ترددت قبل ان تخبر الرجل امامها بهويتها لكنها حسمت أمرها، يجب إنهاء المسألة اليوم قبل غد... جلست على كرسي خشبي تنتظر قدومه الذي لم يطل، جاء برفقة جندي وعيناه تقدحان شرا كعادته، سألها بنبرة قاسية:
-ما الذي جاء بك إلى هنا؟
أخرجت بعض الوثائق من حقيبة يدها قائلة بصرامة:
-أريدك أن توقع ورقة الطلاق حالا...
رمق الوثائق بنظرة ساخرة ووقف من مكانه هاتفا:
-لا تحلمي، لن أطلقك...
انحنت على الطاولة بهدوء مسندة وجهها على أصابعها المتشابكة:
-أنت حر... لكن فكر جيدا، إن طلقتني الآن فلن آخذ منك شيئا، لكن إن ثبتت التهمة عليك
فسيصبح موقفك ضعيفا وقد تطول مدة عقوبتك... معك خمس دقائق لتفكر...
وكز على أسنانه بحنق ثم حمل القلم ليوقع:
-لك ذلك دلال، أصلا لقد اكتفيت منك منذ مدة طويلة...
كتمت غيظها بداخلها ورسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها لاستفزازه ثم حملت حقيبتها وغادرت تاركة إياه في حالة غليان واضحة...
* * * *
تسمرت في مكانها وهي تستمع لجملته الأخيرة، كيف عرف؟!.. لكنها سرعان ما استدركت الموقف بوجه حائر يدعي عدم الفهم
-من منال هذه؟
تراجع برأسه للوراء وعيناه تتفحصانها كأنه يحاول سبر أغوارها:
-لا شئ، يبدو أنني أخطأت...
هزت رأسها بثقة تأكد أنه مخطئ وخرجت مسرعة بخطوات مرتبكة، لمعت عيناه بمكر فقد أكدت ردة فعلها أنها الفاعلة...
جلس آدم في موقف السيارات ينتظر قدومها، ظل يتمتم بعصبية قبل أن يلمحها خارجة والتوتر يتربع على ملامح وجهها...
-ما الخطب فاتن؟ تبدين شاحبة...
أسندت جسدها على السيارة ووضعت يدها اليسرى في شعرها بتفكير دون أن تجيب، عاد آدم يسألها مرة أخرى:
-ما نوع المصيبة التي ورطت نفسك بها هذه المرة؟
خرجت كلماتها متلعثمة حائرة:
-اكتشف أنني الفاعلة... هو يعلم... لكن كيف؟!!
حاول آدم ربط كلماتها لكن لم تتكون له صورة
واضحة عما تقوله، وقف أمامها عاقدا ذراعيه أمام صدره وبنبرة لا تقبل النقاش سألها:
-تكلمي بوضوح لأفهم القصة...
ترددت قبل أن تبدأ الكلام لكن نظرات آدم كانت حازمة:
-أتذكر أنني فتحت حسابا باسم مستعار على موقع الفايسبوك؟
-نعم...
-قمت بإرسال طلب صداقة للأستاذ ابراهيم...
شعر آدم بالصدمة مما يسمعه فصاح بها غاضبا:
ـأجننت؟؟؟
أحكمت قبضتيها على شعرها ورأسها يكاد ينفجر من التفكير، حتى آدم لم يستطع الحفاظ على هدوئه...
-ألم أخبرك انه شخص لا يستهان به؟ ألم أحذرك من مجرد الاقتراب منه؟ ما الذي
ستفعلينه الآن؟ كيف ستواجهينه مرة أخرى؟!!
صاحت بغضب:
أصمت... لقد أنكرت، أتظنني غبية لأعترف؟
والإجابة تمثلت في ضحكة ساخرة تحولت لقهقهة:
-وهل تحسبينه غبيا ليصدقك؟ الرجل عرف هويتك من خلف الشاشة...
ثم صمت قليلا مفكرا قبل أن يواصل:
-لكن كيف عرف؟ أي ذكاء يملك!!
زفرت بضيق وركبت سيارتها تاركة آدم وراءها فقد اكتفت من صراخه، استقل سيارته هو الآخر دون الشعور بوجود عينان راقبتا ما حدث منذ البداية...
* * * *
جلس إيهاب برفقة والدته عائشة يخبرها عن يومه وعمله، أمه أهم شخص في حياته كلها، هي
التي ربته بعد وفاة والده في حادث مؤلم، ضحت بحياتها وشبابها من أجل تعليمه وتثقيفه ودائما ما يرجع إليها قبل اتخاذ أي قرار، حكمتها وبصيرتها ينيران دربه...
حاول التمهيد لموضوع حساس يعلم جيدا أنها لن تتقبله:
-أريد أن أتتزوج...
لم تصدق ما تسمعه، أخيرا وحيدها سيكون عائلة... ضمته بحنان وهي تقبل وجهه:
-ألف مبروك بني، أخيرا قررت أن تستقر... أخبرني من هي؟
ركز نظره حولها يترقب ردة فعلها عند نطقه اسم دلال، وكما كان متوقعا جحظت عيناها بذهول:
- د.. دلال!! شقيقة جياد؟؟
هز رأسه مؤيدا فأجابته بنبرة خافتة:
-لكنها متزوجة من توفيق...
-ستتطلق منه قريبا...
كاد يغمى عليها وهي تستمع لابنها... دلال امرأة رائعة وطيبة لكنها متزوجة!.. كانت دائما تحلم بعروس ابنها الوحيد، تخيلت شكلها وملامحها، طباعها وشخصيتها لكنها لم تفكر يوما أنها ستكون مطلقة..!
* * * *
يدان مكبلتان بالأصفاد خلف ظهره، جمع غفير من الناس المتطفلة يتهامسون عليه وجندي يجذبه من ذراعه بصرامة، صحافة بعدسات تصوير لتغطية الحدث وشقيق زوجة سابقة بمنصب مدعي عام لتكتمل مأساته... وقف الحاضرون عند دخول القاضي لتبدأ جلسة المحاكمة، افتتح جياد الجلسة بإلقاء التهم على توفيق تبعه محامي الدفاع يبطل صحة أقواله مطالبا بالدليل، شعت عينا جياد بخبث وهو يستدعي الشاهد الرئيسي "إبراهيم الخليلي" إلى منصة الشهود ليطرح عليه بعض الأسئلة، كانت إجاباته الهادئة تدل على قوة شخصيته ووقاره في حين انعكست سلبا على توفيق الذي بدأت علامات الرعب تبدو بوضوح على وجهه، انتهى المدعي العام جياد من طرح الأسئلة سانحا الفرصة لمحامي الدفاع بطرح أسئلته هو الآخر... بدت أسئلته سخيفة نوعا ما لكن إبراهيم ظل على هدوئه حتى حدث ما لم يكن في الحسبان... الدفاع يتهمه بالجريمة والدليل بصماته على سلاح الجريمة!
أنت تقرأ
الثمن الباهظ- للكاتبه ملاك الجزائرية (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ملاك الجزائرية الفيس بوك: روايات ما أحلاها إقتباس: ضحك بسخرية واضحة هذه المرة وهو يراقبها تلتقط هاتفها لتتصل برقم ما أرجح أنه والدها، نظرت إليه بخبث مردفة: -انتظر بضع دقائق وستعتذر... لم يعلق فقط استند بجسده على سيار...