أي أنها عملية إنتحار من أعلى التلة المطلة على النهر و...)).
لم أسمع بقية الحديث...فقد خارت قواي و سقطت أرضا...لم أسمع ماذا تقوله أمي بالذات في هذه اللحظة...فقط لماذا؟؟؟...لقد تركته يبتسم هناك...لقد تحدث معي...أخبرني بكل شيئ؟؟؟...لماذا؟؟...بحق الجحيم لماذا فعلت هذا؟؟؟...هل قرر أخيرا...هل فقدت السبب في الحياة...والدك...من سيعتني به....ألم أستطع إحياء القليل من قلبك المحطم...هل أنا السبب في هذا...فقط...فقط...لماذا...لماذا...لماذا دان!!!...
أنت تقرأ
صداقة صدفة
Romanceالكل يريد إمتلاك ذلك الصديق الذي تجده معك متى إحتجت إليه...والكل يريد إمتلاك تلك الفتاة التي تحبك مثلما أنت ومهما كنت...الكل يريد هذه الأشياء. "عندما أكون معك...أرى نفسي شخصا أخر"