الفصل 13

2.7K 49 1
                                    


فى الحى القديم

لاح ظله من بين الضباب الكثيف المحيط بها ،وشرعت ملامحه تتضح رويدا رويدا ،حتى بدا تماما كما تعرفه أنيقا ،قويا ،كاد قلبها أن يقفز من بين ضلوعها لشدة فرحها لرؤيته ، لكن هل سيبادلها لهفتها وشوقها إليه..؟،أتجهت صوبهم وطارق تكاد نظراته أن تلتهمها لتتبعها له لكن لا بأس فلهم بيتا سيجمعهم عاجلا وليس أجل ،وسينصب لها محكمة عسكرية أما الأن فيستعامل معها كفلته المدللة الصغيرة ليثير غيرة أخيه وحقده :_:_
_ ياسمينتى ..!،أيه ال جابك ...؟

وقفت لتلقط أنفاسها لثوان وقد أتسع ثغرها معلنا عن إبتسامة مشرقة وهى تحدق بغير تصديق فى خطيبها السابق وابن عمها تفرك عينيها بذهول وفرح:_
_ قلبى خوفت عليك أوى الحمدلله أنك لسه عايش

طالعها بنظرات إشمئزاز وهو يصارع مشاعره الداخلية ما بين كره وحنين ،وشوق وجفاء،ليسحب هايدى من يديها موليهم ظهره ،ليوقفه أخيه وهو يحكم قبضته على كفيها بحنان زائف :_
_ ربنا ما يحرمنى منك ولا من حنانك يا أجمل ياسمينة وزهرة منورة حياتى

حاولت أن تفلت يديها عبثا لكن لم تنجح ،فأردفت بصوت هادىء لتوقفه:_
_ أزيك يا هايدى ..؟، عاملة أيه ..؟

أستدارت لها وهى تعانقها متبادلتين التحية والسلام ،بينما أمجد يقبض كفه ويبسطه ويزفر بحنق :_
_ وأنت يا أمجد تمام..؟

توقعت أن يخبرها عن أرقه الدائم منذ رحيلهم ،عن لياليه الموحشة،عن الدقائق الكئيبة ،عن الأعوام المحبطة وإنتكاسات روحه عقب خروجها من حياته ،لكنه رسم إبتسامة زائفة قبل أن يستدير ببرود :_
_ الحمد لله

أتجه زوجها عقب مجىء هاتف مفاجىء له إلى مكان بعيد عنهما ، لتنظر إليه بعينين تشقهما الدموع الساخنة ،وبقلب يصارع الزمن ،لسان متلعثم فقد أبجديته ،تعتصر شفتيها الزرقاوتين الكلمات عصرا لتقول ببطء:_
_ وحياتك عاملة أيه..؟

بادلها نفس النظرات المشحونة بالشجن والوجوم يخطها الحنين لكن لا لن يضعف أمامها فأردف بجمود:_
_ متقلقيش أحسن من الأول

تنحنت هايدى وهى تعلن إنسحابها لتترك المجال للعشاق لكنه أوقفها بضغطة يده:_
_ مفيش أسرار عشان تمشى ،ياسمين بنت عمى وبس

همست بوجوم وهى تحاول فتح حديث بينهم :_
_ أمجد أنا أس....

ألتفت إليها لتذوب عينيه البندقتين بداخل عينيها العسلية المتشحة بالضباب ،وأختنق الكلام بصدره ثم حرك سبابته بتجاه أنفه هامسا بهدوء:_
_ هوووووش ،ملوش لزوم أنتى فى عصمة أخويا حتى لو ما بينا خلافات مسمحش أنى أنتهك عرضه ولو بكلمة


أغمضت جفنيها بشدة لترخيهما بعد لحظات مرت فيه ذكرياتهما من أمام مقلتيها :_
_ والماضى وأسماء ولادنا ،والشوراع ،والنيل، مش انا فراشتك الملونة المبهجة

حبيبتى المشاكسة بقلم أميرة السمدونىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن