الجزء السادس عشر

898 105 10
                                    

#هيلانةدجلةوالفرات16هاويةذهبت اليوم الى سوق الخضار احضرت كل امواد اللازمة التي احتاجها لعمل اشهر الاطباق العراقيةيبدو ان خطيبة اخي بسام ليست عراقية اذ انه اراد مني تعريفها باطباقنا الشهيةلذلك احسب انها اما مغربية او مكسيكية كسابقاتهابدات بالاعداد لاول طبقالدولمة العراقيةانتابي حنين شديد عندما هبت نسمه هواء منعشة من شباك المطبخ امتزجت برائحة الطعاملا اعرف لم تذكرتني طفلة اخرج راسي بكل قوة من نافذة سيارة جدي لتتلاطمني نسمات الهواء اللطيفة ونحن نمر من على دجلةرائحة الطعام اللذيذة التي لم تبارح بيت جدي طوال طفولتينعم لقد ادركت الان اني كنت اعيش طفلة سعيدة وهادئة للغاية لم تشبها او تتخللها كوارث ولا صدمات عاطفيةلقد اعتدت منذ الصغر على كوني يتيمة الابوينوفاة والدتي وغياب ابيحيث عشت طويلا دون ان يكون له وجود يذكر بارادته هوعلاقتنا سيئة للغاية منذ البداية اذكرا نه جاء الى عزاء عبيدةنعم لقد حضر وضمني اليه وقبلنيتمنيت لو انه كان كبقية الاباء قريبا من ابنتهكنت اريد ضمه و الشكوى اليهان اصرخه باني ياابيوحيدةلكني هربت منهربما كان الاولى بي ان لا افعل ذلك امام الاخرينان اعظم من شانه امام اهل زوجيلكني لم اجد التصرفوجوده حولي كان يضايقنيكما ان لشعوري بالذنب جعلني اشعر بالاختناقشعرت و كان لي يدا بما حصل للعروسينصرت اخجل حتى من الله ان ادعوهوكاني عارية يعرف الجميع اني حسدتهم !!واكل الحزن قلبي عندما جاءت هديل الى مجلس العزاءوقد حفرت الاخاديد الدمويه على خديهاهربت منها الى غرفتيوصرت الطم راسيكيف لي ان افعل ذلك!!نعم شعرت حينها اني انا من كان السبب بالوفاةاني انا بنظرتي الحاسدة من اشعل النيران في السيارةبقيت اتوسل الى الله ان يغفر لي هذا الذنبان يعفوا عنيان يجعلني انسى او لا ااعرف اي شي كان يزيح كاهل هذا الالم من على اكتافيصوت صراخها كان يمزقني انا!!اما زوجي فقد بارحته الحياة منذ ذلك اليومولم يعد هو نفسهفور انتهاء مجلس العزاءاخذ والدته وشقيقه طارق الى راوة عند خالتهوابقاني في منزل جدتيكلنا صرنا نعلم انه هو من كان مستهدفا وانه من ارادوه قتيلاوبالتاكيد لن يتركوه هكذا اغلقت الدائرة عليهقام بكل اتصالتهوقمت انا بالاتصال بعمو صباح توسلنا بالجميع ليستحصل على فيزا الى عمانلم يكن سهلا الحصول على فيزا والسفر الى الاردن بسهولة ابدااذكر اني كنت انام النهار كي ابقى مستيقظة مع قتيبة طوال الليل وهو يان ويبكي فقدانه شقيقه اذ حسبه ضحيته وقربانه!!مضى اسبوعان كان قتيبة ياتي متخفيا ويذهب كثيرا الى راوة اذ ساءت حالة والدته كثيراعشت متخبطة لا ااعرف كيف كان يمضي الوقتكاني اعيش عالما غير ذاك العالمعادت نفس تلك الدائرة تحيط بي عند وفاة جدتيكاني اخرج من كوكب الارض لاعيش في كوكب اخر حيث لاانا انا ولاجاذبية للارض تثقلني ولاحتى لي وزن وكتلهاخرج خلسة لاحضر الطعام من اي مطعموعندما يغيب عني اياما ياتي ابراهيم ليبات عنديوهكذا الى ان استحصلنا الفيزاستقبلتنا خالتيكان شكلها قد تغير كثيراجف لحمها وبرزت عظام وجههااصبحت كشبحا يسير بقطع الملابسشعرت بحزن عميق نحوهاكنت اتمنى لو انها كانت قريبة مني كي اخبرها كل شيكي ازيح هذا الهم الثقيل من على قلبيالشعور بالذنب اشد الما من الذنب نفسهلاااعرف حقا كيف يعيش هولاء المجرمونكيف !بقينا هناك بفترة ليست قليلةكان الخريف على ابوابهوالجو جميل يبعث على الحزناخبرواقتيبة ان لايبقى في العراقوكان عليه ان يخرج اما تركيا او عمانكنا قد حزمنا امورنا للسفر الى تركيا لولا ان صديقا له في عمان اخبره ان قضيته لدى الامم المتحدة ستكون اسرع من هناكووعده خيراوبالفعل قضى قتيبة معظم وقته مع صديقين له هناكلم اره الا قليلاوقدمنت قضيتينا وبدانا الاجراءت والكل يبشرنا خيرااذ اراد قتيبة ان الحق ببسام اخي او مصطفى ابن خالتيالاخير كان على اتصال مستمر بزوجيلقنه كل الخطوات المطلوبه كي تكون له قضيه مضمونة القبولوبدا يعلمه كيف يروي قضيته وكيف يسير كل ما حصل الى جانبهاذ علم انه عودته تعني موتا اكيداومع ذلك وفي نهاية السنة بشهرها الاخيرجائني قتيبة واخبرني اننا سنعود لبغداد لاسبوعين ثم نرجعتفاجائتلم يخبرني عن السبب المباشرلكنه اخبرني انه شي مهموان قائده يطلب عودته فوراسالته ان كان قد تورط بشي مافلم يجبولم اكن اعرف والى الان اي شي عما حدث وجعله يقرر العودةوقفت خالتي مذعورة ونحن نرتب حقائبنااخبرني اننا سناخذ القليل اذ اننا ولابد سنعودفسالته خالتي وهي تمسك مسبحتها التي لازمت اناملها طوال اليوم لا ارتاح لذهابكمفنظرت اليها شزراكنت اكره ماكانت تشعر عنه قد يحدثلانه لابد ان يكون سوءا ويحدث ايضافانسحبت قليلا خوفا من ان اوجه لها كلاما جارحا كما اعتادت منيرفعت شعرها الاسود الطويل وكورتهثم اقتربت قليلا من قتيبة وهمست له ان كان سفركم لمدة قصيرة ولحالة مستعجلة لم تصحب معك نبيلة!قال بصورة مقتضبة انها ورقة امان!!لم يفهم كلانا ماهي هذه الجملةكنت قبلها بيومين فقط ذهبت لاحدى المستشفيات وقمت ببعض التحاليل اذ لم اكن اشعر بخيرفقالت له خالتيلم لاتنتظر خروج النتائج ثم تذهبوالكن قتيبة لم يعرها اي اهتمامبل انهى من توضيب كل شيووقف مستعدا ونظر الي وربت على كتفي ثم استدار نحو خالتي التي بدات توصيه ان يجمع لها بعض الايجارات المتاخرةوان يقوم ببيع عقار ما اتفقا هم عليه لتشتري شقة في عمان بمكان ليس بمرتفع الثمن خيرا لها من دفع الايجارات الباهضةلم تكن بعد كل هذه المدة قد تحركت قضيتها بشي جديدعدنا الى بغداد ونزلنا في بيت شقيقته الصغيرة بقينا يومين لم ار فيها قتيبة الا بعد منتصف الليل لم يكن ينبس ببنت شفةكان ساهما زائغ البصروكأن كان يعلم شيئا ولايستطيع اخباريفي يومنا الثالث اخبرني مبكرا ان اعد نفسي للذهاب الى راوه الى امه حيث يريد رؤيتها سالته عن موعد عودتنا الى عمان فاخبرني قريبا ربما الاسبوع القادمفي صباح اليوم التالي ركبنا سيارة زوج شقيقته وانطلقنا نحن الاثنين الى راوهكان يوم الخميسالساعة الحادية عشر كنا في الطريق بين بغداد وبين المدينةحيث لاحقتنا سيارتين لااذكر الكثير من تفاصيلهالكن احداها التي اقتربت منا كانت بيكب حمل بيضاء الجو شديد البرودة للغاية وكان احدهم قد جلس في الخلف وفتح نافذته بسرعة ما ان اقتربت منا السيارة حمل رشاشته وبدا يطلق عليناصرخت فزعةفلطمني قتيبة على راسي واسقطني الى الاسفل حتى اتحاشى الضرباتلكنه اصييب اذا سمعت صراخه وغضبهانطلق باقصى سرعته فجاءت الثانية لتزاحمه من جهة الطريق الترابي لم اشعر الا والسيارة تنقلب في الهواءكان الامر كله ثانيتين فقطانقلبنا عدة قلباتلم يسبق لي ان شعرت بمثل ذلك الشعور المخيفكل حواسي كانت متفاجئة لااعرف الى الان مالذي حدثلكني تلاطمت بين اركان السيارة قفز علي قتيبة وضمني اليهتكور فوقني واستلم جسده كل الطلقات النارية التي اتت من بعيدفاصابني منها اثنين دخلت جسده وخرجت لتستقر قرب رئتي!!

هيلانة دجلة والفرات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن