أخرجها صوته من ذكريات خطوبتها، التفتت تنظر حولها فلم تجد أحدا، يبدو أن الجميع انسحب فور انتهاء عقد قرانها تاركينها معه... لوحدهما!
-فاتن الخليلي يبدو أجمل أليس كذلك؟
رفعت عينيها تنظر إليه بجمود، أي رجل هذا؟ متى سيتخلى عن جموده؟ مطت شفتيها مجيبة بغطرسة:
-أي اسم سيصبح جميلا إذا اقترن باسم فتاة مثلي...
رفع حاجبه بسخرية ثم ضحك بتهكم:
-فتاة! أنت الآن سيدة... سيدة فاتن...
نظرات خاوية رمقته بها ووقفت مغادرة، أوقفها بلهجة آمرة:
-فلتجهزي نفسك، سأمر عليك وقت الغذاء في المكتب...
لم تجب أو ترد فقط واصلت طريقها بتفكير، لقد أصبحت زوجته شرعا وقانونا ولم يتبق سوى حفل زفاف لتنتقل للعيش معه إلى الأبد، شعور بالتردد بدأ ينتابها، خطوبتهما دامت لمدة شهرين لم تره خلالهما سوى مرات قليلة تعد على الأصابع، لم يسمعها غزلا ولو مرة واحدة بل لم يكن يتصل إلا نادرا، يستفزها في كل مرة تراه فيها ويتفنن في إغاظتها كلما سنحت له الفرصة، لماذا تزوجها إذن؟ في البداية ظنت أنه يحبها لكنها لم تعد تصدق الأمر، أيمكن أنه يريد الانتقام منها؟ تراجعت عن هذه الفكرة فلا يمكن لرجل أن يتزوج فتاة بدافع الانتقام من شيء تافه كجعله يعتذر في قسم الشرطة... لكن ما تفسير
تصرفاته إذن؟ هذا هو التفسير المنطقي الوحيد... أخرجت نفسا حار تحاول تهدئة النار بداخلها، نفضت الأفكار عن رأسها تنتظر قدوم الغد لتفهم منه كل شيء...
* * * *
ظلام دامس يلف المكان، صمت مطلق إلا من صوت قطرات ماء حنفية تنزل كل دقيقة، أفكار شيطانية تتضارب وكره طال أمده وحان وقت خروجه، خروج سيكلف الكثير، ابتسامة مشبعة بشماتة نصر بات قريبا، وانتقام سيثلج صدره أخيرا، انتقام ممن يصر أنه كان السبب في سجنه خمس سنوات خلف القضبان، الخطة محكمة وليس عليه سوى التنفيذ، هذه المرة هو ليس لوحده فهناك شخص آخر يكره عدوه أيضا بنفس المقدار أو ربما أكثر لا يهم، المهم أنهما
سينتقمان معا، سيذيقانه مرارة الحرمان من جديد ثم يلقيان به إلى قلب الجحيم ليحترق بأفعاله... أغمض عينيه استعدادا للغوص في عالم الأحلام، عالم يتلذذ فيه بحلاوة انتقام قريب...
* * * *
أسندت ظهرها على كرسيها الوثير بتعب، الأوراق تغرق مكتبها رأسها شارد، تفكر في لقاء اليوم وما الذي سيحمله في طياته، لقد أخذت قرارا حاسما بمواجهته، مصرة هي على أخذ إجابة شافية منه مهما كلفها الأمر، ألقت نظرة على هاتفها ومرة أخرى لا يوجد اتصال، فكرت في المبادرة لكنها تراجعت، اخبرها أنه سيمر لاصطحابها وبالتأكيد سيفعل، لا تعلم كم مر من الوقت وهي تنتظر وهاهو أخيرا يتصل، ضغطت زر الإجابة بعد ثالث اتصال لتسمع صوته يردد كلمة واحدة:
أنت تقرأ
الثمن الباهظ- للكاتبه ملاك الجزائرية (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)
Storie d'amoreجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ملاك الجزائرية الفيس بوك: روايات ما أحلاها إقتباس: ضحك بسخرية واضحة هذه المرة وهو يراقبها تلتقط هاتفها لتتصل برقم ما أرجح أنه والدها، نظرت إليه بخبث مردفة: -انتظر بضع دقائق وستعتذر... لم يعلق فقط استند بجسده على سيار...