19

13K 480 32
                                    

~~ حبل الوريد ~~

(( الفصل التاسع عشر ))

_ صفق باب حجرة الذكريات .. وانتقل بخطوات عنيفة نحو حجرته ، نزع عنه معطفهُ الثقيل وفك أزرار قميصهُ .. كان جسدهُ شديد التعرق ، ولكنه لم يهتم بذلك في هذه الأجواء الباردة ..
قام بحشو الغليون خاصتهُ بالتبغ ، ثم أشعل بها النيران وكأنه يرى أحتراق صدره بدلًا من هذا التبغ .. كان يسحب أنفاسًا منها بشراسة وغلّ ، وأخيرًا أخرج هاتفهُ من جيب معطفهُ المُلقى على الأريكة وبدأ في مهاتفة شخص ما و... :

- هـا ، عرفت حاجة جديدة ، أه .. بقى كدا !

_ أفتر ثغره بإبتسامة شامتة ، ثم تابع :

- كويس أوي ، عايزك تبقى ضل ليها .. متفارقهاش لحظة

_ أغلق هاتفه وألقاه بعيدًا ، زفر الدخان من صدرهُ ثم ردد بفحيح :

- أول قلم هيترد ليكي يا .... ياأغلى من أغلى حاجة في حياتي

..................................................................

_ (( أنتي هتضيعي نفسك بأيدك ))

_ كانت تلك عبارة شقيقها عندما أبلغتهُ بقرارها .. فقد وافقت على الزواج من قُصي بعد كل هذه المطاردات الطويلة .. هي تعايش أسوأ لحظات حياتها على الأطلاق ، تظن إنها المتسببة في موت والدها .. ربما تود عقاب حالها، نظرت نحو شقيقها بنظرات خالية من الروح ، ثم تابعت :

- قُصي مش وحش أوي كدا ياكريم ، ولو وحش .. أنا هعتبر نفسي بتعاقب
كريم وقد أرتفع حاجبيه بإستغراب : تتعاقبي ! طب ليه ياكارمن .. انتي ملكيش ذنب في اللي حصل
كارمن وهي تبتسم بسخرية : أنا الذنب كله ياكريم ، عمومًا مش عايزة افتح مواضيع خلصت .. سيبني عايشة جواها لوحدي ، وانا مسؤلة عن قراري

_ دنا منها ليلاحظ خصلات شعرها الفوضوية ، فلملمها بأصابعهُ للخلف ..
أغمضت عينيها لتتذكرهُ ، عندما كان يتغزل في شعرها ويداعبهُ بأطراف أناملهُ فتنتشي .. أرادت أن تشتم رائحتهُ فتُرضي جوع أنفها لهذا العبق ، بينما قال شقيقها بصوت حاني :

- أنا جمبك ياحببتي ، صدقيني أنتي مش محتجاه .. أنتي قوية من غيره
كارمن وهي تهز رأسها بالنفي : أنا مش محتاجة قوتهُ
كريم : طب لــيه ياكارمن ؟

_ تمعن النظر لهذان البؤبؤان اللامعان ، ثم همس غير مصدقًا :

- بتغيظيه ؟!
- بنتقم منه

_ نهضت عن مقعد والدها سريعًا لتفر من حصار شقيقها ، بينما نطق الآخر بلهجة حادة :

- أنتي كدا بتنتقمي من نفسك !
كارمن بعناد شديد : أشمعنا أنا خسرت أغلى حاجة في حياتي ، أشمعنا انا ضاع مني أبويا .. هو كمان لازم يدوق طعم الفراق زي ما دوقتهُ
كريم رامشًا بعينيه عدة مرات : للدرجة دي !

حبل الوريد...للكاتبة المتميزة ..ياسمين عادلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن