الجزء الخامس

1.3K 118 9
                                    



5
جزيرة سانت هيلانة

تسمية غريبة ان تناديني امي هيله او هيلانة اليس كذلك
لكن بالتاكيد لم يات الاسم تيمنا بجزيرة سانت هيلانة الواقعة جنوب المحيط الاطلسي
لكن للامر حادثة طريفة وكما روتها لي جدتي
كنت اسير خطواتي الاولى في عامي الاول
اتشبث باطراف الارائك حولهم وهم يتوسطون الصالة وفرشوا الارض بصواني الكعك
الكليجة حيث كان يوم عرفات
عرفات اليوم الذي يسبق العيد الكبيرعيد الحجاج ويصومه البعض منهم
بينما الجميع قد ارتدى الاثواب الخاصة بهذا اليوم الجميل
كان الاطفال قد ملاوا الاجواء بالصخب
وظهرت دلة القهوة وهي تداعب المبخرة في التلفزيون على انغام ام كلثوم الليلة عيد

تقول جدتي اني اسرعت نحوها مرة حبوا ومرة اخرى بخطوات مترنحة
بينما كانت تطحن حبات الهيل الخضراء لتضيفها لعجين الكليجة
وقمت بالتقاط احداها من الارض واسرعت بوضعها فيفمي
والكل يراقب تلك الخطوة الغير مسبوقة وبدات بمغضها دون ان ابتلعها
فضج الجميع بالضحك والاستعجاب اني لم الفظها
ولم ابلعها ايضا بل استسغت طعمها
ومنذ ذلك اليوم كانت حبة الهيل هي خدعتهم لاسكاتي حين املى الدنيا صراخا بسبب او دونه
كانت امي بدات تناديني هيلايتي وهيلانة
وهكذا اقتصر ةالاسم على العائلة الصغيرة
لكن بقي اسم نبيلة هو من ينادينيه بيه الجميع
في الشارع والمدرسة
المدرسة!

لم اكن طالبة متفوقة جدا في الدراسة بل كل همي كان التلفاز
كنت اعشقه بجنون وادركت ذلك مذ ان كان عمري 8 سنوات كان ذلك عام 97
كنت اعود مسرعة الى البيت كي اجلس واشاهد ماكان يعرض لايهم ماكان المحتوى
المهم اني اتسمر كالصنم امامه اي شي مسلسل فيلم وحتى الاخبار والتقارير السياسية
كنت انصت جيدا الى مايعلق به جدي عن الاخبار وانهال عليه بسيل من الاسئلة عن
وهو لم يكن يمل او يكل
وقد غذاني التلفاز بالكثير من الاشياء
وصقل شخصيتي واعاطاها الطابع التصويري
في تلك الايام كانت هناك شاشة تعرض اسمها تلفزيون الشباب ولها عدة قنوات اخرى كنت اتابعها مع جدي فكان يفضل القنوات التاريخية او الثقافية منها
وطبعا لم امانع
وجدتي ايضا تركتني على هواي
لم تكن تصر ابدا على الدراسة
كانت تقول مالذي حصلن بناتي من الدراسة حين كنت اصر على ان يكن من المتفوقات
هاهن قد رحلن بعمر الزهور
بل كانت خالتي نورا احيانا هي من يفعل ذلك

لكني مع ذلك كنت طفلة ممتلئة بالفضول
ممتلئة بالاحلام
كلما كنت اكبر كنت امتلء اكثر
واحلامي تتسع وتكبر
اين ياترى ضاعت تلك الاحلام مني
اين دفنت في اي مقبرة ياترى!!
اين نحن من هذا الضياع!
اغمضت عيني كي اعود بنفسي الى تلك الايام
اغمضتها بشدة وكنت اتمنى ان مااعيشه الان هو كابوس
واني لازلت تلك الطفلة الحالمة الراقصة
تلك التي لايسع الكون بمداه ان يضم نورها المنبثق من عتمة اليتم
كنت احيانا كثيرة عند انقطاع التيار الكهربائي
حيث لم اشهد يوما في وطني الحبيب يوما لم تنقطع فيه الكهرباء
منذ وعيت على هذا العالم والى اليوم الذي غادرت فيها بلدي
كنا نعاني من الكهرباء
صيفا وشتاء
كنت اضيع بلا تلفاز
ولما كان الليل كنت ادس انفي في مكتبة جدي الكبيرة
واذكر جيدا اول كتاب وقعت عيني عليه كان لانيس منصور
الذين هبطوا من السماء
لا اعرف لم خيل لي حينها انه يتطرق الى خالتي نورا
فانها من الاشخاص الذن كنت اظنهم هبطوا من السماء
كانت فتاة تختلف كثيرا عن شقيقاتها
تختلف بكل شي
طويلة ونحييفه
ولها شعر غزير وطويل
وانامل تشبه انامل الشخصيات الكارتونية تبدوا انها بدون مفاصل
تسير في الهواء
صامتة معظم الوقت
تعيش في عالمها الخاص
نادرا ماكانت تناقش احد ما
او تخوض في حديث مع غريب
تقضي معظم وقتها في غرفتها وهو مرسمها في نفس الوقت
الغرفة مليئة باللوحات الغريبة
معظمها شاحبة كانها انتزعت من المقابر
مليئة بالكابة
وان رسمت بعض الزهور فانها لاتكملها
كنت لااحب الدخول الى هناك فرائحة الاصباغ تخنقني
تركوها على سجيتها فهي من بقيت لهم من اولادهم
كنت اعلم من حديث الذين من حولي همسا
انها كانت تحب احدهم
كان معها في نفس الكلية
الفنون الجميلة في بغداد
وكانت لهما قصة حب جياشة
وقد اتفقا على كل شي بعد ان قامت بتجهيز نفسها ذهب هو ليلحق الحرب ولم يعد
كالعديد من الشبان مثله
تحطم قلبها وتقوقعت على نفسها
كنت اسمع هذه القصة بعد كل خاطب ياتي يدق الباب وسرعان مايختفي
لا اعرف ما السبب
مع انها لم تكن ترفض
بل كانت ترحب بفكرة اصرار جدتي على تزويجها
ومع ذلك لا اعرف حقا ماكان يمنع الخاطبين من العودة
ذلك اصاب جدتي بحزن شديد
كانت قلقة جدا عليها وتحاول ان تخفي ذلك
خالتي نورا كانت بالفعل فتاة جميلة للغاية بعينيها السودوان الكبيران وبذقنها المدبب
و لها بشرة شفافة يستطيع من يراها ان يميز تلك الاوردة والشرايين الزرقاء
هي من ربتني اني وبسام
وهي من كانت تقوم بتدريسي
لكني لا اذكر يوما انها وبختني لعلاناتي الضعيفة
او حتى طلبت مني شيئا
اذكر حركتها المعروفة انها كانت تلف نفسها دائما بشيئ ما
اي شي وتلفه بقوة عندما تتوتر
وشاح
او رداء صيفي او حتى مازر المطبخ
وتسدل شعرها للوراء....

اتصلت هي بي بالامس تطمان علي
عادت الى العراق بعد ان غادرته لثلاثة اعوام
وهي من تسكن بيت جدي الان
دق الباب ودخلت سرى وهي تكتم في داخلها ضحكة خبيثة
فابتسمت لها بدوري متئسائلة عن ذلك السبب في سعادتها فعلمت انها حاولت تهريب بعض القهوة لي لكنهم كشفوها
انغمست انا وسرى بتلك الضحكات بعضها لم يكن لسبب
كاننا اردنا ان نهرب من واقعنا لمكان اخر حتى وان كان سرابا!
جلسنا نتحدث ونتحدث كثيرا
تحدثنا مصطفى وكيف هو ينتظر مولوده الجديد
كانت عيناها تشعران بحزن دفين كلما ذكرته
كنت دائما اسالها كيف لها ان احبته في حين كان يتجاهلها كل ذلك الوقت

هيلانة دجلة والفرات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن