الفصل الثالث

2.4K 66 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
لا تدع القراءة تلهيك عن الصلاة
الفصل الثالث
****************
دلفت زهرة الى الغرفة التي يتواجد بها رؤوف وما ان راته حتى قالت بتساؤل
زهرة: رؤوف هي توليب تكون وصلت كدا ولا لسه؟
رؤوف: مفروض تكون وصلت ،بس مش عارف هي متكلمتش ليه لغاية دلوقتي
زهرة: انا قلقانه اوي عليها ،حاسه  بعد الشر حصل ليها حاجه 
رؤوف: متقوليش كدا ،بعد الشر عليها ،هي اكيد انشغلت بس مش اكتر
جلست زهرة بجواره وهي تشعر ان قلبها منقبض بصورة مقلقة ولكنها لم ترد ان تنقل قلقها لرؤوف فحاولت تغيير الموضوع قائلة
زهرة: تفتكر ممكن السفريه دي تنسي توليب اللي حصل مع عدي
رؤوف: يارب يا زهرة ،انا زعلان اوي على توليب ،حاسس من يوم الحادثة وهي عامله زي اللي معندهاش روح
زهرة: عندك حق ،هي كانت بتحب
عدي الله يرحمه اوي ،عشان كدا مستحملتش انه يروح منها بس ده قضاء وقدر ،هتفضل لغاية امتى عايشه على ذكراه
رؤوف: ربنا يريح قلبها وتقابل الانسان اللي يقدر يخليها تنسي عدي الله يرحمه وتبدأ حياتها من جديد تاني
زهرة: يارب يا رؤوف يارب
تنهد رؤوف وهي يحتضن زهرة الى صدره فعلى الرغم من هدوءه الظاهري الا انه يشعر بالقلق الشديد على توليب
********
رفع مهران رأسه ونظر لأيهم الذي
يبدوا عليه الانشغال بأمر ما على هاتفه وقال
مهران: تصدق انا مكنتش اعرف ان بيلسان تبقى صاحبة المطعم انا افتكرتها شغاله فيه
ايهم: وهو ينظر اليه: وانا كمان كنت فاكرها شغاله فيه عشان كانت لابسه زي اللي شغالين في المطعم
مهران: واضح انها انسانه طموحه ،لانها رغم صغر سنها بقى عندها مشروع خاص بيها
ايهم: فعلا ،بصراحه انا لما عرفت انها وصلتك لوحدها افتكرت انها انسانه مستهتره بس بعد ما شوفتها
النهاردة واخدت بالي من تعاملها مع اللي حوليها غيرت رأيي ،بس مش عارف ليه حاسس اني شوفتها قبل كدا فين مش فاكر
مهران: وانا كمان حاسس ان وشها مش غريب عليا بس معرفش بردوا شوفتها فين
حرك ايهم رأسه بالايجاب وحاول ان يقوم بالاتصال بشقيقه مرة اخرى ولكنه لم يتمكن من فعل ذلك ،نظر لوالده وابتسم له كي لا يشعره بالقلق المسيطر عليه وقال
ايهم: بس بصراحه يا بابا انا مش عارف حضرتك اصريت ليه تكون المقابلة بتاعت الوفد الالماني عندها
في المطعم ،انا معترف ان المطعم شيك جدا وذوقه عالي اوي ،بس كنا نقدر نعزمهم في مكان تاني ومكنش لازم تحجز فيه
مهران: بالعكس انا شايف انه هيكون مناسب جدا لمقابلة الوفد ،وكمان لازم كلنا نشجع المشاريع الصغيره دي عشان تكبر وزي انت ما قولت المطعم شيك يبقى ليه لا
ايهم: على رأيك ،على العموم انا هبلغ السكرتيرة بمكان المطعم عشان تبقى تروح وتتابع الترتيبات بنفسها
مهران: تمام زي ما تشوف
حرك ايهم رأسه بالايجاب مرة اخرى
ثم نظر لهاتفه في محاولة للأتصال بأياس ولكنه لم يتمكن من ذلك
*********
تحركت ليلاف بحيرة في غرفتها لا تعلم مدى صواب ما ستفعله ولكنها اتخذت قرارها وانتهى الامر فلابد ان تقدم بعض التنازلات لافيندار لعلها تستطيع منحه بعض الراحة التي يمنحها اياها ،تأكدت من احتشام منامتها الوردية التي كان ينتشر علي سروالها الورود البيضاء الصغيرة وخرجت من الغرفة واتجهت الى الاريكة التي يستلقي عليها افيندار وما ان لاحظ اقترابها حتى أعتدل في نومه وهو يتسائل بقلق
افيندار: مالك يا ليلاف ؟  فيه حاجة ولا ايه؟
ليلاف: ابدا انا بس كنت عايزاك تيجي تنام على السرير جوه لان الكنبه مش مريحه خالص بالنسبه ليك
افيندار: بتساؤل: وانتِ هتنامي فين ؟ انا لا يمكن ارضى انك تنامي على الكنبه مهما حصل
ليلاف: بتوتر: لا ما انا كنت بقول انك ممكن تنام على السرير جنبي عادي ،السرير اصلاً واسع اوي
نظر افيندار اليها قليلاً وهو يشعر بالذهول من اقتراحها فلم يكن يتوقع ابداً ان تقترح ان يشاركها الفراش
ولكن على الرغم من سعادته بهذا الاقتراح الا انه لا يستطيع الموافقة عليه فليس بأمكانه ان يستلقى بجوارها دون ان يكن بأمكانه ضمها اليه ،اغمض عينيه وهو يقول بصوت خفيض
افيندار: لا مش هينفع انا مرتاح هنا
ليلاف: بقلة حيلة: خلاص انا كمان هنام على الكنبه التانيه هنا
افيندار: وهو يقف: لا طبعاً انتِ لازم ترتاحي عشان الجامعه بتاعتك ونومة الكنبه مش مريحه خالص
ليلاف: بعناد: قول الكلام ده لنفسك وكمان انا واثقه فيك ومش ممانعه
انك تنام معايا في الاوضة ليه بقى انت عامل منها مشكله
افيندار: مش مشكلة انا بس...
ليلاف: مقاطعة: خلاص يلا بينا على جوه يا كدا يا اما هنام انا كمان هنا
نظر افيندار لها وعلم انها ستفعل ما تقوله فأحنى رأسه وهو يتجه الى الغرفة فتبعته ليلاف وهي تشعر بالسعادة فعلى الاقل استطاعت ان تريح جسده من الاستلقاء الغير مريح على تلك الاريكة الصغيرة ولكنها لم تكن تعلم انها قد اهلكته عاطفيناً فكم حجم السيطرة التي يجب ان يمارسها على ذاته كي لا تتمرد انامله وتقوم بلمسها ،استلقى كلاً منهم على جانب
من الفراش وغطت ليلاف في نوم عميق فهي تعلم ان افيندار لن يؤذيها ابداً ،اما افيندار كان كمن يستلقي على جمر
**********
فتح اياس عينيه وهو يشعر بالالم يجتاح كل عضلات جسده وما ان ادرك عقله ما حدث له وتأملت عينيه ما حوله حتى ادرك انه مازال على مقعد الطائرة الخاص به بينما حزام الامان مازال حول جسده ولكن المقعد كان معلق رأساً على عقب ،اغمض عينيه بألم عندما شعر بالكدمات التي تملئ جسده ،فتح عينيه وقام بتحرير جسده من حزام الامان ليسقط ارضاً
وهو يأن بألم ،جلس قليلا كي يستعيد توازنه وادرك ان الطائرة قد سقطت وتناثرت اشلائها في كل مكان  ،فوقف مسرعاً واخذ يتفحص من حوله لعله يجد من هو على قيد الحياة منهم ولكنه لم يوفق في ذلك فكل من حوله قتلى منهم من تأثر جسده بأنفجار الطائرة ومنهم من قتل بسبب اختراق القطع المعدنية بجسده ومنهم من يبدوا جسده سليماً ولكنه ليس على قيد الحياة ،تنهد بحزن ونظر حوله وهو يبتعد عن الجثث المحاطة به لعله يجد من يساعده ،سار قليلا قبل ان يشعر بالالم يزداد في كتفه فرفع كفه ليتلمسه فوجد اصابعه قد اصبحت
حمراء من الدماء التي عليها وقبل ان يشعر بالهلع سمع أنات قادمة من مكان قريب منه فتناسى كتفه واتجه بأتجاه الصوت الخافت لعله يجد من على قيد الحياة غيره وبالفعل وجد قسماً اخر من الطائرة قد نال ما نال من الجثث المتفحمة ولكن الانات الخافتة مازالت تخرج منه فأخذ يبعد الجثث المتراكمة ليصل اخيراً الى صاحبة الصوت التي كان وجهها مغطى بالدماء ويبدوا انها تفيق من اغمائها ،قام بتحريرها من مقعدها وحملها واتجه بها الى احدى الاشجار القريبة ووضعها بأسفلها واتجه مرة اخرى الى الحطام لعله يجد احياء
اخرين ولكنه لم يوفق فعاد للفتاة المصابة بينما يشعر ان الم كتفه يزداد وبالفعل تمكن من الوصول الى الشجرة وجلس بجوارها قبل ان يفقد الوعي مرة اخرى
***********
تحركت بيلسان بتوتر فتوليب لم تهاتفها الى الان وعلمت من والدي توليب انها لم تهاتفهم ايضاً ،شعرت بالخوف الشديد فتوليب ليست من النوع المستهتر او اللامبالي فأذا لم تهاتفهم فلابد ان هناك ما حدث لها ،خرجت من افكارها على اقتراب الطاهي الخاص بالمطعم منها وكان رجلاً ضخم الجسد تصل قامته الى
المترين تقريباً وملامحه رجولية متجهمة وما ان وقف بجوارها حتى قال بصوت هادئ لا يمت بصلة لجسده الضخم
الرجل: البنات اللي جايين عشان خاطر الشغل وصلوا يا انسه ادخلهم لحضرتك ولا اعمل ايه
بيلسان: معلش يا معتصم قابلهم انت واللي تنفع فيهم شغلها الا انا دماغي مشغوله اوي دلوقتي
معتصم: فيه ايه مالك ؟
بيلسان: وهي تتنهد: ابداً انا بس قلقانه على توليب اوي
معتصم: متقلقيش ان شاء الله هتكون
بخير وهتكلمك وتطمني عليها
بيلسان: ان شاء الله ،معلش ممكن اروح انا وانت تبقى تقفل المطعم
معتصم: ماشي زي ما تحبي ،اعدي عليكِ وانا مروح اجبلك المفتاح ولا ابقى اجي بكره بدري افتح انا
بيلسان: لا خليه معاك انا معايل نسخه تانيه ابقى افتح بيها بكره ،وكمان الدار امان يا معتصم
معتصم: بأبتسامة: شكراً يا انسه بيلسان بعد اذن حضرتك
ابتسمت له بيلسان وراقبت خروجه من الغرفة وهي تتذكر الماضي فقد كان معتصم دائماً بجوارها حتى بعد
ان تركت كل شيء لتفتتح مطعمها الخاص ،وقف بجوارها واصبح الطاهي الخاص بالمطعم ،تنهدت وهي تنظر الى هاتفها لتحاول مهاتفة توليب مرة اخرى وهي تتجه الى الخارج لتعود الى شقتها
*********
فتحت توليب عينيها بصعوبة وهي تشعر بألم يجتاح مقدمة رأسها بقوة ،نظرت حولها بتشوش بينما يستعيد عقلها ما حدث في الدقائق الاخيرة قبل ان تفقد وعيها ،ما ان ادركت ما حدث حتى احتضنت جسدها بين ذراعيها بينما تشعر ان جسدها بالكامل يرتجف ،ترجم عقلها على
الفور ما حولها ولاحظت الرجل المستلقى بجوارها فاقداً للوعي ونظراً لابتعادها عن مكان تحطم الطائرة علمت انه قد قام بحملها وابعادها عن الحطام ،نظرت له بتفحص ووضعت اناملها على العرق النابض في عنقه وعملها كطبيبة قد تمكن من التغلب على ارتجافها ،لاحظت الجرح النازف في كتفه فيبدوا انه قد جرح اثناء تحطم الطائرة ،وقفت وهي تتغلب على ارتجاف قدميها واخذت تبحث حولها لعلها تجد ما يمكنها استعماله لتنظيف الجرح وايقاف نزيفه ،بعد السير لبضعة خطوات وجدت ان الطائرة قد سقطت في
احدى الغابات ولحسن الحظ كان بالقرب منهم بحيرة صغيرة فأتجهت مسرعة لتبحث عن ما بأمكانها استعماله من الحقائب المتناثرة في كل مكان وقد اصابها ما اصاب جميع الطائرة من اضرار وحروق ولكنها بعد بحث دام قليلا تمكنت من الحصول على قطعة ملابس نظيفة ،اتجخت مرة اخرى الى الرجل الفاقد للوعي وحاولت ان تقوم بإيفاقه
توليب: لو سمحت ،حاول تفتح عينيك لو سامع صوتي
لاحظت توليب ارتجاف جفني الرجل ومحاولاته الفاشلة في فتح عينيه
توليب: طيب انا هحاول اساعدك تقف
عشان نوصل للبحيرة القريبة دي جرحك لازم يتنضف
حاولت ان تساعده على الوقوف وتمكنت من فعل ذلك عندما قام الرجل بمحاولة الوقوف بمساعدتها وبعد لحظات كان مستلقي بجوار البحيرة بينما تمكنت توليب من نزع معطفه والقميص الخاص به وقامت بتنظيف جرحه الذي كان يبدوا غائراً الى حد ما ،وما ان انتهت حتى تفحصت جبهتها بأناملها وشكرت الله لان الجرح كان سطحياً وبعد ان انتهت جلست بجوار الرجل ولم تستطع ان تتحكم في دموعها واخذت تبكي على ما حدث بينما تنظر حولها
وتشاهد الجثث الملقاة في كل مكان ولاحظت ان مقدمة الطائرة غير موجودة واخذت تتسائل هل هناك ناجون اخرون غيرهم
*********
في اليوم التالي
نظر افيندار بطرف عينيه الى ليلاف التي ترقد بجواره على الفراش وتأمل ملامحها النائمة بينما يغطي شعرها الذهبي القصير عينيها المغمضتان ،تنهد بأرهاق فهو لم يغمض له جفن منذ الامس وكيف يفعل ذلك وبجواره ترقد معشوقته ،لقد جلس طوال الليل يتأمل ملامحها بعشق ويفكر كيف بأمكانه ان يعشقها اكثر مما يفعل ،تمردت انامله ووصلت الى خصلات شعرها لتبعدها عن عينيها ليتمكن من تأمل ملامحها كاملة فلقد احب تلك الصغيرة الراقدة بجواره منذ ان كانت طفلة ذات الخمس سنوات فقد كان يكبرها بعشر سنوات وكان دائماً بجوارها عندما تحتاج اليه ،ابتسم بحب وهو يتذكر الليالي التي كان يستيقظ فزعاً بسبب الجسد الذي اندس بين احضانه ليجد انها فتاته التي رآت احدى الكوابيس فقررت ان تندس بين احضانه تلتمس الامان ،لم تكن تلجأ لوالديها او لعمها وزوجته ولا لداغر الذي كان يكبرهم عمراً لا كانت تلجأ اليه هو ،تذكر بحزن عندما ارغمه والديه على السفر الى الخارج لاكمال دراسته الجامعية وكيف شعر بتغير معاملتها معه عندما عاد وكانت قد اصبحت تبلغ الخامسة عشر من عمرها ولم تعد تقفز الى احضانه كما كانت تفعل بل اصبحت اكثر ابتعاداً عنه ،افاق من شروده على تململها بجواره فعلم انها ستستيقظ من نومها فأغمض عينيه يدعي النوم حتى لا تعلم انه قد كان يتأمل ملامحها
**********
خرجت الماس من المطار بينما يسير داغر بجوارها وما ان استقلوا السيارة التي ستقوم بإيصالهم الى الفندق الذي سيقيمون به حتى تحدث داغر قائلاً باللغة العربية
داغر: حسب الاوراق بتاعتنا احنا هنا بصفتنا اثنين متجوزين وجايين نقضي شهر العسل لازم محدش يأخد
باله اننا في مهمة
الماس: ببرود: واضح انك مأخدتش بالك ان انا قريت نفس الورق اللي انت قريته يعني عارفه المطلوب مني كويس اوي
داغر: يعني انا غلطان اني بتكلم معاكي ،احنا مفروض عرسان في شهر العسل يعني مطلوب منك على الاقل انك تضحكي في وشي عشان محدش يشك فينا
حركت الماس رأسها بالايجاب ونظرت من النافذة القريبة منها وهي تفكر ان داغر لا يزال يعتقد انها غير كفء لتلك المهمة ولكنها سوف تثبت له انها لم تعد الماس الطفلة التي كان
يسخر دائماً منها
***********
كانت بيلسان في المطعم ويبدوا على وجهها الارهاق الشديد بسبب جلوسها طوال الليل بجوار الهاتف تنتظر مهاتفة توليب لها ولكنها لم تفعل ، جلست على احدى المقاعد الموجودة بمدخل المطبخ تتصفح الاخبار على هاتفها كما تفعل كل يوم بينما تستمع لصوت الاشخاص الذين يعملون في المطبخ يثرثرون كعادتهم اثناء العمل ،اتسعت عينيها وهي تقرأ خبر سقوط الطائرة التي كانت تستقلها توليب ،اكملت قراءة المقالة ودموعها تنهال على وجنتيها فقد علمت ان الطائرة قد سقطت في مكان ما بالقرب من انجلترا بسبب سوء الاحوال الجوية ومازال البحث جاري عن الطائرة وركابها ،تعالت شهقات بيلسان وهي تحاول مهاتفة صديقتها مرة اخرى فلن تستطيع احتمال فقدانها هي الاخرى
*********

رواية العذاب انتِ... انجي عصام الدين .... مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن