أصر زميل له على اصطحابه معه إلى أحد المطاعم فاضطر للذهاب مرغما، هو يكره الاحتكاك بالناس، يحاول دائما الابتعاد عن الأشخاص المحيطين به، لكن لا خيار أمامه هذه المرة، وصل المطعم فجلس على مقعد وثير يتأمل المنظر أمامه بانتظار عودة زميله من الحمام، سمع صوتا أنثويا بات يحفظه جيدا فالتفت ليجدها بصحبة آدم، لم يستطع رؤية ملامحها لأنها كانت توليه ظهرها لكن بدا الغضب جليا في صوتها، لم يكن من الصعب معرفة أنها تقصده بكلامها، حاول آدم تنبيهها لوجوده لكن دون جدوى، واصلت الكلام وواصل الاستماع، صمتت أخيرا للحظة ثم التفتت لتشعر بصدمة أفقدتها القدرة على الكلام، حتى هو لم يجد ما يقوله، حافظ على هدوئه دون
إشاحة بصره عنها مما زاد في ارتباكها، حاول آدم تلطيف الجو فقال بمرحه المعتاد:
-مرحبا أستاذ... يبدو أنه مقدر لنا أن نلتقي مجددا...
هز إبراهيم رأسه محييا ثم أدار وجهه للجهة الأخرى.. كادت فاتن تقضم أظافرها من فرط التوتر، الآن أصبحت توقن أن حظها مشؤوم!
فكرت بالمغادرة لكن سرعان ما تراجعت، لن تهرب مجددا، لن تشعره بخوفها، هي أصلا ليست خائفة. حاولت تناسي الموقف لكن ارتباكها بدا واضحا لآدم الذي لا يزال جالسا أمامها...
-فاتن اهدئي، يبدو أنه سيغادر...
تظاهرت باللامبالاة مجيبة أنها لا تهتم لكن آدم يعلم أنها كاذبة فهي لم تأكل شيئا من طعامها لذلك فضل المغادرة، وقفا أمام عامل الدفع وهي تجاوره فأخبره العامل أن الفاتورة قد تم دفعها
مسبقا، شعرت فاتن بالدم يغلي في عروقها فسألته عن ثمن الطعام وعيناها تشتعلان نارا...
* * * *
دخلت الحضانة إلى جوار صديقتها بهدوء، سمعت أصوات الأطفال المشاغبة فحبست دمعتها من النزول عند تذكر حملها الذي لم يقدر له رؤية نور الدنيا، عادت بذاكرتها شهرين إلى الوراء؛ نتائج الاختبار تظهر أنها حامل!... كادت تفقد عقلها من الفرحة، ظنت أن الإنجاب سيعيد حياتها مع زوجها إلى ما كانت عليه، تذكر جيدا كيف كانت ردة فعل توفيق حين أخبرته بأبوته القريبة، جن جنونه ورفض الأمر جملة وتفصيلا، أخبرها أنه غير مستعد لتحمل مسؤولية فرد آخر يكفيه ما يقاسيه معها، أنهى كلامه بجملة لا تقبل النقاش:
-أجهضيه...
لم تصدق ما يقوله، ظنت أنه سيتراجع، سيلين ويحب طفله، لم تشفع لها دموعها للاحتفاظ بصغيرها فقد كان مصرا على التخلص من الحمل، احتد النقاش بينهما، كلاهما لا يريد التراجع، دفعها في لحظة غضب لتهوي من فوق الدرج وتستقر في بركة حمراء تعلن انتهاء حملها... أفاقت على صوت الصغيرة سارة تسأل والدتها:
-ماما من هذه؟
أجابتها جمانة وهي تقبل وجنتيها الصغيرتين:
أنت تقرأ
الثمن الباهظ- للكاتبه ملاك الجزائرية (الجزء الاول من سلسله لعنه الحب)
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه ملاك الجزائرية الفيس بوك: روايات ما أحلاها إقتباس: ضحك بسخرية واضحة هذه المرة وهو يراقبها تلتقط هاتفها لتتصل برقم ما أرجح أنه والدها، نظرت إليه بخبث مردفة: -انتظر بضع دقائق وستعتذر... لم يعلق فقط استند بجسده على سيار...