35

13.1K 417 13
                                    

  ~~ حبل الوريد ~~

(( الفصل الخامس والثلاثين ))

_ لم تستطع زينة بعد كل تلك المحاولات الوصول للمشفى قبل أن يغادرها ريان ..
فقد علقت السيارة الأجرة التي أستقلتها بالزحام المروري ، مما أعاقها عن الوصول مبكرًا لتلحق به ..
وإن لم يكن زحام مروري ، فهو أيضًا انصرف عقب أن علم بحضورها..
فلا يرغب الإجتماع بها بأي شكل كان..
أستقلت المصعد الكهربي وهي تنتظر على أحر من الجمر لرؤيتهُ .. خشت أن تبصر بما لا تحبذهُ ، ولكنها لن تتراجع ..
دلفت زينة وعلى ملامحها تعابير غريبة ، لم تقوَ على منعها من أن تطفو على سطح وجهها ..
لاحظت كارمن ذلك منذ الوهلة الأولى ولكنها لم ترد أن تشعرها بذلك ..
تعاملت معها بودٍ يتناقض مع هذه الغيرة التي نمت بداخلها ، فرحبت بها ترحيبًا مزيفًا وهي تقول :

- أقعدي يازينة واقفة ليه ؟
زينة وهي تنظر حولها باحثة عنه : سوري لو جيتلك في وقت مش مناسب ولا حاجة
كارمن وهي تتعمد إظهار حقيقة إنصرافهُ : لأ طبعا متقوليش كده ، أنا قاعدة لوحدي وانتي هتونسيني لحد ما كريم يوصل
زينة وهي تجلس على طرف المقعد : هو.. آ.. ريان فين ؟ مش قولتي موجود !
كارمن وهي تبتسم إبتسامة صفراء باهتة : مشي بعد ما قفلتي معايا على طول ، عندهُ meeting مهم ، وكمان هو اللي شايل المشروع كله لحد ماأقوم بالسلامة
زينة وقد احتقن وجهها بحُمرة مغتاظة : ربنا يتم شفاكي بخير

_ أرادت الأنوثة الكامنة بداخلها أن تثير إستفزازها أكثر ، علها تتناسى فكرة الإقتراب مما لا يخصها ..
فابتسمت ببرود شديد وهي تردد مشيرة لزاوية الحجرة :

- في أيس كريم بالفراولة في التلاجة الصغيرة اللي هناك دي ، ريان لسه جايبهولي .. قومي خدي منهُ هيعجبك جدًا
زينة : ريان !
كارمن بوداعة مزيفة : آه ، سألني نفسك في إيه قولتله هاتلي أيس كريم .. بحب أكلهُ في الشتا أوي

_ هبت واقفة من مكانها بإندفاع ، وقد أشتعل صدرها بحرارة شديدة من فرط كتم غيظها .. شعرت بها كارمن ولكنها منعت إبتسامة سعيدة من التسرب لمحياها ..
ثم هتفت ببراءة :

- لسه بدري يازيزي خليكي شوية
زينة وهي ترفع حقيبتها على كتفها : لا كفاية عليا كده ، قصدي إني متأخرة وورايا مشوار لازم أعملهُ ، عن أذنك
كارمن وهي تلوح لها بكفها السليم : مع ألف سلامة يازيزي

_ وما أن خرجت حتى أنفجرت كارمن بالضحك الهيستيري ، مما أدمع عيناها .. ولكن أنقلبت الآية رأسًا على عقب ..
فقد تحولت دموعها الضاحكة لأخرى باكية ، عندما نظرت لذراعها المغلف بالشاش وتحسست رأسها التي بدأت تؤلمها من جديد ..
والدها ، حبيبها الذي هجرتهُ .. ذكريات طفولتها السعيدة ، وكيف كانت تجلس فوق ساقي والدها ليدللها گأميرة متوجة .. كل ذلك هاجم رأسها دفعة واحدة لتنفجر ببكاء متحسر ومتألم .. مسحت عبراتها وهي تنعي حالها :

- ليه كل ده بيحصلي !

_ شهقت شهقات مريرة وقد جف حلقها .. وتضاعف الألم عليها ليكون جسدي ونفسي ومعنوي ..
ما مرت به في الفترات الماضية لم يكن سهلًا عليها ..
والفاجعة الأكبر هي خسارتها لأغلى شئ بحياتها ، والدها ..
الذي كان السند والعضد والحماية ، حتى الآن لا تصدق إنها لن تراه طيلة حياتها مرة أخرى ..
فقد اشتاقت للمس لحيتهُ البيضاء المتناغمة مع خصلات سوداء كانت تزيد من وقاره ُ ..
فكان يحبذ منها تلك الحركة كثيرًا ، عندما كانت تدغدغ بشرته المختبئة أسفل لحيتهُ ..
أسندت رأسها على الوسادة فشعرت بنغزات برأسها مكان الأصابة .. لم تهتم ولم تعبأ ، فآلامها النفسية تعدت كل الآلام ..

حبل الوريد...للكاتبة المتميزة ..ياسمين عادلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن