الجزء الرابع عشر

921 106 8
                                    





14

صحراء

نقاهه فانتكاسة فشفاء ثم انتكاسة مرة اخرى
قضيت نهاري بالامس غير قادرة على الحراك
اصبحت مناعتي ضعيفة جدا
لم اقو على النهوض من على فراشي
وما ان حاولت اطعام شادو
داعبني شعور مريح حين تخيلت للحظة اني اطفو فوق الارض واذا به دوار يغشيني فيسقطني ارضا
ارتطم راسي بحافة الجدار ولحسن حظي تلك الساعة
اني لم اصب باصابه بالغة
كانت شادو هي الوحيدة من قلقت علي
وظلت تحوم حولي
وانا اتطلع اليها مبتسمة
كنت سعيدة اذا شعرت بزغب شعري وانا اتفحص موضع الاصابة!
كل ذلك جرى بعد مكالمة طويلة لي مع سرى
وايضا اختي الغير شقيقة
حيث اخبرتها بشعور عدم ارتياح كاني مصابة بمرض ما
تذكرت ذلك الشعور الذي اصابني بعد حملي الثاني
كان صراعا عنيفا خضته مع قتيبة بعد اسقاطي الاول
اذ اصرت الطبيبة التي رشحتها لي شقيقته الصغرى ان الضعف كان من زوجي
وطالبت منه اخذ علاج يستمر عليه بضعة اشهر
غروره وتكبره لم يتحملان ان يكون مانع الحمل منه
فاذا به يزأر ويزمجر
ضاربا كل الاخلاق عرض الحائط حتى انه فكر بالانتقام من تلك الطبيبة المسكينة
كنت اول الامر اتجادل معه فيسوء الامر ويغضب اكثر حتى منعتي والدته من ذلك
حسنا انا لا اريد ظلمها كانت تقف معي في كل مواقف الصدام بيني وبينه
الشي المزعج الذي كان يحطم صورتها تلك هي دعوتها المستمرة للحصول على ارثي وميراثي بعد وفاة جدتي
تخاصمنا لبضعة ايام
تعبت كثيرا
فذهبت الى بيت جدتي وبقيت هناك بعض الوقت
نمت على سريرها المهجور منذ زمن
وتململت بين حنايا ذكرياتنا هنا
كل شي ترك كما هو
لم يعبث احد باي شي
كان جدتي امراءة بغاية التنظيم
الملاياات والملابس كلها كانت بغاية الترتيب
لايوجد شي مرمي هنا او هناك كل شي وضع في مكانه
اذكر خزانة اخت زوجي حينها واضحك
قنبلة قد انفجرت بها
لم لم يعد الناس يكترثون لشيّ!
وقعت عيني حينها على خزانة الماتريوشكا
وتذكرت ذلك اليوم حين جئت خالتي وكلي كره وشر
حطمت مابقي من الماتريوشكا
وانهلت عليها باقسى الكلمات
وصفتها بالساحرة
وغراب البين
وصفتها بنذير الشؤم الذي احاط بالعائلة
بكت وهي تنظر للقطعة الاخيرة من الدمى وقالت وهي تمسح الدموع من عينها
-- انظري هذه تخصك
فغضبت عليها ايما غضب وبدات بالصراخ والعويل
اتهمتها انها السبب ان كل من حولي يموتون
وانها السبب في كل مايحل لي
كنت اود لو اني مزقتها بذلك اليوم
لكنها لم تعبا بي
كانت تبكي وهي تجمع قطع الماتريوشكا المتحطمة تحاول جاهدة ان تتحاشا زجاج الخزانة المحطمة ان تجرحها
كنت اعرف اني كلماتي قد اذاتها
لكنها كعادتها لم تكترث او ربما هي كانت تدعي كل ذلك
اه ياربي اشعر بالالم وانا اتذكر الان ماحدث
ومع ذلك اراها قد غفرت لي عندما جاءت على استحياء لتوديعي وتلتحق بمصطفى وشقيقي بسام
اللذان اخيرا تركاها في عمان وسافرا من هناك بعد ان تحولت قضيتهم للمدينة الاخيرة
استوطنا في كندا
وبقيت هي تنتظر ملفها
كانت خائفة
هربت من العيش لوحدها بمنزل كبير
كانت تخشى ان يقتلوهها في عتمة ليل ولا يعلم بها احد
وهي ايضا بقيت لوحدها هناك
رحت بعدها اتامل حائط المفقودين
كلهم اناس يحملون دفئا يتوهج حتى من خلال صورهم
هل هي صدفة انهم جميعا يبتسمون ابتسامة باهتة وكانهم ينظرون لي؟
تلمست ملامحهم المغيبة ومسحت الغبار من على وجووهم
فبغداد ماعادت مدينة السلام بل صارت مدينة الحرب والغبار
قتلنا الغبار وهاهو ياكل الاشياء الجميلة التي تركناها
يطغى على كل شي
وكل يوم ياتينا بلون جديد
احمر واصفر وابيض طباشيري
اي حياة هذه!!
عدت قافلة لبيتي وقد ازددت اصرارا على رفض بيع المنزل وعدم مخاطبة اي احد بهذا الشان
كان ذلك في اخر يوم الامتحانات
حينها كانت علاقتي سيئة جدا بقتيبة
اذ قبل يومين فقط عدت من جامعتي
كانت الساعة تقارب الثانية ظهرا
المنزل عادة مايكون خال الا من عمتي ام قتيبة
حيث الجميع في اشغالهم
الا اني حين دخلت سمعت همسا وضحكا مخبوتا
كان يبدوا جليا صوت امراءة
وبالتحديد شعرت انه صوت نهى
بدا قلبي يالخفقان
صعدت السلالم
لاجدها مع قتيبة قرب غرفتي وهو يداعبها
لقد رايت ذلك بام عيني
وهو يتحسسها!!
صرخت بقوتي ماذا تفعلون
فهربت نهى مسرعة والغضب يعلو وجهها
لم يكن خجلا او حرجا او اية مشاعر اخرى بل كانت غاضبة لاني قطعت عليها لحظاتها الجميلة
لم يكن قتيبة ولا اي احد يعلم بحملي
كنت قد نويت اخباره اليوم
كذريعة للصلح والتقرب له من جديد
لكني ثرت عليه
بدات العنه واشتمه وحتى ضربه
لم يابه بي
جلس بهدوء يرتدي حذائه الرسمي وهو يردد اصمتي هذا يكفي
كنت الح واريد جوابا
ان كان لايزال يحبها لم اختارني
لم تزوج بي
هل انا ضحيتهم
هل انا دلوا يحمل الاطفال لهم!!
لم يجب
فهددته اني ساترك المنزل
فابتسم وقال لي اين تذهبين !!
ام اب ام عم!!
نفس تلك الكلمات التي صارت عمتي تعايرني بها
فانهرت بالبكاء على الطرف الاخر من السرير
نظر اليه وكان يدعي الحزن
رفعت راسي وصارت عيني في عينيه
التي ابتلت بالماء
لا ااستطيع وصفها دموعا
لا اذكر اني رايتها دموعا
وقد تلون وجهه بلون احمر قاني ممتلئا بذرات العرق المتساقطة
---اخترتك لانك مختلفة عن كل النساء اللواتي عرفتهن في حياتي
ولست نادما ابدا
تركني ومضى
نعم لم يكن هو نادما لاني انا من كنت اشعر بذلك
مراسبوع على هذه الحادثة وقد بدات علامات الحمل تظهر علي
صرت اشعر بدوار يغشيني
ورغبة شديدة بالنوم
لم نكن نتحدث انا وهو
ولم اكن انزل الا قليلا
حتى الاكل صرت انفره
فاصابني وهن شديد
كنت اتحاشاه حتى عندما كان يحاول مصالحتي
كنت اهرب منه
كان يعلم ان صحتي تسوء
فظن ذلك بسبب قلة الطعام وتناولي الدواء
حتى كان يوما تاخر كثيرا
كنت لا اغفى حتى اسمع صوت سيارته
كان صوت العجلات وهي تغفوعلى حصى الكراج امام المنزل وانطفاء المحرك يدخلان عليه نعمة الامان
رغم اني لا احدثه
لكني كنت اعشق هذا الصوت
واشعر بارتياح كبير لوجوده قربي
كنت اوقت حواسي على تلك الاصوات واتلوها بصوت اقدامه وهي ترتقي السلالم بثقل
تلك الليله تاخر
لم يرتقي السلالم
انتابني الفضول فتحت عيني كانت الساعة الثالثة والنصف
سمعت صوت الكراج يفتح من جديد
تسحبت بهدوء وبدات ارقب كل شي
استنفرت كل حواسي كي استشعركل الحركات وربما الهمس ايضا
واذا به ممدد على الاريكة بالمطبخ
وقد استلقت نهى بالقرب منه
كان يدفعها عنه بهدوء في حين كانت تروم هي الى اشياء اخرى لا ارغب بذكرها
الى ان فتحت الضوء عليهم
كنت اشعر بنفسي يتراكض عدوا
وبمغص شديد في معدتي
لكني لم اابه
قفز من على الاركية وفك ذراعيها من عنقه
وقام بغلق فمي حين كنت انو الصراخ
حملني من خصري وصعد يحاول تهداتي
الدموع الحقيرة هي من خنقتني ليلتها عن الكلام
بت على فراشي اتلوى في حين نام هو على الارضية ليختفي في صباح اليوم التالي

هيلانة دجلة والفرات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن