لم يتبقى سوى أسبوعان على بداية الإمتحانات النهائية،إستيقظت باكرا من أجل البدأ في التحضيرات،تناولت فطوري الذي ضم خبزا محمصا مدهونا بالزبدة مع القليل من الشاي الأخضر،لم أشاهد برنامجي المفضل اليوم،فالوقت يمر بسرعة،والنجاح و التفوق لاينتظران أبدا.
دخلت غرفتي التي صارت كلها رأسا على عقب،ملابس منتشرة في الأرض،دفاتر وكتب مصطفة الواحد فوق الأخرى كأنها كتب قديمة رثة،لذلك لم أتكبد عناء جمعها،فقط إكتفيت بوضع الكتب أرضا وبدأت مذاكرتي.
الرياضيات...الرياضيات أعدى مادة لدي،لاأحبها أبدا،فحساباتها تجعلني أشعر بالنوم،خاصتا دروس الجبر،فكل درس فيه يجعل رأسي أثقل وأثقل،خاصتا درس التكاملات،من أصعب الدروس التي علمتها على الإطلاق،لكن جزئا في داخلي ينجذب إلى هذه المادة،عندما يتعلق الأمر بالهندسة،فأنا بارع فيها جيدا،لذلك فمقدار حبي لهذه المادة،يتراوح بين %50 و %60.
مرت ساعات وساعات وأنا أنتقل بين الرياضيات والفيزياء،كما بدأ التعب يظهر علي،لكن فجأة أيقظني صوت جرس المنزل،وعندما ذهبت لفتح الباب وجدت أن القادم كانت إبنة عمي،"هانا".
هانا،إبنة عمي المقربة،فلدي العديد منهن،لكنها مختلفة عنهن بشكل كبير،فإننا كالأخوين،كلما يحس أحدنا بالملل نلتقي في منزل أحدنا ونبدأ في اللعب وإلتقاط السيلفي كالأطفال،هانا،فتاة شابة في السابعة عشر من عمرها،تدرس في المدرسة الثانوية،جميلة الملامح،وذو شعر أسود قصير،وكثيرة الضحك والمرح،كما تكون سريعة الغضب والقلق.
صعدنا إلى غرفتي،لتسقط محفظتها فوق سريري وتسقط جالستا عليه،قالت وهي تأخذ هاتفها:((لقد جئت لنراجع أنا وأنت...لم يتبقى سوى أسبوعين)).
لم يظهر عليها التوتر،بقدر ما أنا خائف ومرتبك،حتى أن وزني قد نقص،قلت مجيبا:((حسنا فل نبدأ)).
لكنها قالت:((ليس قبل أن نلتقط بعض السيلفي)).
قلت مبتسما:((لكن على هذا المعدل لن نفعل أي شيئ)).
قالت وهي تفتح صفحتها على الفايسبوك:((لاتقلق مازال الوقت بعد)).
قلت في نفسي:"هل تمزحين أنت".
قالت وهي تنظر إلى لأول مرة منذ جلوسها:((كيف الحال معك)).
أجبت:((بخير..وأنت)).
لتدخل رسالة على هاتفها،وصرخة مبتسمة ثم أجابت وهي تعض شفتيها،قلت مستغربا:((ماذا حدث؟؟)).
قالت وهي تعانق هاتفها:((إنه "سباستيان" صديقي...بل معشوقي..)).بعدها إبتسمت بخجل.
قلت:((كيف هو؟؟)).
أجابت:((طويل..جميل...شعره بني وعينيه عسليتين...ويكبرني بعام واحد..)).
قلت لها وأنا أدور بكرسي نحوها:((فل تخبريني كيف إلتقيت به...بمعنى..ماهو إحساسك حينها..)).
قالت وهي سارحة في أعماق قلبها:((لقد إلتقيت به أمام بائع حلويات منزلية،عندما رأيته أثار إهتمامي،بدأت أتبعه بعيني..لكن عندما نظر إلي،أزحتهما...وبدأت دقات قلبي في التسارع،لكن أحساسي حينها...لم يكن كأني خائفة من رؤية وحش...كان..كان إحساسا دافئا ومنعشا...))،ثم إبتسمت،وأتممت بعدها:((وكلما أكون نائمة تتشكل صورته في مخيلتي،وفي بعض الأوقات أراه في أحلامي..))،لتقترب نحوي فجأة وتشممت عنقي،وعادت إلى مكانها وأتممت:((حتى عندما أشتم رائحة تشبه خاصته أتذكره وأبدأ التفكير فيه من جديد..)).
قلت مازحا:((إنها غوتشي)).
ثم ضحكت بعدها...فهذا الإحساس الذي أخبرتني به،قد فقدته منذ خمس سنوات...هانا هي بمثابة كتاب أسراري،فدائما مانتبادل مانشعر به مع بعضنا البعض،دون الخوف من أن يخون أحدنا الأخر،قلت لها:((لقد إشتقت لهذا الإحساس...فمنذ خمس سنوات لم أعد أحس به...منذ أن أعجبت ب"ميرا" صديقتي في الإبتدائية..)).
فميرا كانت أول فتاة أعجب بها،كلما رأيتها تبتسم لي يبدأ قلبي في التسارع،قضيت معها أفضل الأوقات،لكنها رحلت مع والديها خارج البلاد ولم أرها منذ ذلك الحين.
قالت هانا مبتسمة:((نعم لقد تذكرتها..لقد كانت جميلة بحق...لكن يمكنني أن أجد لك فتاة جديدة)).
قلت مقطبا وجهي:((لا أريد...فأعلم إختياراتك..مثل صديقتك "سوزان")).
فهي كثيرة الكلام دون توقف.
بعدها أتممنا بعد الدروس السهلة،وأخذنا بعد السلفي،ثم رحلت.
وفيما يتعلق عما قلته حول الحب والوقوع في الإعجاب...فإني في حاجة لهذا الإحساس من جديد..إحساس نبضات القلب العاشقة.
أخذت أتناول وجبة خفيفة تضمنت القليل من البراوني وبعض المثلجات،بعدها ذهبت خارجا لمقابلة الأصدقاء المزيفين،وقد وجدت مايك برفقة مولين أمام مجمعه السكني،وقال فور رؤيته لي:((مرحبا بن)).
أجبت:((مرحبا)).
لكنه لم يجب،فقد أخذ يري صديقته الشقراء لمولين،ويخبره عن مدى حبه لها و أنها معجبة به إلى حد الجنون،قلت مقاطعا بهجته:((هل إقتربت أن تنهي دروسك)).
أجاب مايك:((لقد أخبرتك سابقا أني قد إنتهيت)).
قلت:((لم يتبقى سوى أسبوعين)).
أجاب دون أن ينظر إلي:((سوف تتعذب وتتعب وفي النهاية لن تنجح...)).
كيف!!!...كيف تجرأت أيها الحقير!!!...قلت مستنكرا قوله:((ماذا تقصد؟؟)).
قال:((مثلما سمعت)).
لم أستطع كبح غضبي الشديد...فقد تمنيت ضربه،لكن إكتفيت فقط بالقول:((تبا لك)).ثم ذهبت حتى أن وصلت نصف الطريق وقلت له بصوت مرتفع:((فل تخبر صديقتك أن تقبل صديقها الأشقر نيابة عنك)).
ثم رحلت دون أن أرى إنطباعه،فأتمنى من كل قلبي أن يغضب ويغضب حتى يفقد عقله...
عدت بعدها إلى المنزل وشاهدت إعادة برنامجي،الذي تناول مملكة الذئاب ضد مملكة الثعالب،بعدها أخذت هاتفي وأتصفح تويتر وفايسبوك،حيث رأيت علامة ترك ترحيب في قناة الدردشة لتوان...لم أفكر أو أتردد حتى...فقد أرسلتها مباشرتا...
أنت تقرأ
صداقة صدفة
Romanceالكل يريد إمتلاك ذلك الصديق الذي تجده معك متى إحتجت إليه...والكل يريد إمتلاك تلك الفتاة التي تحبك مثلما أنت ومهما كنت...الكل يريد هذه الأشياء. "عندما أكون معك...أرى نفسي شخصا أخر"