الجزء السادس والعشرون

1.1K 115 14
                                    


#هيلانةدجلةوالفرات
26
كانت ليلة رائعة
نسيت بها نفسي
نسيت كل الالام وكل ما مربي
كأن الدنيا قالت ها...ياهيلانة
لاباس عليك
ستحصلين على مافقدته
ظننت ذلك حتى اكتشفت اني انا من تخلى عن مااعطتني ...
واني اخترت حياتي بنفسي
وها انا ادخل في دنيا جديدة
دنيا كان علي ان اشكرها لما وهبتني
لكن
اليس ذلك صعبا لمن اعتاد على الخسارة
لمن اعتاد على القرارات الخطا!!
لا اعرف
وكنت اتمنى لو اني اعرف
كم تمنيت وكم اردت حينها
احدا الى جاانبي
لا ااعرف لم كنت اشعر باني شخص ناقص... لوحدي
واني هناك اخر فقد بجانبي
اعتدت على وجود ه
جدتي!!
كنت استند عليها ...
وكنت اتكا عليها... هي من ربتني
ورفعتني ومشيت خطواتي الاولى بين يديها
هي من ادخلتني المدرسة
وهي من كانت تحملني لفراشي
نعم كنت اشعر اني مختلفة
ان وفاة والدتي جعلتني شخصا مختلفا
شخصا يبحث عن ذلك المفقود في داخله
عن ذلك الذي يفرقني عن غيري
وكانت هي موجودة تحاول بكل مااوتيت من قوة ان تسد
تلك الهوة
ان تنسيني المفقود الضائع.. لمنها رحلت

بعد وفاتها
جدتي العزيزة شعرت مرة اخرى بنفس الشعور
حين علمت بان امي لن تعود من الجنة
وانها تراقبني من السماء وسوف تاتي وكل تلك الحكايات
انما اكذوبة
عاودني نفس الشعور بالضياع
تلك العصا قد اختفت لذلك ماعدت اجيد الاتكاء فسقطت سريعا على وجهي
وكلما مر بي موقف
اردتها بقربي مرة اخرى
احيانا كنت افكر
هل انا اريدها هي بالذات
او ربما اي شخص اخر يمكن ان يحل محلها!!
نعم لقد كانت هنالك لحظات تمر علي اهتز بها كسعف النخيل

كنت اريد بها ان يمسكني احدهم من السقوط
ان ازيح همومي من قلبي المثقل الى قلب اخر
كي اخف
واكون قادرة على الوقوف مرة اخرى
على ان اسير الى الامام
نعم كم كنت اريد شخصا احكي له
اعترف له بكل هواجسي
لكني لم اجد سوى ظلي
ظلي البائس
الذي ظل يلاحقني دون ان يغير مسارة او اكون قادرة على ان ابدله بخير منه
بقيت في ليلتها اتطلع الى الوجوه
مبتسمة
بالكاد ارسم الابتسامة التي كانت تظهر حقيقية عندما تلتقي عيني بعين مصطفى
كان هو الاخر يشعر بشي من الحزن
في ليلتها ايضا لحقت بنا سرى متاخرة بعض الشي
لكني سعدت بوجودها
حين كانت هي غائبة البال والخاطر لسبب لم اعرفه ولم تفصح عنه
كنت ارى الابتسامة على وجوه الغرباء حين تلتقي اعيننا
انهم يفرحون لفرحك
ويحزنون لحزنك
حتى لو ظاهريا
فبعضهم كان يلقي التحية والاخر كان يقوم بحركات راقصة قصيرة المدة حين يمر بنا ونحن نطرب على اغانينا العراقية
بعضها كان جديدا لم اسمع به من قبل
وعندما انتهينا من الحفل مضوا هم الى الفندق حيث يقضون ليلتين هناك
ورجعنا انا وصفاء الى منزلي
كنت اتوقع انه سيرحل كما يفعل كل مرة و يودعني عند الباب
لكنه تابط ذراعي وصعدنا نحو الاعلى وانا اشعر باثارة مخجلة
نظرت اليه باستغراب
فقال لي بابتسامة عريضة
---ماذا
ماذا بك
هل لديك اعتراض!!
----ههههه لا لا هههههه
--لا تقلقلي اريد فقط ان نتصل بعائلتي
فرغبتهم ملحة بالتعرف اليك والتحدث اليك
وبالفعل اتصل بهم
كانت اخواته تنتظرن هذا الهاتف
حيث الصباح المبكر كان التوقيت عندهم
اشار لي انه لم يخبرهم عني شي
ثم ضمني اليه بحركة لطيفة...اقشعر لها جسدي
شعرت بدفئه لاول مرة مرة
ونتطلعت اليه ووقعت نظراته في قلبي وهو يبتسم
صرت اسمع طنينا شديدا في اذني افقدني التركيز بضع ثواني
كن الفتيات الاخوات يتلاقفن الهاتف حتى يتطلعن الي
بينما كان هو يقهقه في فرح شديدالى ان صرخ عليهن ان يسمحن لوالدته بالحديث
فجاءت على مهل وهي تمسح عينيها من الفرح اذ اخيرا اطمانت الى ان ابنها سينجو كما قالت من العودة الى العراق
وما ان سمعت صوتها حتى اغرورقت عيني انا الاخرى
كان لها صوتا رخيما ناعما
بلهجة بغدادية انثوية نادرة
كم اصبحنا نفتقد للذلك
كم فقدنا من انوثتنا تحت ضغوطات العصر الحديث!
اصبح صوتنا عال
واسلوبنا ناشف غير رقيق
متصاعد وعنيف
سواء من جنس بلدي او جنس النساء هنا
حتى الامريكيات
اما تجدها بيضاء متكبرة تتكلم من ورا ء انفها
او من اصل افريقي ترد بصوت عال وبحركات يدها التي تكاد تصل الى انفي
او من اسيوي غريب
فهم يتجنبون الحديث اليك مباشرة لانهم غالبا ما لايلفظون معظم الاحرف او يلفظونها بطريقة خاطئة اذ ان الونه هي الطابع الصوتي للغتهم
تحدثت هي باسلوب امومي حنين فصارت تطلب من صفاء الاعتناء بي
ورات باني فتاة رقيقة ناعمة لاتستحق الا العناية المفرطة
ثم علقت شقيقته اني نحيفة بحاجة الى بعض الكيلوات الاضافية
وبعدها سالتني الام بصوت خجول ان كنت حقا عراقية
فاجابتها اختها تضحك وقالت لها الاترين انها تتحدث لهجتنا
لينتقل الحوار منا الى ما
بينهما
حيث اوجزت الام ان الكثير من الاجنبيات والعربيات صرن يتقن اللهجة العراقية
وصرنا انا وصفاء نستمع اليهم وهم يتجادلون ويضربون الامثال عن هذه وتلك
ونحن نضحك
فكانت والدته الطيبة اشارت ان لي ملامح ناعمة اوربية !!
جميلة جداا
نعم انها جميلة ولكنها نحيفة
هكذا ختمن اللقاء
وجعلنني اشعر بشي من الثقة بنفسي
دمعت عيناه وهو يطلب منها الدعاء
بينمها انهمرت عيوني بالدموع
شربنا الشاي الحار بعدها مع وجبة عشاء دسمة تركتها لنا سرى على المنضدة
اثنى عليها صفاء كثيرا
واخبرني ان علينا ان ننتقل الى الشقة الجديدة
باقرب وقت حتى نستطيع تقديم قضيتنا بسرعة
لكن علينا ان نخرج لتجهيزها خلال هذا الاسبوع
وصار يتحدث عن الترتيبات
وقاطع حديثنا
الاتصالات التي انهالت عليه من اشقائه واصدقائه هنا في امريكا وفي العراق

هيلانة دجلة والفرات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن