الفصل الرابع

2.2K 70 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
لا تدع القراءة تلهيك عن الصلاة
الفصل الرابع
************************
اخذت الماس ترتب ملابسها وتضعها في الخزينة الخاصة بها بينما يقوم داغر بترتيب ملابسه هو الاخر في خزينته فسوف يقيمون معاً في غرفة واحدة لتأكيد دورهم كثنائي متزوج ،انتهت الماس مما تفعل واتجهت لتجلس على الفراش حتى تهاتف والديها ولكنها رفعت رأسها لداغر عندما سمعته يقول
داغر: طيب مدام هتقعدي تعالي
ساعديني ينوبك ثواب
الماس: واساعدك ليه ،هو انت صغير
داغر: بمزاح: فيه بردوا واحده ترد على جوزها كدا
قلبت الماس عينيها ووضعت الهاتف على اذنها لتتحدث مع عائلتها ولكن هاتفهم كان خارج التغطية فوقفت واتجهت الى المرحاض لتقوم بالاغتسال وتبديل ملابسها وما ان انتهت حتى خرجت من المرحاض وهي ترتدي منامة قصيرة باللون الزيتي بينما شعرها مجموع في عصبة خلف رأسها واتجهت للفراش لتتمدد غافلة عن الاعين المتسعة لداغر الذي يراها لاول مرة بتلك
الانوثة التي اظهرتها منامتها القصيرة والتي تناسب لون بشرتها لتجعلها تبدوا لامعة وما ان افاق من ذهوله
حتى اتجه اليها وهو يحاول ان يفيق من دوامة افكاره وقال
داغر: هو انتِ خلاص قررتي انك هتنامي على السرير ولا ايه؟
الماس: بلامبالاة: امال هنام فين على الارض ،انا هنام على السرير وانت روح نام على الكنبه
داغر: يا سلام ومنامش جنبك على السرير ليه
اقرن داغر حديثة بالفعل وتمدد على ظهره بجوارها على الفراش فما كان منها سوى انها رفعت ساقيها ودفعته بقوة ليسقط ارضاً وهو يتأوه بألم واعتدل وهو يقول بغضب بينما يمسد ظهره بكفيه
داغر: ايه الغشوميه دي يا الماس انتِ اتهبلتي توقعيني كدا
الماس:بتهديد: وهعمل كدا كل مرة تحاول تنام جنبي على السرير ،ودلوقتي بقى تصبح على خير عندنا شغل كتير بكره
اغمضت الماس عينيها وادعت النوم بينما نظر لها داغر بحنق واتجه هو يسير بألم الى الاريكة ليتمدد عليها وهو يفكر في ما سيفعله مع الماس طوال فترة مهمتهم فهو يشعر انه قد
قام بتوريط نفسه في مشكلة اكبر مما كان يشعر فألماس لم تعد الفتاة النحيلة للغاية التي كان دائماً يدعوها بالعلقة بسبب التصاقها الغير طبيعي به
********
فتح اياس عينيه وجد انه بالقرب من بحيرة ما وشعر بالالم في كتفه فرفع ذراعه ليتلمسها ووجد انها  مضمدة تذكر لمحات قليلة من الفتاة التي قام بأخراجها من الحطام وهي تقوم بمساندته ليقترب من البحيرة وتقوم بمداواة جرحه ،نظر حوله ليبحث عنها وجدها تجلس بالقرب من البحيرة فوقف بصعوبة واقترب منها وهو يقول
اياس: انتِ عامله ايه دلوقتي ؟
توليب: وهي تنظر اليه: الحمد لله ،انت اللي عامل ايه ؟ كتفك بيوجعك
اياس:بألم: شويه بس الحمد لله على كل حاجه ،وشكراَ بجد ليكِ على اللي عملتيه معايا
توليب: لا شكر على واجب ،انا معملتش حاجه وكمان مفروض انا اللي اشكرك انك طلعتني من الطيارة
ابتسم اياس ونظر لتوليب بتمعن وهو يمد ذراعه لها مصافحاً وهو يقول
اياس: انا اياس مهران
توليب: وهي تصافحه: توليب رؤوف ،اتشرفت بمعرفتك
اياس: وهو يجلس: الشرف ليا ،تفتكري ممكن يكون فيه ناس غيرنا عايشيين
توليب: مش عارفه بس يارب يكون فعلا في ناس عايشه
اياس: يارب ،احنا لازم نبدأ نتحرك ونخرج لمكان مفتوح يمكن نلاقي حد يقدر يساعدنا
توليب:وهي تقف: ياريت والله عشان
انا لاحظت ان مفيش شبكه هنا خالص ،وحاولت اكلم اهلي ومعرفتش
اياس: اكيد زمانهم قلقانين وخصوصاً ان اكيد المطار بلغ ان الطيارة وقعت
حركت توليب رأسها بالايجاب وهي تسير بجوار اياس وتجنبت النظر بأتجاه الجثث المتراكمة بجانب الطائرة حتى لا تبكي مرة اخرى فقد قضت الساعات الاخيرة في البكاء على ما حدث ،بينما اياس يسير بجوارها وهو يشعر بالالم يزداد في كتفه ويدعو الله ان يجدوا المساعدة بالقرب من هنا
********
احتضنت بيلسان زهرة واخذت تربت على ظهرها وهي تقول محاولة تخفيف وقع الخبر عليها
بيلسان: ان شاء الله هتكون بخير ،انا متأكدة من كدا ،ان شاء الله هترجع لينا بالسلامه
زهرة: ازاي بس والطيارة وقعت واي حد نسأله يقول انهم ميعرفوش هي وقعت فين بالظبط
بيلسان: ان شاء الله هيلاقوها وتوليب هتكون بخير
زهرة:ببكاء: بذمتك انتِ مصدقه اللي انتِ بتقوليه ده ،انا وانتِ عارفين ان توليب احتمال كبير اوي تكون .....
صمتت زهرة فقد تغلب البكاء على صوتها وأخذت تبكي بحرقة فأحتضنتها بيلسان واخذت تبكي هي ايضاً فهي تعلم جيداً ان احتمال نجاة توليب ضعيف للغاية ،بكت اكثر وهي تفكر انها لن تستطيع تحمل فقدانها فقد فقدت الكثير في الماضي ولم تعد تستطع فقدان اي شخص اخر
*******
عادت ليلاف من الجامعة مع افيندار كعادتها كل يوم وكانت تشعر بالسعادة بداخلها بسبب شعورها بأنها تمكنت من اراحة افيندار من الاريكة الصغيرة التي كانت تحطم عظامه ،دلفت للمطبخ لتقوم بتجهيز الطعام وشردت قليلا في والدها الذي يخبرها دائماً عندما تهاتفه انه بخير ولكنها تشعر انه يخفي عنها الحقيقة وانه
مازال مريضاً ،لمحت بطرف عينيها افيندار الذي دلف الى المطبخ ليعاونها على تحضير الطعام كما يفعل دائماً فلم تستطع ان تمنع نفسها من ان تسأله قائلة
ليلاف: افيندار هو بابا عامل ايه على العلاج وارجوك قول ليا الحقيقة متكذبش عليا
افيندار: بحيرة: مش انتِ كلمتيه النهاردة الصبح واطمنتي عليه
ليلاف: انا كلمته بس حسيت انه مخبي عليا حاجه ،عشان خاطري قولي بابا كويس
افيندار: وهو يقترب منها: انتِ عارفه
ان عمي ربنا يشفيه لما سافر كان تعبان اوي والمرض كان عنده من فتره كبيره وهو كان مهمل في نفسه ،عشان كدا العلاج هيأخد فتره عقبال ما يجيب نتيجة وكمان هو مبقالوش كتير بيتعالج دول كلهم شهرين
ليلاف: بدموع: انا خايفه عليه اوي ،انا ماليش غيره في الدنيا دي كلها لو راح مني انا هعمل ايه
افيندار: بحزن: ملكيش غيره ،امال انا روحت فين ،انتِ ليه كدا ،ايه اللي حصل ليكي انا معرفوش ،ليه بتعملي معايا كدا
ليلاف: بعدم فهم: كدا ،كدا ازاي مش فاهمه انت تقصد ايه
افيندار: وهو يبتعد عنها : ولا حاجه
متتعبيش نفسك وتعملي اكل انا هكلم المطعم يبعت لينا اكل دليفري
ابتعد افيندار عنها وخرج من المطبخ وملامحه يعتليها الحزن بينما وقفت ليلاف في المطبخ تفكر في سبب تغيره المفاجئ وما الذي قالته او فعلته سبب له الحزن ،تنهدت بحيرة وتركت ما بيدها وخرجت من المطبخ لتقف في الشرفة قليلاً وهي تراقبه يخبر عامل تلقي الطلبات بطلبهم
********
عاد ايهم مع والده الى منزلهم وهو يشعر بالقلق الشديد على شقيقه الذي
لا يعلم عنه اي شيء الى الان ،نظر بطرف عينيه الى والده الذي كان وجهه مازال يعتليه الشحوب ويبدوا انه سيفقد وعيه في اي وقت وتنهد بحزن على ما حدث  معهم فشقيقه قد سقطت طائرته ووالده لن يحتمل سماع اي خبر سيء عن اياس فمنذ أن علم بسقوط الطائرة وجسده يرتجف بصورة ارغمت ايهم على الالتصاق به في كل مكان حتى لا يسقط ارضاً ،تذكر لقاءة مع بيلسان التي كانت تنتظر مع رجل وامرأه في قاعة الانتظار وعلم ان صديقتها على متن نفس الطائرة ومن معها هم عائلة صديقتها ،تنهد بحزن فتلك المرة
الاولى التي يشعر فيها بالعجز وعدم القدرة على فعل اي شيء ،جلس على المقعد وهو يبحث عن اي اخبار جديدة قد تكون قد توصلت اليها ادارة المطار ولكن ما من جديد ،اغمض عينيه بأرهاق وهو يدعو الله ان يكون شقيقه بخير هو ومن معه
*******
خرجت بيلسان بأرهاق من المطعم فقد اضطرت الى المجيء اليه للاطمئنان. على كل شيء فمنذ ان قرأت الخبر المشؤوم وهي مع عائلة توليب في المطار ولم تتركهم للحظة واحده وتركت المطعم تحت ادارة معتصم ،تنهدت بأرهاق وهي تعبر
الطريق لتتمكن من استقلال سيارة اجرة لإيصالها لشقتها ولكن توقفت امامها سيارة سوداء ضخمة وقبل ان تبتعد جذبتها ذراعان مفتولتان الى داخل السيارة ولم تستطع المقاومة او الصراخ بسبب قطعة القماش المبللة التي وضعت على انفها لتفقد الوعي في غضون ثواني معدودة
********
تحرك داغر بأنزعاج فالاريكة غير مريحة بالمرة ويشعر ان جسده قد اصابته الكدمات من صغر حجمها ،نظر بحقد لالماس التي يبدوا انها تغط في نوم عميق على الفراش الواسع الذي تحتله بمفردها ،جلس
على الاريكة وهو يفكر في ما سيفعله فيجب ان يرتاح قليلاً حتى يستطيع الاستيقاظ بنشاط في الغد فبأنتظارة يوم طويل يجب ان يكون لديه الطاقة لانهاءه ،نظر بخبث لالماس النائمة ووقف وتحرك ببطء شديد وصعد على الفراش بجوارها بهدوء حتى لا يوقظها وهو يفكر ان بأمكانه النوم بجوارها لبضع ساعات ثم الاستيقاظ مبكراً قبل استيقاظها ليعود الى الاريكة حتى لا تعلم انه كان بجوارها ،ابتسم بخبث وهو يغمض عينيه فأذا كانت تظن انها ذكية فهو اذكى منها بمراحل ،ولن تشعر بأنه قد صعد بجوارها********
فتح افيندار عينيه وهو لا يعلم ما الذي ايقظه ولكنه عرف سبب استيقاظة عندما نظر بجواره فقد كانت ليلاف ترتجف بينما وجهها مغطى بحبات العرق ويبدوا انها تعاني من كابوس ما ،وضع كفه بخفة على كتفها واخذ يربت بهدوء عليه حتى يوقظها وما ان فعل حتى جلسة مرة واحدة على الفراش وهي تأخذ نفساً عميقاً وكأنها كانت تغرق فربت على ظهرها بهدوء وهو يقول بصوت خفيض حتى لا يفزعها
افيندار: اهدي يا ليلاف ،انتِ كنتي بتحلمي اهدي
لم تجيبه ليلاف ولكنها نظرت اليه
وعينيها مليئة بالدموع فبدت له كالطفلة الخائفة وبدون تفكير ضمها الى صدره كما كان يفعل في الماضي ،توقع ان تدفعه بعيداً عنها ولكن ما اثار ذهوله انها دفنت رأسها في صدره واحتضنت جسده بذراعيها المرتجفتان فحملها ووضعها فوق ساقيه وهو يميل بها للأمام والخلف ويحتضن خصرها بأحدى ذراعيه بينما يربت بالاخرى على ظهرها حتى شعر بهدوءها فعلم انها قد غفت مرة اخرى ،اراد ان يعيدها الى الفراش ولكن جسده لم يستجب لما يريد فأراح ظهره للخلف وقام بتعديلها لتظل مستلقية فوقة واغمض عينيه بسعادة وهو يتذكر انها دائماً ما كانت تغفو فوق صدره ،ارتسمت على شفتيه ابتسامة عاشقة وهو لا يصدق انها بهذا القرب منه
*********
شعرت توليب ان ساقيها لم تعدا تحملانها فهما يسيران منذ اكثر من ساعتين ولم يصلا لاي مكان بل كل ما يحيط بهما هو الاشجار فقط لا غير ،نظرت لأياس الذي يرفع كفه ليضعه على كتفه بين الحين والاخر فعلمت انه يشعر بالالم ،وعلى ذكر الالم شعرت برأسها يؤلمها بقوة وتشعر بالجوع الشديد ،نظرت لاياس لتخبره بأن يجلسوا قليلاً لينالوا قدراً من الراحة ولكنها وجدته ينظر امامه بذهول فنظرت هي الاخري لما ينظر اليه لتتسع عينيها مما رأت ،فقد كانت تنظر مباشرة البحر ،اسرعت في سيرها لعلها تجد اي شخص ليساعدهم ولكن لم يكن هناك احد بطول الشاطئ ،عادت ببصرها الى اياس الذي كان يجلس بالقرب من الاشجار فعادت اليه وهي تقول بقلق
توليب: مالك انت تعبت تاني ولا ايه؟
اياس: مش عارف حسيت بدوخه مرة واحده مش عارف ليه
توليب: اكيد بسبب الدم اللي انت نزفته ،لازم نلاقي اي حاجه نأكلها بسرعه لازم تعوض الدم ده
نظر اياس حوله بقلة حيلة فقد كان لا يحيط بهم سوى الاشجار والاشجار ومزيد من الاشجار ،تنهد وهو ينظر لتوليب ويقول
اياس: وهنجيب منين اكل ،انتِ شايفه المكان اللي احنا فيه
توليب:عندك حق بس مش هينفع نفضل كدا
وقفت توليب مرة اخرى ونظرت حولهم فوجدت بعد عدة امتار على مدى بصرها اشجار تشبه اشجار الموز فنظرت لإياس وهي تقول بسعادة
توليب: بيتهيقلي فيه قدام شويه شجر موز ،تعالى نروح نشوفه
اياس: وهو يقف: يلا بينا
سارا معاً حتى وصلوا الى الاشجار ولحسن حظهم كانت بالفعل الكثير من اشجار الموز فجلسوا ارضاً يتناولون الطعام المتاح لديهم حالياً
*********

رواية العذاب انتِ... انجي عصام الدين .... مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن