الفصل 19

2.7K 46 1
                                    


الفصل 19


أسند مراد ظهره إلى المقعد بإرتجافة وشرود ،تشاركه زوجته القلق على والدتها ، لا تدرى أى ذنب أقترفته لتعانى مرارة الفقد ،هندام الصغيرة منظم وأنيق لا يدعو للريبة عدا خصلات شعرها الكستنائية المتناثرة على جبينها ،جمعتها كذيل الحصان وهى تنزوى بركن خاص فى غرفتها بوجوم وإضطراب نفسى ،لم يلتفت له أحد الجميع منشغلين بالجدة . لا وقت للإهتمام بابنائهم كما أن جملة شجن " متبعتوش بنتكم تانى عندنا أحنا مش ناقصين قرف" تريح والديها قليلا ، فقد أعتادوا على رؤية جارتهم فى الأشهر الماضية تغضب وتثور فتهدأ لتعود ،لا بأس ربما أختلقت ابنتهم شجارا مع باسل ،تغلغل الألم بداخلها ،مكورة على نفسها وهى تبكى بإنهيار هامسة :_
_ أمح ضرب أسيل ..أأمح ..أأمح

تلامس بكفيها الرقيقين العلامات الحمراء أسفل الثوب مطبوعة على ركبتيها ، وهى تنتفض بجسد إرتفعت حرارته معلنا إدانته لهتك الطفولة والإنسانية تحت مسمى " البنات ال لبسهم ضيق " فعن أى ملابس نتحدث وتلك الكارثة تتجدد مرات ومرات فى بيت الجارة والخالة والعمة حتى الشوارع العامة لم تسلم من بذاءات لفظية أو جسدية فى صمت مهيب تقشعر له الأبدان وكأن الشهامة قد أغتيلت .

يستفيق مراد من جذعه على صوت طرقات أبيه على الباب الخارجى مرحبا به ببهوت ،بعد أن علم أخر التطورات وهو يربت على ركبتيه بمواساة ،يقطعها نحيب ليلى المرتعشة :_
_ أذت مين عشان يحصلها كده ..؟ طول عمرنا فى حالنا وبنقول يا حيطة درينا ليه يارب كده لييييييه

انتابه الإحساس وكأنه تمثال من الشمع ،متجمد ،بعيون سارحة فى الفضاء تذكر زوجته المفقودة للأبد ،منذ عشرة أعوام لم يسمع من كروانه المحبب اسمه وكأنه نوتة موسيقية ، كانت صبورة ومكافحة لأبعد مدى ،تقتطع من ضروريتها لتعليه وإن لم يصل لمستوى معيشي أفضل إلا أنه راض تمام الرضى عن عدم قبوله الحرام والرشاوى تحت مسمى"القهوة والشاى" ، تنهد بعمق وهو يرخى عينيه :_
_ المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين يا بنتى وأنتى ست مؤمنة خليكى مأمنة بالله وحاطة الامل مبيخذلش عباده .

ردت بلطمة على صدرها وهى تغرس أناملها على وجهها تريد أن تمزقه :_
_ سبتينى لمين يا أماااااااااااااااااااااااا ،سبتينى لمين ،مشيتى ليه مين ال زعلك

أضاف زوجها وهو يحاصر كفيها بحنان وإحتواء ليجتذبها من هواجسها ،يضمها إلى أحضانه الدافئة:_
_ هوووووش ،بلاش الندب حرام يا ليلى ،محصلهاش حاجة تفائلى دلوقتى شادى يكلمنا يقولنا أنه لقاها

دفعته عنها بعيون كالنيران وهى تصيح بغل مسترجعة مواقفه السيئة معها ،هاتفة بغضب:_
_ تفائلى ،أه وأنت يهمك أيه تموت ولا تغور فى داهية فرصة هايلة عشان تخلص منها ومن زنها وقرفها ،حتى مكلفتش نفسك تشوف الكاميرات فى المول وتعرف هوية القاتل و...........

حبيبتى المشاكسة بقلم أميرة السمدونىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن