الفصل 12

3.1K 49 0
                                    


الفصل 12


فى فيلا طارق ريمون

يخرج لعمله كل صباح فى نشاط مع أبيه ليتركها وسط أكوام من الكتب القديمة تتطالعهم فى أوقات فراغها فيومها ما بين البيت وما بين المشفيات ومعامل التحاليل ،الوحدة رفيقة دربها الوفية ،فأبيها وأمها غادرا البلاد منذ عدة أعوام ،لتبقى هى بين أطلال الشوك ،يجرحها زوجها من حين إلى أخر يبث شكواه بمرضها،تبكى لقلة حيلتها وضعفها ،تكاد الهواجس واللإاكر المتراكمة الخبيثة أن تفتك بها، فهنا لا جيران بتلك الفيلا المقيتة ولا حتى خدم بل جواسيس ينقلون الحرف بل وربما النفس إليه ،لم يحبها طارق منذ لحظة زواجهما الاولى حاول مرات عديدة أن يلمسها لكن ذعرها وإرتعاشة جسدها وإطلالة أمجد من عينيها البندقتين كنا دافعا قويا لنفوره منها ،زفرت بعمق والملل يتشرب إليها عقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل وزوجها لم يعد حتى الأن ،كما أن حماها جاء منذ سويعات حابسا نفسه فى مكتبه بين أوراقه وملفاته وصفقاته وفنجاين القهوة الفارغة ،ستفتح معه طلبها الليلة ولن تخشاه فهى لم تعد تحتمل أكثر من ذلك ،لعل الإجتماعيات تخفف قليلا من مداهمة الموت لها وتفكيرها الدائم به ،وبكائها بحرقة فلن تنجب ليفتقدها طفل ووالديها سيدفنونها وينسون أمرها تماما كما فعلا فى حياتها ،دلف بجسده الطويل فى حالة من السكر وهو يتمايل بعدم إتزان لتقول بإستهجان وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها:_
_ما لسه بدرى..؟

اجاب وهو يقبل عنق زجاجة الخمر بنهم :_
_كنت فى الشغل وراجع تعبان مش شايف سكتى

أعترضت طريقه وهى ترفع حاجبيها بجرأة تحسد عليها لكنه الكبت ..!!:_
_ شغل ولا الهلس ال فاتحه تعاكس فى ال رايح وال جاى

أردف بضجر وهو يحاول أن يعتدل فى وقفته بجدية :_
_ أأأأأأأه يبقى رنا حكت لك ،وبعدين أنا حر أعمل ال أنا عاوزه

ردت عليه بحزم وكأنها تخبره بقرار وليس أمر لللإستشارة :_
_ وأنا كمان حرة ومن حقى أخرج من الحبسة دى فى أى شغلانة

عقب بتهكم ليمزق معنوياتها ويحطم أسوراها المنيعة المتعالية وكأنه يذكرها بنقطة ضعفها:_
_ وحتشتغلى أيه بقى ممرضة فى مستشفى 57 ولا كناسة وأهو بالمرة تبقى جنب دكاترة عشان لو تعبتى ولا غورتى فى داهية..!

إزدادت دهشة وحيرة كذلك ألما عقب كلماته تلك فأحيانا ما يكون قمة فى الإنسانية وأحيانا أخرى ذئب يسعى لنهش بقايها ،صمتت للحظات قبل أن تضيف بوهن وهى تغمض عينيها لتفتحهما ببطء:_
_ حرجع للتدريس وسط طلابى وزمايلى لحياتى الطبيعية يا طارق أنا اتخنقت من الأربع جدران ومن السرطان ال بينهش فى لحمى ،كل يوم بتمنى يكون أخر يوم عشان أخلص من الوجع

بدأ ينتبه لحديثها وعينيه الزائغتين تطالعان فستانها القطنى ذو الأكمام الطويلة :_
_ أه مع أمجد ..!،ويتصل بيكى وتخرجوا سوى وترجع المياه لمجاريها،ثم ركل الزجاجة فى أقرب حائط لتتناثر أشلاها على الأرض محدثة فى يديه جرحا عميقا وهو يتذكر ما حدث فى صغره :_

حبيبتى المشاكسة بقلم أميرة السمدونىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن