الفصل التاسع والعشرون

3.6K 110 4
                                    

استيقظت على رنين هاتفها المزعج فأجابت بعينين مغمضتين وصوت ناعس، قابلها بكاء صديقتها المرير فجلست تفرك عينيها طالبة منها التحدث بروية لتفهم خطبها، كلماتها كانت متحجرشة تكاد تكون غير مفهومة، أخبرتها أن تلاقيها في مكانهما المعتاد وأسرعت تغير ثيابها، استقلت سيارتها وانطلقت بها كالسهم متخطية كل العوائق، كادت تدهس شيخا كبيرا ولم تبالي، جل ما يهمها الوصول إلى صديقتها التي تبدو منهارة تماما، توقفت أمام حديقة كبيرة وترجلت بسرعة تبحث بعينيها عنها، لمحتها جالسة تحت أحد الأشجار وافرة الظلال فاتجهت نحوها تسألها عما أصابها، ارتمت الأخيرة في أحضانها ما إن رأتها وأخذت تبكي

بمرارة، رتبت على شعرها بلطف تهدهدها، أحاطتها بذراعيها حتى استكانت تماما ثم جذبتها برفق لتواجهها، سألتها بحنو:

-ماذا حدث؟

توقفت عن البكاء تحاول إخراج جملة مفيدة رغم شهقاتها المتتالية:

-اعترفت بحبي له...

علا الغضب ملامحها فلم تستطع كتم عصبيتها:

-أجننت أم ماذا؟!

تعالت شهقاتها من جديد هاتفة من بين دموعها:

-لكنني أحبه...

جذبتها إلى حضنها تخفف عنها ثم همست بفضول:

-وما الذي قاله؟

أخفضت عينيها بانكسار:

-طردني...

انعقد حاجبيها بسخط صارخة:

-زرته في منزله؟

والدموع كانت الإجابة، تخللت خصلات شعرها بأصابعها مرددة بسخط:

-أنت فعلا غبية...

* * * *

في منزل إبراهيم كان توفيق قد استعاد وعيه، وجد نفسه مكبلا على نفس المقعد الذي كبل عليه إبراهيم منذ سنة، دب الرعب في نفسه وهو يرى آثار الدماء في الغرفة، فهم على الفور أنها دماء عمر، تسارعت دقات قلبه وهو يتخيل مدى العذاب الذي خاضه صديقه والذي سيجربه بلا شك وأغمض عينيه يفكر بحل لهذه المعضلة، إبراهيم شخص مخيف، نظراته الحادة، ملامحه الحازمة، بروده وغموضه، كل شيء فيه يبث

الخوف في قلبه لكنه هدأ، صمد واستكان هو أذكى من الموت بهذه الطريقة، سيستفزه بأقسى الطرق ليقتله في لحظة غضب فلا يتعذب كثيرا...

دخل إسلام الغرفة وما هي إلا لحظات حتى تبعه إبراهيم بخطواته الواثقة، ابتسم بترحاب مقتربا من كرسيه، انحنى بجذعه الضخم واضعا يديه على جوانب الكرسي مداعبا بمرح:

-نورت المنزل سيد توفيق...

تراجع في مقعده قليلا مغمغما:

الثمن  الباهظ-  للكاتبه ملاك الجزائرية  (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن