الجزء الخامس عشر

844 99 8
                                    


15
انحدار

لطالما كنت اقول لنفسي ان كل جيناتي السيئة ورثتها عن ابي
العناد واللامبالاة وذلك البرود
اما الغباء فهذه صفة تميزت بها عن غيري
ربما هو ذلك الغرور الاحمق الذي يصور لي اني وحدي على حق
الا ان تجرحني ردة فعل تصرفاتي وتترك اثرا عميقا في داخلي
يلتصق بي لسنوات
كنت اتمنى لو اني كنت اعرف كيف اكسب اهل قتيبة الى جانبي فهم بعد ذلك لم يكونوا سيئين للغاية
فمثلا كان بامكاني ان اعظم ابي امامهم لتبقى لي عائلة احتمي بها ولو صوريا
كنت اتمنى لو ان اجدت بتضخيمه ورفع هيبته حتى لا اداس ولا اهان
او على الاقل اجيد التعامل معهم بطريقة الدهاء
لكني غروري وكبريائي الاحمقيين صورا لي اني لا احتاج الى احد
في حين لايمكن لامراءة ان تعيش لوحدها في هذا العالم
هكذا بلا سند ولامعين
لان معظمنا لايجيد العيش الا بالترهيب

كان الجو جميلا اليوم
بعد غد سيصل اخي وبرفقته خطيبته
نظرت الى نفسي في المراة
وفكرت في اقتناء شعر مستعار بنوعية افضل
فلقد ارسل اخي لي الكثير من النقود بالامس
لكي استعد لاستقبالهم
فهو يعرفني الى خطيبته على انني عائلته
او ماتبقى منها!!
اخذت شادو معي ورحنا نمشي بين المحلات
لاحظت ان قياسي بقي صفر
نمره زيرو
هه
ولكن لاباس
احيانا كثيرا كنت اصرخ في منتصف الليل وانا احلم بتناولي جرعة الكيمياوي التي كانت كمن يتناول الاسيد الحارق في جوفه
كنت اشعر بان نارا تحرق جوفي من بصيلات شعري حتى اطراف اظافري
نعم كنت اشعر بها
لذلك انا ممتنة وبشكل كبير الى هذا الجسد الهزيل انه قاوم واستطاع ان ينجو
وها انا احاول ان ظهر اي ملامح انثويه ذابت فيه
اشتري تلك الحمالات الضيقة ذات الحشو الكثيف
والبناطيل الضيقة التي كانت تجعلني ابدوا اسوا من قبل
ففكرت ان استعيض عنها بتنورات واسعه عريضة جعلتني اشبه مااكون بامراءة بباي بساقيي النحيليتن
وانفي الكبير!
....
بغداد قبل ثمانية اعوام
عدنا من راوة لنتفاجئ بخبر مفرح
كان عبيدة قد استعد اخيرا لخطبة حبيبته
عم الفرح البيت مرة اخرى بعد ركود طويل
هذه الاخبار حسنت من علاقتي بقتيبة لبعض الوقت
ربما شعر بنشوة ما في داخله او انه تذذكر ايام لهفته لي
كنت اتسائل كثيرا لم اختارني كزوجة له
لم انا بالذات دون غيري
وعندما اساله يعطيني عشرات الاسباب الغير مقنعة والتي ربما تلقفها من احدى المسلسلات التي كان يدمن مشاهدتها في اوقات فراغه
لكني كنت اتذكر انه كثيرا ماكان يتفاخر امام زملائه انه تزوج طالبة جامعية لا اعرف لم
لكنه كان يشعر بلذة في ذلك
انشغلنا كثيرا بالاعداد لاقامة حفل كبير لبعد الخطوبة وبالتاكيد رحت معمهم يوم الخطوبة وما ان رايتها حتى شعرت بنار تحرق فؤادي
كانت الفتاة جميلة للغاية بشوشة وتملاها الحياة
احبت عبيدة منذ سنوات وكان ذلك الحب والعشق ظاهرا في ملامحها الفتية
شعرت بالاسى على نفسي عندما عدت وقارنت نفسي بها فقد كنت اصغر منها سنا لكني بدوت حينها اكبر منها بعشرة اعوام
غرت منها
وكتمت ذلك في نفسي
رحت افكر ليل نهار بهما هي وعبيدة
ارتب لهمها منزلا وكيف يستصرفان فيه
قررت الام ان تعطيهما غرفتها التي هي اكبرها في المنزل وتشارك هي طارق مكان عبيدة
اشترى لها قليلا من الذهب لكنها كانت تبدو سعيدة سعادة لم اشعر بها انا ابدا حين مررت انا بذلك
لم لم اتزوج من احببت!! كنت اسال الله واسال نفسي واسال الاقدار احيانا
وحتى ملابس الحفل اختاروها سويا في حين لم يكن لي اخيتار اي شي
بل جئت لاجد كل شي موجود وتم شراءوه مسبقا
تسائلت حينها لم لم اعترض حينها!! لا اعرف!
صرت اتشاجر مع قتيبة كلما زارتنا خطيبته تحضر لتجهيز غرفته
كنت اكره انفرادهما وابتسامتها الخجولة واحراجها بعد خروجهما من خلوتها
وصرت افتعل اي مشكلة عندما ارى قتيبة يختلف عن اخيه بكل شي
واثور عندما يتاخر ليلا ويعود مترنحا من تاثير الشرب
العن حظي وقسمتي التي رمتني عليه
وهو صامت لايجيبني
كنت اصرخ واساله لماذا اخترتني لاعيش حياة التعاسة هذه معك
وتخونني ايضا
كل يوم مع ساقطة وعاهرة
لا انت تكف ولا انا قادرة على ان اتحمل ذلك
لم تكن نهى هي الوحيدة في حياته
بل كن كثيرات
اكتفى منهن لفترة ثم عاد ليضطجع بين احضانهن
كان يسالني مستغربا مالذي تغير في فانا اعرف ذلك منذ زمن ولم امانع لم فجاءة طرات عليه الغيرة
فكنت اجيبه بل هو كره وليست غيره!
وكان يوم حفل الخطوبة الكبير
انفقت والدته كل ماتملك من نقود على هذا الحفل كما فعلت في عرس قتيبة
وبذلت كلما تستطيع من اجله
كانت سعيدة جدا بالكنة الجديدة
فعبيدة ليس كشقيقه
هو شخص مطيع وستكون زوجته ايضا طيعه بيد الام
كان الجميع يرقصون ويغنون باعلى اصواتهم
حتى نهى جاءت لهذا الحفل
وقد ملات المكان ضجيجا
برقصها ولهوها وتكريم الضيوف
بينما جلست انا بوجه عبوس
لا اكف عن المقارنة بيني وبين هديل العروس الجديدة
كنت واجمة وقد لاحظ الكثير علي ذلك
لم انبس باي كلمة سوى بابتسامة مصطنعة بالكاد رسمت على شفتي المرتجفتين
وما ان انتهى الحفل حتى دفنت وجههي بمخدتي ورحت اصرخ
اصرخ وابكي اردت ان امزق نفسي وملابسي
لم لست كبقية الفتيات
لم لا اجيد العيش بسعادة
امتلا قلبي كرها وانا محاطة بهذه الجدران ذات الالوان الكريهه
والفراش البارد المقيت
امتنعت عن قتيبة ولم اسمح له بلمسي
لم يمانع
لكنه كان يبكي عندما يحضني وهو يعتذر عما يسببه لي من اذى
كرهته وكرهت كل شي في حياتي
وبسرعة تم تحديد الزفاف ما ان اكتمل تجهيز غرفة العروسين
وتم تاجير قاعة صغيرة في حي شعبي
كانت الهديا تتوالى الى المنزل فعمتي لها فضل على كل بيت
حيث انها امراءة اجتماعية ومن القدماء في منطقتها يحبها الجميع ويكنون لها الاحترام
كنت اسمع ضحكاتهم القادمة من الصالة حيث كانت تكتض بالزائرات كل يوم
واقوم بسري بتحطيم شي ما كلما شعرت بالامتعاض
لكني ابيت النزول ومساعدتهم باي شي
وبعدت المسافة بيني وبينهم
كان يوم الجمعة وحددت الحنة بالثلاثاء القادم ليكون الاربعاء يوم زفافهم اخذت مبلغا كبيرا من قتيبة هذا الصباح الحقيقة اعطاني كلما في محفظته عندما طلبت منه المال لشراء فستان ذا قيمة كان يعلم باني حزينة ووحيدة
ولم يكن يعلم ماكان ليرضيني!
واتفق على ان يمر برهومي لياخني الى اي سوق ارغب به
ابراهيم ابن شقيقته الكبرى التي انجبت حديثا ولدا اخرا
كان ابراهيم ينتظرني في الاسفل
اذ ان عبيدة استعار سيارة زوجي ليقضي بها اخر احتياجاته
كنت اهم النزول
اذكر انها كانت الساعة الرابعة عصرا
حين سمعت صراخا شديدا في الباب وعويلا هز جسدي وصرت ارتجف
لم تقو قدامي النزول
جمد الدم في عروقي
لكني اخيرا نزلت
اردت ان استعلم الخبر فقالوا ان قتيبة استشهد
اذ انهم فجروا سيارته بالقرب من السوق القريب على منزلنا
لكني همهمت مع نفسي ان عبيدة من كان بسيارة زوجي
تثقالت قدماي الى الارض
وانا صامتة لكن دموعي بدات تنهمر وانا ارى عمتي تدور حول نفسها كمثل الذي به مس
مزقت ثيابها و تصرخ اين الانفجار
كانت تولول على قتيبة
مرت ثواني حتى كانت باحة المنزل ممتلئه الى اذانها بالناس
وكل منهم يروي حكاية مختلفة
الى ان جاء طارق شقيقهم الاصغر
ممزق الملابس وقد احترقت اجزاء من جسده وهو يحاول اطفاء السيارة
كان شعره الاشقر قد تحول بلون اسود فاحم
وعيونه الملونه صارت حمراء بلون الدم
وقد امتلا فهمه باللعاب
كنت اتراجع من التدافع
وقد صمت اذاني كثرة صراخ النساء وعويلهن
بالكاد اقتربت منه وجثوت عى ركبتي ودنوت منه زحفا
احاول ابعاد اقدام النساء واذرع الرجال عني
جمدت شفتاي عن الحديث استدارنحوي
لم اقو على سؤاله حين اجاب ذهولي انه عبيدة ليس قتيبة قتلوه اولاد العاهرة

هيلانة دجلة والفرات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن