الفصل العاشر

5.6K 186 10
                                    

قادت سيارتها بسرعة متخطية كل السيارات نحو جمعية والدتها حين وصلت إلى منعطف حاد اضطرها إلى تخفيف السرعة، وبينما هي كذلك لمحت طفلا صغيرا فاقدا الوعي إلى جانب الطريق فتوقفت مباشرة وسارعت إليه تساعده، كانت هناك دماء على وجهه بدت وكأنها بسبب سقوطه، حملته إلى السيارة بسرعة وحولت اتجاهها إلى المشفى لإسعافه، دخلت به قسم الاستعجالات فجاءت ممرضة تبعها طبيب يبدو عليه الوقار، بأصابع مدربة خاط الجرح وأوقف النزيف، أخبرها أنه بخير ويجب الانتباه إليه أكثر، شكرته على خدمته وجلست إلى جانب الصغير تتأمل ملامحه الملائكية، ظلت تفكر في ما ستفعله به الآن، أتأخذه إلى قسم الشرطة أم

إلى المنزل؟... الشرطة يمكن أن تهمله وحالته الصحية لن تتحمل، حسمت أمرها بأخذه إلى جمعية أمها فهي جمعية أطفال على أية حال وهناك سيقدمون له الاهتمام اللازم، دفعت تكاليف العلاج ثم حملت الصغير برفق بين ذراعيها متجهة نحو الجمعية وبعد مدة قصيرة شعرت بالطفل الصغير يستيقظ، التفتت إلى المقعد الخلفي فوجدته ينظر إليها بأعين حائرة وخائفة، ابتسمت بحنان وهي توقف سيارتها للتحدث إليه:

-مرحبا يا صغير ما اسمك؟

بنبرة تميل إلى البكاء أجابها:

-أريد أمي...

-أين هي أمك؟

-أمي في العمل...

-وأين تعمل؟

بدا وكأنه سنفجر بالبكاء قريبا:

-أمي تعمل في العمل...

تأملته بتفكير ثم قالت محاولة تفادي نوبة بكاء وشيكة:

-سنذهب للبحث عن أمك لكن ما رأيك ببعض الحلوى قبل ذلك؟

ارتفع صوت بكاء الصغير وهو يردد أمي أمي فهتفت فاتن في داخلها بحنق:

-هذا ما كان ينقصني، طفل مزعج...

حاولت تهدئته لكن دون جدوى، استمر بالبكاء والصراخ دون توقف فصرخت بلا وعي:

أصمت... إن لم تسكت الآن فسأتركك إلى جانب الطريق لتأكلك الوحوش...

شعر بالخوف من كلماتها فتوقف مباشرة وعيناه تنطقان بالرعب، سألته بنبرة صارمة:

-ما اسمك؟

أجابها بتلعثم:

- م... مص... مصطفى...

-اسمعني يا مصطفى سأبحث لك عن أمك لكن حافظ على هدوئك اتفقنا؟

أومأ برأسه الصغير أن نعم وجلس بأدب...

* * * *

أرخى جسده على كرسي مكتبه بعد مغادرة طلابه وهو يتأمل كرسيها الشاغر، تغيبت بعد يوم واحد من التحذير، هل تتحداه ام أنها تضرب بكلامه عرض الحائط! يبدو أن الوقت قد حان لتأديبها، سينفذ ما وعدها به، لن تدرس مادة الهندسة هذا العام. ابتسم بنشوة وهو يتخيل شكلها حين يعلمها بقراره، بمن ستتصل هذه المرة يا ترى؟ بالشرطة ام بالقضاء؟ ام أنها ستطلب مساعدة المخابرات السرية؟!

الثمن  الباهظ-  للكاتبه ملاك الجزائرية  (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن