كفه يعتصر يدها وعيناه تحاصرانها من كل جهة، رغبته واضحة وموقفها أوضح، يريدها ولا تريد خوض التجربة، تخاف الألم وخيبة الأمل، تخاف تكرار قصة لم تحصد منها سوى أشواكًا أدمت قلبها، ذكريات تطاردها وقلب جريح ينتفض بين ضلوعها ولا أحد يتفهم!
موقفه حازم يريد الكلام فليكن، ستسمعه كلامًا جارحًا علّه يبتعد.. لم يتح لها خيارًا آخر، قبلت دعوته لارتشاف كوب من القهوة وغشاء الدموع يحجب عنها الرؤية بوضوح، جلست على طاولة في زاوية المطعم كأنها تهرب من أعين الناس، تتمنى لو تعتزل الجميع لتستطيع التخلي عن قناع القوة الوهمي الذي تحيط به نفسها منذ طلاقها. لكن هذا الأحمق يقتحم عُزلتها ويصر على ضغط جرحها وها هو الآن يباشر كلامه بثقة
وحزم ولا نية له في التراجع:
-دلال، أعلم أن ما تمرين به ليس هينًا على الإطلاق..
قاطَعته بغضب، بألم مكبوت، وبندم؛ هي لن تتحمل نظرة الشفقة من أحد حتى لو كان عاشقها المتيم:
-ما أمر به ليس من شأنك، فلتدخل في صلب الموضوع مباشرة، ليس لديّ مُتسع من الوقت؛ فهناك حفلة يجب أن أحضرها..
أغمض عينيه وأخرج نفسًا حارًّا من صدره، المهمة أصعب مما تبدو عليه:
-انظري إلى أصابع يدك..
فتحت فمها ببلاهة:
-نعم؟!
إيهاب بنبرة جدية:
-ليست كل أصابعك متشابهة، كذلك الرجال والنساء على حد السواء، منهم الطيب والشرير، ربما حظكِ قادكِ مرة نحو شخص لم يقدّر قيمتك، لكن هذا لا يعني أنني مثله..
زفرت بضيق من هذه المحاضرة المُملة، فبنظرها كل الرجال متشابهون، يقتربون؛ من أجل مصلحة معينة، و يبتعدون لدى انقضائها .
سمعت اسمها يخرج من بين شفتيه، فرفعت رأسها لمواجهة عينيه التي تلمعان عشقًا:
- أحبــــــــكِ
اتسعت عيناها بذهول، طبول قلبها تدق بسرعة جنونية حتى خُيِّل لها أنه سيسمع نبضها! ابتلعت ريقها بصعوبة و تسللت حمرة خجل جميلة إلى وجهها فاستغل فرصة انفعالها ليكمل حديثه:
-لا يهمني ماضيكِ ، كل ما يهمني هو حاضركِ و مستقبلكِ الذي سيكون بجانبي ، فكري ولا
تحكمي عليّ بسبب ما اقترفه غيري وتذكري أنني لن أهدأ حتى تكوني على ِذمتي..
- عن إذنك، يجب أن أغادر..
كلمات متوترة خرجت منها بصعوبة وهي تقوم من مكانها لتغادر، لم تلتفت خلفها لكنّه متأكد أن كلماته قد تغلغلت داخل أعماق قلبها..
* * * *
نزل الدرج بخفة ويده تعبث بهاتفه، لمحها خلف الباب والتردد مسيطر عليها، تراجع للخلف مختفيًا خلف الحائط، أطل برأسه وابتسامة عابثة تزين ثغره، التفتت يمينًا ثم شمالًا، أخذت نفسًا عميقًا معدلة هندامها و دفعت الباب بأناملها الرشيقة لتدخل.. ظهر أمامها فجأة فشهقت برعب واضعة يدها على فمها تكتم صرخة من الخروج، عقد ساعديه أمام صدره و بنبرة غضب مصطنعة قال:
أنت تقرأ
الثمن الباهظ- للكاتبه ملاك الجزائرية (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ملاك الجزائرية الفيس بوك: روايات ما أحلاها إقتباس: ضحك بسخرية واضحة هذه المرة وهو يراقبها تلتقط هاتفها لتتصل برقم ما أرجح أنه والدها، نظرت إليه بخبث مردفة: -انتظر بضع دقائق وستعتذر... لم يعلق فقط استند بجسده على سيار...