أن يغدر بك عدوك فهذا شيء متوقع لكن أن تأتيك الطعنة من اقرب الناس فهذا فوق طاقة الاحتمال.. العدو يمكن أن تنكل به، تنتقم منه وتقتله لكن ماذا عن القريب! تعذبه أم تقتله أم فقط تتركه لعذاب الضمير؟ هذا إن كان يملك ضميرا أصلا!
أمضى عاما كاملا يخطط للانتقام وفعلا نفذه بأبشع الطرق، تلذذ بصراخم، آهاتهم وآلامهم، قتل الإنسانية بداخله وأطلق العنان لشيطانه كي يخرج ثم حدث ما لم يكن بالحسبان، داعم قاتل زوجته ليس سوى احد المقربين، اخرج عدوه من السجن ليذيقه أبشع العذاب... لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح... لم؟!
قاد سيارته بسرعة نسبية نظرا لكون الطريق
مزدحمة، ضرب المقود بقوة ينفس عن غضبه ثم اتخذ طريقا آخر والنتيجة نفسها، الشوارع مزدحمة والسيارات متوقفة، لعن حظه في سره وبدأ بتخطي الآخرين دون الاكتراث لأصوات مزاميرهم وشتمهم له، كاد يصطدم بسيارة تقودها امرأة لكنه تفاداها في الوقت المناسب، ابتسم وهو يتذكر فاتنته حين أجبرته على الاعتذار في قسم الشرطة لكن الابتسامة سرعان ما اختفت لدى تذكر سبب موتها، زاد السرعة قليلا محاولا التحكم في غضبه...
في الخلف كانت وفاء تسب وتلعن صاحب السيارة السوداء الذي كاد يدهسها، صرخت أسماء قائلة:
-وفاء... هذه سيارة إبراهيم...
نظرت وفاء أمامها مغمغمة بغضب:
-ألن يكف عن هذه العادة أبدا!
لم تهتم لملاحظتها فقط هتفت بترجي أن تتبعه،
رفضت وفاء في البداية ثم رضخت لطلبها تحت إصرارها وإلحاحها، سارت خلفه تاركة مسافة بينهما حتى لا يراهما، لاحظت بعد مدة أنه يتخذ طريق المقبرة فتساءلت بخفوت:
-أهو ذاهب لزيارتها؟
استدارت أسماء إليها عاقدة حاجبيها باستياء:
-زيارة من؟
مطت شفتيها بتفكير وإجابتها بهدوء:
-فاتن... أقصد قبرها...
تغيرت ملامح وجهها للسواد طالبة منها العودة بالسيارة لكن فضول وفاء دفعها للحاق به، صفت سيارتها عند باب المقبرة فلاحظت وجود سيارة أخرى، ازداد فضولها فخاطبت أسماء:
-أتريدين المجيء معي؟
هزت رأسها بعدم رغبة فترجلت لوحدها بصمت حتى لا تثير انتباه من في الداخل، تقدمت بضع
خطوات ثم شعرت بيد تمسك ذراعها، شهقت برعب واستدارت لتجد أسماء خلفها، أنبتها بعينيها فهزت الأخرى كتفيها بلامبالاة:
-شعرت بالخوف للجلوس وحدي فلحقتك...
أشارت لها بيدها لتخفض صوتها ودخلت بهدوء نحو قبر فاتن الذي يقع في الجهة الأخرى للمقبرة، بعد دقائق من السير تسمرت فجأة في مكانها، اختبأت خلف جذع شجرة كبيرة وجذبت أسماء خلفها لتتابع ما يحدث بصمت...
أنت تقرأ
الثمن الباهظ- للكاتبه ملاك الجزائرية (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)
Roman d'amourجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ملاك الجزائرية الفيس بوك: روايات ما أحلاها إقتباس: ضحك بسخرية واضحة هذه المرة وهو يراقبها تلتقط هاتفها لتتصل برقم ما أرجح أنه والدها، نظرت إليه بخبث مردفة: -انتظر بضع دقائق وستعتذر... لم يعلق فقط استند بجسده على سيار...